أظهرت دراسة جديدة أن فقدان السمع يرتبط بحدوث تغيرات هيكلية في أجزاء من الدماغ تسبب ظهور أعراض الخرف.

مناطق الدماغ المتضررة من فقدان السمع هي المناطق المرتبطة بالانتباه وتنفيذ الوظائف في القشرة الأمامية، والمناطق السمعية في الفص الصدغي أيضًا.

قد وجدت الأبحاث السابقة أن فقدان السمع يرتبط بالخرف؛ مع أن العلاقة بين الأمرين ما تزال بحاجة إلى توضيح.

تدرس الأبحاث القادمة إمكانية عكس هذه التغييرات باستخدام أدوات السمع.

يرتبط فقدان السمع بضعف الإدراك والخرف، إذ وجدت دراسة تاريخية أُجريت عام 2020 أن الذين يعانون فقدان السمع هم أكثر عرضة للإصابة بالخرف. ومع أن الارتباط بين الحالتين واضح، فإن العلاقة بينهما ما تزال مبهمة.

وجدت دراسة جديدة أن الذين يعانون ضعف السمع يظهرون اختلافات في البنية في مناطق القشرة الأمامية المرتبطة بتنفيذ الوظائف ومعالجة الكلام واللغة، وأنها تظهر تغيرات في المناطق السمعية في الفص الصدغي للدماغ.

حدد باحثون من جامعة كاليفورنيا وسان دييغو ومعهد كايزر بيرماننت لأبحاث الصحة في واشنطن هذه المناطق عبر اختبارات السمع والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).

شملت الدراسة 130 مشاركًا في دراسة رانشو بيرناردو للشيخوخة الصحية. بلغ متوسط عمر الأفراد 76.4 سنة، و65% منهم من النساء.

فحص الباحثون سمع المشاركين بين عامي 2003 و2005، وفي ذلك الوقت اختُبرت آذانهم ذات السمع الأفضل لمعرفة متوسط قدرتها على سماع مجموعة من طبقات الصوت التي تُنتج عند 500، و1000، و2000، و4000 هرتز. تقع هذه النغمات تقريبًا في منتصف نطاق السمع البشري.

أُجريت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي بين عامي 2014 و2016، وفي ذلك الوقت لوحظت الاختلافات الهيكلية في أدمغة المشاركين.

كيف يؤثر فقدان السمع في الدماغ؟

أوضحت الدكتورة ليندا ماكيفوي أن مناطق الدماغ التي وجدت الدراسة أنها تختلف بين الأشخاص الذين يعانون فقدان السمع والذين لا يعانون منه ليست نفسها مناطق الدماغ الأكثر تأثرًا في مرض ألزهايمر؛ إذ إن المناطق الأكثر تأثرًا هي هياكل الفص الصدغي الإنسي مثل الحصين التي تعتبر ضرورية للذاكرة.

قالت الدكتورة ماكفوي: «بدلًا من ذلك، لاحظنا اختلافات في المناطق المتعلقة بالسمع والكلام والانتباه. نحن بحاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث لنفهم حقًا كيف يزيد ضعف السمع من خطر الإصابة بالخرف».

أشار البروفيسور جيسون وارن من University College London بالمملكة المتحدة، إلى أن الروابط بين فقدان السمع وتغيرات الدماغ والخرف تظل معقدة للغاية، وذلك لعدة أسباب رئيسية.

أولاً، حذّر من: مع أن فقدان السمع قد يرتبط بتغيرات في الدماغ بل وحتى بالتدهور الإدراكي، فإن هذا ليس مثل القول بأن فقدان السمع يسبب مرض ألزهايمر.

ثانيًا، أشار إلى أن مجرد الارتباط بين شيئين -مثل فقدان السمع والخرف- لا يعني بالضرورة وجود علاقة سببية بينهما إطلاقًا.

واصفًا العلاقة بأنها تشبه مشكلة الدجاجة والبيضة، وقال: «قد يُكشف عن الخرف عبر فقدان السمع، ولكن قد يتسبب الخرف أيضًا في حدوث فقدان السمع في حد ذاته، فنحن لا نعلم من أتى أولًا الدجاجة أم البيضة؟ أي لا نعلم من الذي يحدد الآخر ويكون السبب في حدوثه».

تتفق الدكتور ماكيفوي مع وارن على أننا لا نعرف ما إذا كانت التغيرات الهيكلية للدماغ قد تتباطأ أو تنعكس عندما يستخدم المصاب بضعف السمع الأجهزة السمعية.

قالت الدكتورة ماكفوي: «لا نعرف ما إذا كانت هذه التغييرات قابلة للعكس. لقد بدأنا في الحصول على أدلة على أن أدوات السمع قد تبطئ هذه الأنواع من التغييرات».

وسلطت الدكتورة ماكيفوي الضوء على دراسة ستُنشر قريبًا وتسمى تجربة ACHIEVE. وقد تقدم بعض الأدلة، إذ إن التجربة تصف نتيجة تأثيرات الأجهزة السمعية في الدماغ.

قدمت المعاهد الوطنية للصحة (NIH) مؤخرًا ندوة عبر الإنترنت استضافها الدكتور فرانك لين من جامعة جونز هوبكنز لمناقشة نتائجها الأولية.

حماية السمع والدماغ:

تؤكد الدراسة الأخيرة على أهمية حماية السمع، بتجنب التعرض للضوضاء العالية والأدوية السامة فترات طويلة، والحرص على حماية الأذنين عند استخدام الأدوات الصاخبة أو الانخراط في أنشطة عالية الصوت لا يمكن تجنبها.

قال البروفيسور وارن: «تُقيّم اختبارات السمع السريرية القياسية السمع المحيطي أو السمع المباشر. حاليًا، نحن لسنا جيدين جدًا في قياس «سمع الدماغ» وهو نوع السمع الذي نستخدمه في متابعة محادثة وسط ضجيج في الخلفية. هذا النوع من السمع يُسمى السمع المحيطي».

على مَن يؤثر فقدان السمع؟

في حين أننا قد نعتقد أن السمع يمثل مشكلة عند كبار السن في المقام الأول، فإنه غالبًا ما يؤثر أيضًا في الشباب، ما يؤدي إلى حدوث تغييرات هيكلية في الدماغ خاصةً.

في السنوات 2021-2022 في الولايات المتحدة وحدها، كان 71000 شخص تتراوح أعمارهم بين 3 و21 عامًا يعانون مشكلات سمعية كافية تجعلهم ضمن فئة الأفراد ذوي الإعاقة (IDEA).

على الصعيد العالمي، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يعاني أكثر من 5% من سكان العالم -نحو 432 مليون بالغ و34 مليون طفل- فقدان السمع المعيق.

في الولايات المتحدة، يعاني نحو 21% من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 75 عامًا أو أكبر فقدان السمع.

بسبب شيخوخة السكان في العالم، تُشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنه بحلول عام 2050، سيعاني ما يقرب من 2.5 مليار شخص فقدان السمع، وسيحتاج نحو 700 مليون شخص إلى أدوات مساعدة للسمع.

اقرأ أيضًا:

ما الرابط بين فقدان السمع والإصابة بالخرف؟

ما أسباب فقدان السمع الأكثر شيوعًا؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر