القطاع التجاري يسعى لتسخير أحدث الأدوات التقنية مع اشتداد المنافسة من صناديق التحوط.

يستثمر أكبر تجار السلع في العالم بكثافة في معالجة البيانات وتحليلها في سباق لتطوير ميزة تكنولوجية على المنافسين.

مجموعات مثل: في تولي وترافيغيرا، وهي مجموعات تعتمد بشكل تقليدي على الروابط السياسية والاتفاقيات والمهارات اللوجستية لنقل الموارد الطبيعية من المواقع النائية إلى العملاء، تركز بشكل متزايد على كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي في معظم الصناعات المادية.

قال مرسل هاردي، الرئيس التنفيذي لشركة في تول، أكبر شركة تجارة نفط في العالم: «إنه سباق تسلح بطريقة ما»، وقال إن دور التجارة كان يسعى إلى استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقتين رئيسيتين- لتحسين كفاءة الأعمال وتطوير ميزة تجارية من خلال امتلاك قوة تحليلية أكثر من المنافسين.

قال هاردي: «أعتقد أننا جميعا نحاول الوصول إلى القمر أولاً، لكنني أقول إن التقنيات الحديثة تساعد في كفاءة الأعمال اليوم أكثر من مجرد معرفة ما سيفعله السوق بعد ظهر اليوم».

حققت شركة في تولي المملوكة للقطاع الخاص -التي توظف حوالي 1800 شخص- رقما قياسيا بلغ 15.1 مليار دولار في صافي الأرباح في عام 2022، ونحو 13 مليار دولار في عام 2023، ما يجعلها واحدة من أكثر الشركات ربحية في العالم على أساس نصيب الفرد.

إن الدفع والسعي لتسخير أحدث الأدوات التكنولوجية هو -جزئيًا- رد فعل على المنافسة من صناديق التحوط وفرق التداول المنقادة بالبيانات، التي تعتمد على نقل أقل من السلع المادية ولكنها أعمال مربحة من تداول الأوراق المالية المرتبطة بالسلع وغيرها من المنتجات المالية.

يمكن القول إن عملية التداول الأكثر تقدمًا التي تقودها البيانات في هذا القطاع موجودة في صندوق التحوط سيتاديل ومقره ميامي، الذي استأجر تاجر السلع سيباستيان باراك من ماكواري في عام 2017 لقيادة دفعة أكبر في الطاقة والمواد الخام.

في البحث عن تقدم في المعلومات كعامل تميز، كانت أحد تحركات باراك الأولى هي تعيين فريق مكون من 20 شخصًا من خبراء الأرصاد الجوية. منذ ذلك الحين تضخم فريق تداول السلع الأساسية إلى أكثر من 300 شخص متضمنًا محللين ومهندسين.

قال باراك لصحيفة فاينانشيال تايمز: «إن النفط والمنتجات المكررة هي أحد المجالات التي تضخمت فيها البيانات المتاحة عن مستويات العرض وأنماط الطلب والمتغيرات اللوجستية في السنوات الأخيرة. النمو الغزير للبيانات وسهولة توافرها يجعلنا حرفيًا مستثمرين على دراية أفضل».

أضاف: «إنه بالنسبة لاستراتيجيات التداول التي تقودها البيانات، يعد نعمة؛ لأنه سيزيد من التعقيد ويتطلب أدوات أكثر تطورًا لنمذجة الأسواق، لا سيما عند وجود نقص في المعلومات التاريخية في منطقة جديدة. كلما زادت التفاصيل، وكلما زاد التعقيد، زاد نقص البيانات غير الدقيقة، وكان ذلك أفضل بالنسبة لنا».

حققت سيتاديل رقمًا قياسيًا بلغ 16 مليار دولار في عام 2022 لإزاحة بريدج ووتر باعتباره أنجح صندوق تحوط على الإطلاق، وفقًا لبحث أجرته LCH للاستثمارات. ما يقرب من نصف ذلك جاء من السلع حيث استفادت الشركة مثل التجار الآخرين من التقلبات الشديدة في أسواق الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حسبما ذكرت فاينانشيال تايمز.

إن القدرة على معالجة كميات كبيرة من البيانات لها أهمية خاصة في مجال تداول الطاقة سريع النمو، إذ تنتج البيئة المنظمة لأسواق الطاقة كميات كبيرة من المعلومات.

يقدر المستشارون في ماكينزي أن شركات التجارة القائمة على البيانات الدقيقة استحوذت على ربع أرباح تداول الغاز والطاقة على مستوى العالم في عام 2022، وهذا يعد ارتفاعًا أقل من 5٪؜ في عام 2021.

أجبرت هذه المنافسة تجار السلع التقليدية مثل ترافيغورا -التي حققت رقما قياسيا بلغ 7.4 مليارات دولار في عام 2023- على الاستثمار لمواكبة ذلك، وبالتالي أنشأت قسم تداول الطاقة قبل ثلاث سنوات.

قال ريتشارد هولتوم، رئيس قسم الغاز والطاقة ومصادر الطاقة المتجددة في ترافيغورا: «إن فريقه يقوم بتحميل عدة مليارات من البيانات السحابية المنفصلة كل يوم. التحدي هو استخدام الذكاء الاصطناعي للتحليل والاستفادة من تلك البيانات بطريقة أفضل وأكثر كفاءة لتحسين قرارات التداول التي نتخذها بعد ذلك. أعتقد أننا الآن في ذروة القمة بشأن ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي».

كانت شركة ميركوري ومقرها سويسرا -التي أسسها ماركو دوماند ودانييل جايجي في عام 2004- في الغالب تتاجر في النفط ولكنها عززت عمليات تداول الطاقة في عام 2014 بالاستحواذ على جزء من أعمال السلع المادية لشركة جي بي مورغان.

قال دوماند لصحيفة فاينانشيال تايمز: «إن الميزة المعلوماتية التي تراكمت من القائمين على البيانات مثل سيتاديل كانت تساعدهم على اتخاذ مراكز أكبر في السوق، لكن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد ميركوري في سد هذه الفجوة».

«إذا كنت ترغب في عكس تجربة سيتاديل كمثال لجمع البيانات، فأعتقد أن الأمر سيستغرق الكثير من الوقت، والكثير من المال. لذلك نحن نقضي الكثير من الوقت والجهد في محاولة تطوير أجهزة الذكاء الاصطناعي من أجل سد تلك الفجوات».

وأضاف أن ميركوري حققت ما يقرب من 2.7 مليار دولار في عام 2023 بانخفاض طفيف عن الرقم القياسيّ المسجل في العام السابق البالغ 3 مليارات دولار.

قال دوماند: «يمكنك في الواقع أن تكون لاعبًا في السوق دون تداول مادي ولكن هذا ليس لنا. أعتقد في النهاية أن العالم يحتاج إلى الطاقة ونحن تجار طاقة، لذلك إذا لم تتحرك هذه الأشياء، فأنت تعلم أن العالم لا يعمل».

اقرأ أيضًا:

هل ستكون وول ستريت أفضل باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي؟

اضطرابات سوق الأسهم وانخفاض مؤشرات وول ستريت

ترجمة: رهام الاشمر

تدقيق: حُسام الدِّين طَلعَت

المصدر