هل يمكن أن تعمل الحواسيب في المستقبل باستخدام خلايا الدماغ البشري؟

يظن فريق من الباحثين في جامعة جونز هوبكنز ذلك، فقد لخّص هذا الفريق خططهم حول “الذكاء العضوي” في ورقة بحثية نشرت في مجلة Frontiers in Science، وهو مجال ناشئ متعدد التخصصات يتطلع إلى تطوير أجهزة كمبيوتر حيوية تعمل باستخدام خلايا الدماغ البشري.

لا يوسّع اكتشافٌ مثل هذا قدرات الحوسبة كثيرًا فحسب، بل يفتح كذلك آفاقًا جديدة للدراسة.

تُعد العضويات أنسجةً صغيرة منظمة ثلاثية الأبعاد مشتقة أساسًا من الخلايا الجذعية. تحاكي هذه العضويات وظيفة العضو الأساسية وتعقيد تكوينه. حتى الآن، أنتج العلماء منابت عضوية للأمعاء والكبد والبنكرياس والكلى والبروستات والرئة والكأس البصرية والدماغ، ويبدو أن المزيد في الطريق.

توفر الأنسجة فرصًا فريدةً للعلماء كي يدرسوا الأمراض البشرية التي لا تعتمد على الأساليب التقليدية المرتبطة بالنماذج الحيوانية. فقد حدّ الاعتماد على النماذج الحيوانية تاريخيًا القدرة على اكتشاف العلاجات، إذ توجد عمليات بيولوجية خاصة بجسم الإنسان لا يمكن نمذجتها على الحيوانات. ساعد تطور العضويات على التغلب على هذه الحدود. مع ذلك، يأخذ الفريق في جامعة جونز هوبكنز البحث في العضويات إلى اتجاه مختلف تمامًا.

قال توماس هارتونج، أستاذ علوم الصحة البيئية في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة وكلية وايتنج للهندسة: «تقود الحوسبة والذكاء الاصطناعي ثورة التكنولوجيا لكنها وصلت إلى الحد الأقصى. تعمل الحوسبة الحيوية بجهد كبير كي تضغط القوة الحاسوبية وتزيد فعاليتها من أجل تخطي الحدود التكنولوجية».

في العام 2012، جمّع هارتونج وزملاؤه عضويات الدماغ باستخدام عينات من جلد الإنسان أعيدت برمجتها كي تكون خلايا جذعية جنينية. يحتوي كل عضوي على حوالي 50000 خلية.

تحتوي العضويات كذلك على خلايا عصبية وخصائص أخرى تحافظ على الميزات الأساسية كالتعلم والذاكرة، ما يقدم إمكانيات كبيرة لبناء حواسيب مستقبلية.

قد تكون أدمغة البشر أبطأ في معالجة المعلومات مثل الحساب، لكنها خارقة عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات المنطقية، إذ تمتلك الأدمغة سعة تخزين إجمالية تقدر بنحو 2500 تيرابايت مع 86-100 مليار خلية عصبية تُجري الاتصالات.

يقول هارتونغ: «الحواسيب الحديثة ليست ندا للدماغ البشري حتى الآن».

تجاوز فرونتير-أحدث كمبيوتر عملاق في ولاية كنتاكي- لأول مرة القدرة الحسابية للدماغ البشري في يونيو من العام الماضي. تبلغ مساحته 632 مترًا مربعًا، وقيمته 600 مليون دولار، لكنه استخدم طاقة تفوق طاقة الدماغ البشري بمليون مرة.

على الرغم من أن الذكاء العضوي سوف يستغرق بعض الوقت قبل أن يتنافس مع أي نوع من أجهزة الكمبيوتر، فإن هارتونج يعتقد أن الحواسيب الحيوية يمكن أن تكون أسرع وأكفأ وأقوى من نظيراتها القائمة على السيليكون، وسوف تتطلب قدرًا أقل من الطاقة كي تعمل.

يقول هارتونغ: «سوف يأخذ الأمر عقودًا قبل أن يُصنع شيء يُقارن مع الحواسيب، لكن الأمر بحاجة إلى برامج تمويلية لتقليل تحديات العمل».

يأمل الفريق أيضًا أن تفتح أبحاثهم المجال أمام فرص جديدة لاختبار الأدوية خاصةً التي تتعلق باضطرابات النمو العصبي والتنكس العصبي.

وفقًا للينا سميرنوفا، الأستاذة المساعدة في جامعة جونز هوبكنز للصحة البيئية والهندسة، التي شاركت في قيادة التحقيقات: «نريد مقارنة عضويات الدماغ من متبرعين سليمين مقابل عضويات الدماغ من متبرعين مصابين بالتوحد».

كي تُفهم الآليات الكامنة وراء أسباب ومشاكل الإدراك والإعاقات، تُطوّر الحوسبة البيولوجية أدوات تسمح بفهم التغيرات التي تحصل في الشبكات العصبية لدى مرضى التوحد من دون الحاجة إلى استخدام الحيوانات أو المرضى.

اقرأ أيضًا:

هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي المتقدم مستقبلًا من حل كل المسائل في عالمنا؟

منع تطبيق الذكاء الاصطناعي (chatGPT) من مشاركة الأبحاث والأوراق العلمية!

ترجمة: ليلى الشومري

تدقيق: فاطمة جابر

المصدر