وُلد سلافوي جيجيك في 21 مارس 1949 في لوبلانا- يوغوسلافيا (سلوفينيا الآن). وهو فيلسوف سلوفيني ومُنظر ثقافي، قدم مساهمات في مجال التحليل النفسي والسياسة والقضايا الفكرية الشائعة. الإطار الثقافي الواسع في نظرياته واستخدامه المُتعمَد للأسلوب النقدي اللاذع وميله لمزج أعماله بالفكاهة، كل هذا جعل منه شخصية بارزة في اليسار الفكري الغربي منذ بداية التسعينيات. وأصبح من أبرز الأيقونات الثقافية في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي.

دراسته وعمله

درس سلافوي جيجيك الفلسفة في جامعة لوبلانا حيث حصل على الإجازة الجامعية عام 1971 وشهادة الماجستير 1975 والدكتوراه 1981. عمل باحثًا وأستاذًا منذ عام 1979، وتحول اهتمامه من النظرية الاجتماعية لمدرسة فرانكفورت، التي زودته بالأيديولوجية النقدية الماركسية والتحليل النفسي، إلى نظرية التحليل النفسي لجاك لاكان. في بدايات الثمانينيات درس التحليل النفسي في جامعة باريس وحصل على الدكتوراه ثانيةً عام 1985، لتفسيره الاحترافي المعتمد على الأسلوب اللاكاني لأعمال هيغل وماركس وكريبك.

الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك - فيلسوف سلوفيني من أبرز الأيقونات الثقافية في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي - الأسلوب اللاكاني

في باريس، تعمق في مجال التحليل النفسي مع نسيب لاكان وخليفته جاك آلان ميلر، وساهم في الثمانينيات بفعالية في المناهضة الديمقراطية للنظام الاشتراكي الاستقلالي في يوغوسلافيا، التي كانت سلوفينيا جزءًا منها آنذاك. من خلال عمله التدريسي وكتاباته في جريدة مالدينا، ساهم سلافوي في إرشاد العديد من الطلاب الناشطين وتوجيههم، وقدم شرحًا واسعًا للمثالية الألمانية -التي كانت موضوع أطروحته الأولى للدكتوراه- وللنظرية البنيوية الفرنسية الماركسية -خصوصًا عمل لوي ألتوسير- وللتحليل النفسي اللاكاني. خاض الانتخابات الديموقراطية الأولى في بلاده عام 1990 مرشحًا عن الحزب الديموقراطي الليبرالي، وخسر بفارق ضئيل فلم يحصد مكانًا في الرئاسة الجماعية المكونة من 4 أفراد آنذاك. وعمل منذ بديات التسعينيات أستاذًا زائرًا في كبرى جامعات أوروبا والولايات لمتحدة.

كتاباته اللاحقة

استخدام سلافوي جيجيك للفكاهة، متضمنةً السخرية المتكررة من العيش في ظل البيروقراطية الستالينية الاشتراكية ومن الثقافة الاستهلاكية، يفسر شعبيته حتى بين القراء قليلي الاطلاع بالنظريات الثقافية الأوروبية المعاصرة. ظهرت تحولات جذرية للأمور التي ركزت عليها أعمال جيجيك بعد عام 1990، في رد فعل للتغيرات السياسية والفكرية في الغرب بعد انهيار جدار برلين، إذ تضمنت أعماله مناداة صريحة بالماركسية، واتضح ذلك في كتابه «تراجيديا في البداية، هزلية في النهاية». وبدأ بعقد المؤتمرات الأكاديمية وفعاليات أخرى كالمسرح السياسي بالتعاون مع زميله وتوأمه الروحي ألان باديو، وتظهر قوة الصداقة بينهما في كتاب جيجيك «الموضوع الحساس: المركز الغائب للأنطولوجيا السياسية» عام 1999، الذي لفت انتباه قرّاء الإنكليزية إلى باديو. انتقد جيجيك عمل هايدغر والفيلسوفة الأمريكية النسوية جوديث بتلر، وعُقدت المزيد من المناظرات بين جيجيك وبتلر ولاكلاو، وظهرت في عملهم المشترك المكتوب «الاحتمالية والهيمنة والكونية: حوارات معاصرة عن اليسار» عام 2000.

ذلك إضافةً إلى كتابات جيجيك الأخرى مثل «النظر بعمق: مقدمة عن جاك لاكان في الثقافة المعاصرة» عام 1991، الذي تناول قضايا أدبية إعلامية حول أهمية التحليل النفسي، وكتاب «التباطؤ في السلبية: كانط، هيغل والنقد الايديولوجي» عام 1993، الذي قدم دراسة تفصيلية عن المثالية والسياسة الألمانية، وكتاب «المسيح والتناقضات الديالكتية» عام 2009 حيث عالج الأمور اللاهوتية، رغم كونه ملحدًا. وكتابه «الحياة في نهاية الأزمان» عام 2010، وكتاب «أقل من اللا شيء: هيغل وظلال المادية الديالكتية» عام 2012. ساهم جيجيك في مجالات إعلامية أخرى؛ فمثلًا قدم فيلمًا من 3 أجزاء بعنوان «الدليل المحرف للسينما» عام 2006، وفيلمًا وثائقيًا يحمل اسمه أُطلق عام 2005.

اقرأ أيضًا:

أسوأ الكوارث الهندسية في التاريخ

لمحة تاريخية عن مدينة البندقية

ترجمة: شادن أمين

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر