يسعى بعض الأشخاص إلى الكمال المطلق في كل شيء، عن طريق التركيز على العيوب ومحاولة التحكم بمواقف الحياة المختلفة والعمل الجاد الزائد عن حده والتوبيخ المستمر للذات أو للآخرين.

إن تعلم علامات هذه الشخصية وما سبب تأثيرها السلبي على حياتنا هو الخطوة الأولى لحل المشكلة. سيوفر هذا المقال بعض النصائح التي ستتيح لك التحكم برغبتك في الوصول إلى الكمالية.

علامات تدل أنك شخص يسعى إلى الكمالية

إذا كنت تتساءل عن كونك شخص يسعى إلى المثالية أم لا، فقد يعني هذا أنك كذلك. لكنك قد تكون تسعى إلى أن تكون شخصًا مثاليًا لأن كلمة مثالي لها معنى محبب للكثيرين.

يتشابه الساعون إلى الكمالية مع المتفوقين في نواحٍ معينة لكنهم يختلفون في نواحٍ أخرى. في هذا المقال عشر علامات تدل على السعي إلى الكمالية يمكنك ملاحظتها على الآخرين أو على نفسك.

كل شيء أو لا شيء

يشبه الساعون إلى الكمال المتفوقين في كونهم يضعون خططًا صعبة التحقيق وأهدافًا عصية المنال. يرضى المتفوقون بتحقيق هدف ما بامتياز ويشعرون بالفخر بذلك، على خلاف الساعون إلى الكمال إذ يعدون أي إنجاز يرونه غير مثالي فشلًا ذريعًا.

الانتقاد المستمر

ينتقد الكماليون أنفسهم ويوبخونها باستمرار، وعلى أصغر الأمور. على خلاف المتفوقين الذين يفخرون بإنجازاتهم ودعمهم للآخرين. يلاحظ الكماليون أصغر الأخطاء والعيوب ويلومون أنفسهم والآخرين عليها. لذلك يصعب على الآخرين التعامل معهم بسبب تحكمهم ونقدهم المستمر عند حدوث الأخطاء.

التحفيز بالخوف

يندفع المتفوقون نحو أهدافهم لتحقيقها بتفانٍ خطوةً بخطوة أما الكماليون فالخوف هو الحافز الذي يمنعهم من تحقيق أي هدف إن لم تكن نتيجته مثالية.

وضع معايير غير واقعية

إحدى علامات السعي إلى الكمالية هي وضع أهداف بعيدة المنال وغير واقعية. يضع المتفوقون أهدافًا عاليةً أيضًا، لكنها ليست عصية التحقيق وإن حققوها فإنهم يستمتعون باستمرارية وضع أهداف أخرى وتحقيقها. لكن المثاليون يضعون أهدافًا غير واقعية منذ البداية. وبسبب ذلك فإنهم حتى وإن وصلوا للنجاح لا يشعرون به لشعورهم بأنهم ليسوا كفؤا بما فيه الكفاية لتحقيق الإنجازات.

التركيز على النتائج

يستمتع المتفوقون بالرحلة إلى الهدف مثل استمتاعهم بتحقيق الأهداف ذاتها أو حتى أكثر. على خلاف الكماليون الذين يركزون على تحقيق الأهداف وعدم الفشل ولا يستطيعون الاستمتاع بالرحلة، فهم لا يفكرون بتنمية الذات التي سيحققونها خلال طريقهم نحو الأهداف.

الشعور بالاكتئاب من الأهداف غير المحققة

يكون الساعون إلى الكمالية عمومًا أقل سعادةً من المتفوقين. حتى عندما يصاب المتفوقون بخيبة الأمل عند عدم تحقيق هدف ما، فأنهم يستطيعون النهوض بأنفسهم بسرعة على عكس الكماليون الذين يملؤهم الحزن والتفكير السلبي عندما يفشلون في تحقيق هدف ما. إضافةً إلى ذلك، يملك الكماليون معدلات عالية من القلق النفسي وصحتهم النفسية أقل جودة، إذ يعانون كثيرًا عندما يحاولوا الخروج من الأزمة النفسية التي تصيبهم بعد خيبة الأمل.

الخوف من الفشل

الخوف من الفشل هو أهم ما يميز الكماليون عن المتفوقين، إذ يراهنون كثيرًا بالنتائج بعد تحقيق الأهداف ويشعرون بالخيبة عندما تكون النتيجة ليست مثاليةً كما يريدون. لذلك يصبح الفشل هاجسهم الوحيد وهذا الهاجس يمنعهم من البدء بتجارب جديدة خوفًا من الفشل.

المماطلة

أظهرت الدراسات إن الكماليين أكثر عرضةً للمماطلة عندما لا يستطيعون التكيف مع مواقف معينة أو مع المجتمع. وهذا يسمى الكمالية سيئة التأقلم مع المجتمع. قد يبدو هذا تناقضًا مع طبيعتهم المائلة إلى الإنتاجية وتحقيق الأهداف ولكن بسبب خوفهم المستمر من الفشل الذي يجعلهم قلقين وحذرين من البدء بأي شيء غير مثالي يفشلون في اتخاذ أي خطوة. وبسبب ذلك يشعرون بالفشل لذلك يدخلون دائرةً من التفكير السلبي والشعور بالفشل تدخلهم بحالة أشبه بالشلل النفسي.

الدفاعية

يرى الكماليون أن أي نصيحة أو انتقاد يقدمه الناس لهم هو بمثابة تهجم شخصي عليهم. لذلك يردون عادةً على الناصحين بدفاع حاد عن النفس. لكن يرى المتفوقون إن النصائح والنقد البناء هو الذي يحسن أدائهم ويمضي بهم نحو أهدافهم.

تقدير الذات المنخفض

مع أن الشخصية الكمالية مرتبطة بتقدير عالٍ للذات، فإن النقد اللاذع للذات الذي يمارسه الكماليون على أنفسهم يؤدي إلى قلة تقدير الذات وانخفاض الثقة بها. وهذا عكس ما يفعله المتفوقون تمامًا.

يلاحظ أيضًا أن الكماليون عادةً ما يكونوا وحيدين أو انعزاليين بسبب طبيعتهم الناقدة والجامدة مع الآخرين. وهذا يؤدي إلى الانحدار الشديد لتقدير الذات ويؤثر مباشرة على علاقاتهم مع الآخرين ورؤيتهم لذاتهم.

أسباب السعي إلى الكمال

تؤثر العديد من العوامل على شخصية الفرد لتجعله كمالي:

  • الخوف من حكم الآخرين عليه ورفضه.
  • تجارب معينة منذ الطفولة مثل وجود أبوين يسعون لتحقيق أهداف غير واقعية لأولادهم.
  • وجود مرض نفسي مرتبط بالسعي إلى الكمال مثل اضطراب الوسواس القهري.

عواقب السعي إلى الكمالية

إن أكثر ما يجعل الكمالية تحديًا صعبًا هو أن الوصول إلى الكمال أمر صعب للغاية، إن لم يكن مستحيلًا!

يميل الساعون إلى الكمال عادةً إلى تحقيق أهداف قليلة والتوتر المستمر حول كل شيء في حياتهم مقارنة بالمتفوقين.

تؤدي الكمالية غير الصحية بالشخص الكمالي إلى محاولة التحكم بكل شيء لجعله مثاليًا وخاليًا من العيوب، لا تقتصر محاولاتهم للتحكم على المواقف فقط بل التحكم بالأشخاص في حياتهم أيضًا، وهذا يؤثر سلبًا على علاقاتهم الاجتماعية.

يؤدي السعي الدائم إلى الكمالية إلى معدلات عالية من التوتر والقلق ما يؤدي إلى نتائج نفسية سلبية جدًا، مثل تقدير الذات المنخفض واضطرابات الأكل والنوم والضغط النفسي.

ما كيفية التغلب على الكمالية؟

هناك عدة استراتيجيات للتغلب على هذه الصفة السلبية وتشمل:

  • أن يحيط الشخص نفسه ببيئة تتقبله كما هو.
  • التحفيز الإيجابي الذاتي.
  • الامتناع عن مقارنة الذات بالآخرين.
  • التمرن على فن اليقظة الذهنية للتركيز على الحاضر دون القلق على المستقبل والتفكير في الماضي.
  • اللجوء إلى العلاج السلوكي المعرفي لتحدي الأفكار السلبية.

أسئلة يكثر طرحها:

كيف يؤدي السعي إلى الكمالية إلى القلق النفسي؟

يعاني الكماليون من الشعور بقصور ذاتي عن الوصول إلى ما يطمحون إليه وانتقاد الذات المستمر. وهذا الشعور يولد قلقًا وتوترًا مستمرين.

كيف يمكن مساعدة الطفل الكمالي؟

ينبغي على الأبوين والمعلمين مساعدة الطفل الذي يُظهر علامات السعي إلى الكمالية برسم توقعات عقلانية من الطفل بما يواكب شخصيته ومدح جهود الطفل وعدم التركيز الزائد على نتيجة تلك الجهود. تدريب الطفل على محاورة الذات وحبها والتعامل بلطف معها حتى مع أخطائها.

هل الكمالية مرض نفسي؟

إن الكمالية هي صفة شخصية أكثر من كونها مرضًا نفسيًا. لكن بعض المصابين بالوسواس القهري تظهر لديهم علامات السعي إلى الكمالية.

هل الكمالية أمر جيد؟

ليست الكمالية أمر غاية في السوء فالعكس يكون صحيحًا أحيانًا. إذ إن للكماليين طريقة مختلفة في تدبير مواقف الحياة، لكن إن كانت هذه الصفة تؤثر سلبًا على جودة الحياة عندها ستكون صفة غير حميدة ينبغي العمل على تغييرها.

اقرأ أيضًا:

ما سبب حالات البلوغ المبكر لدى الفتيات منذ بدء جائحة كوفيد-19؟

هل تصبح زراعة البراز سر الشباب الأبدي؟

ترجمة: غند ضرغام

تدقيق: رغد أبو الراغب

مراجعة: آية فحماوي

المصدر