شهِد التاريخ البشري عددًا كبيرًا من الكوارث العنيفة التي ذكرتنا بمدى القوة الخارقة التي تتحلى بها الطبيعة. تتنوع هذه الكوارث الطبيعية لتشمل الزلازل، والانفجارات البركانية، والأعاصير، وموجات تسونامي، والفيضانات، وحرائق الغابات والجفاف. تشير الإحصائيات إلى أن هذه الكوارث الطبيعية تتسبب في موت نحو 100 ألف شخص سنويًا. وتؤثر مباشرةً في حياة 150 ألف آخرين، وذلك حسب تقارير منظمة الصحة العالمية. لا يمكن إنكار أن هذه الكوارث الطبيعية عنيفة التأثير كانت ولا تزال جزءًا لا يتجزأ من التاريخ الإنساني. مثلًا، دُمرت الحضارة المينوسية سنة 1600 قبل الميلاد بسبب انفجار بركاني كارثي لبركانٍ ما يقع في جزيرة ثيرا، أو ما يُعرف اليوم بمدينة سانتوريني اليونانية.

كيف يمكن حصر عدد ضحايا الكوارث الطبيعية على مر التاريخ؟ بفضل الآثار وبعض المخطوطات التاريخية، يتمكن المؤرخون المختصون من وضع تقديرات تقريبية لأعداد الضحايا الذين فقدوا أرواحهم بسبب هذه الكوارث. وبحسب هذه التقديرات نقدم لكم قائمة بأكثر الكوارث الطبيعية تدميرًا في التاريخ البشري.

10- الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة حلب نحو 1138 ميلادية

في 11 أكتوبر 1138، بدأت الأرض تحت مدينة حلب السورية تهتز بقوة. بُنيَت هذه المدينة فوق ملتقى من الصفائح العربية والإفريقية، ما جعلها عرضة لضربات الزلازل باستمرار، لكن هذا الزلزال بالذات كان الأقوى والأكثر تأثيرًا في التاريخ. لم تُرصَد قوة الزلزال بأي مقياس، ولم تُقدم أي وثيقة تاريخية أي معلومة بخصوص قوة الزلزال، إلا أن روايات الشهود أجمعت على أن الزلزال لقوته تسبب في انهيار القلعة وتدمير منازل المدينة كافة. قُدر عدد الوفيات بنحو 230 ألف شخص. تشكك روايات أخرى في هذا الرقم، وتقول إن هذا العدد وضعه مؤرخو القرن الخامس عشر، الذين قاربوا بين زلزال مدينة حلب والزلزال الذي ضرب جورجيا، ووضعوا تقديراتهم على هذا الأساس. ولا يزال المؤرخون يعدون هذا الزلزال أحد أكثر الكوارث الطبيعية تدميرًا في التاريخ.

الكوارث الأكثر تدميرًا في تاريخ البشرية - القوة الخارقة التي تتحلى بها الطبيعة - والانفجارات البركانية والأعاصير وموجات تسونامي - الكوارث الطبيعية

موجة تسونامي وزلزال المحيط الهندي الذي ضرب إندونيسيا

يأتي في المرتبة نفسها زلزال بقوة 9.1 ريختر ضرب الشاطيء الغربي من مدينة سومطرة الإندونيسية، في 26 ديسمبر 2004. تسبب الزلزال في حدوث موجة تسونامي قوية تسببت في مقتل قرابة 230 ألف شخص، وخسارة نحو 2 مليون شخص منازلهم، ونزوحهم في 14 دولة في جنوب آسيا وشرق إفريقيا.

تجاوزت سرعة موجة تسونامي الناتجة عن الزلزال 500 ميل في الساعة، وضربت البلاد بعد 15 – 20 دقيقة مباشرة بعد الزلزال، وبلغ ارتفاعها 30 مترًا، وبسبب سرعتها الشديدة لم يتمكن الناس من تلافيها. قدر المؤرخون حجم الخسائر بنحو 10 مليارات دولار في المنشآت والمباني. ويصنف المؤرخون هذا الحدث بوصفه ثالث أكبر كارثة طبيعية في القرن العشرين، إذ إنها أعنف موجة تسونامي عرفها التاريخ، تسببت في مقتل عدد كبير من البشر.

9- زلزال مدينة تانغشان الصينية

في فجر يوم 28 يوليو 1976، استيقظت مدينة تانغشان الصينية على اهتزاز الأرض بعنف بسبب زلزال قدرت هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية قوته بـ 7.8 ريختر. تتميز مدينة تانغشان بكونها مدينة صناعية يسكنها نحو مليون شخص وقت الكارثة. تسبب هذا الزلزال في وفاة نحو 240 ألف شخص، يقترح بعض الخبراء أن هذا الرقم غير صحيح، وأن العدد الحقيقي للوفيات هو 700 ألف شخص. تسبب الزلزال أيضًا في تدمير 85% من مباني مدينة تانغشان، وشعر سكان العاصمة الصينية بكين التي تبعد 180 كم بقوة الزلزال. وحتى تعود المدينة إلى سابق عهدها، استغرق الأمر عدة سنوات لبنائها من جديد.

8- زلزال مدينة أنطاكية

على غرار سائر الكوارث الطبيعية، يصعب الوصول إلى تقدير حقيقي لحجم الوفيات والدمار الذي خلفه زلزال مدينة أنطاكية الذي ضرب المدينة سنة 526م. إلا أن المؤرخ جون مالاس وضع تقديره للوفيات وقال إنهم تجاوزوا 250 ألف. يرى مالاس أن الزلزال كان انتقامًا إلهيًا من الإمبراطورية البيزنطية، تسبب الزلزال في نشوب حرائق ضخمة أتت على الأخضر واليابس في المدينة، ودمرت هذه الحرائق ما لم يتمكن الزلزال من تدميره.

وفقًا لما نشرته صحيفة (تاريخ العصور الوسطى)، فإن الوفيات التي سببها هذا الزلزال أكثر من وفيات سببتها زلازل أخرى، لأن الدلالات التاريخية تؤكد ازدحام المدينة وقتها بالكثير من السياح الذين كانوا يحتفلون بعيد صعود السيد المسيح.

7- زلزال مدينة هايوان الصينية.

صرح دينج كيدونج، أستاذ علم الجيولوجيا في الأكاديمية الصينية للعلوم:«كان زلزال مدينة هايوان من أعنف الزلازل التي ضربت الصين في القرن العشرين من حيث قوة تأثيره وحجم الدمار الذي خلفه في المدينة».

ضرب هذا الزلزال المدينة في 16 ديسمبر 1920، وشعرت بقوة الزلزال مدن قريبة أخرى، مثل جانسو وشاناكسي. قُدرت قوة الزلزال بنحو 7.8 ريختر، لكن العلماء المعاصرين يعتقدون أن قوة الزلزال تجاوزت 8.5 ريختر. يوجد أيضًا اختلاف في تقدير حجم الوفيات. تشير التقديرات الأولية إلى وفاة نحو 200 ألف شخص، في حين قدّرت دراسة حديثة سنة 2010 الوفيات بنحو 273 ألف شخص، توفى 30 ألف منهم بسبب انزلاق الأراضي الطينية غير المستقرة.

6- إعصار مدينة كورينجا

شهدت مدينة كورينجا-على الساحل البنغالي- في 25 نوفمبر 1839 إعصارًا مدمرًا لم تُقدر سرعة رياحه حتى اليوم، لكنه تسبب في تدمير نحو 20 ألف قارب وسفينة، ووفاة نحو 300 ألف شخص.

يأتي في نفس المرتبة إعصار هايفونج الذي ضرب مدينة هايفونج في شمال شرقي فيتنام سنة 1881. وقُدرت الوفيات بسبب هذا الإعصار بنحو 300 ألف شخص.

5- زلزال هايتي

تُعد هايتي من أكثر دول العالم فقرًا، وقد ضربها عدد من الزلازل التي دمرتها وتسببت في وفاة الكثير من سكانها. في 12 يناير 2010 ضرب المدينة زلزال بقوة 7.0 ريختر وصُنف الزلزال بأنه ثالث أكثر الزلازل عنفًا في التاريخ. تأثر قرابة 3 مليون شخص بهذا الزلزال. قدرت الحكومة حجم الوفيات بنحو 230 ألف شخص، لكن في يناير 2011 أصدر المسؤولون إحصائية جديدة تقدر الوفيات بنحو 316 ألف شخص. في حين قدرت إحدى الصحف الطبية عدد الوفيات بـ 160 ألف شخص، وقدرت الهيئة الجيولوجية الأمريكية العدد بأنه لايتجاوز 100 ألف شخص. وهذا التخبط في التقدير يعكس مدى صعوبة وضع تقديرات دقيقة لهذه الكوارث حتى في العصر الحديث.

4- إعصار باولا

ضرب هذا الإعصار ما يُعرف الآن باسم بنغلاديش في 12 نوفمبر 1970. قدر قسم أبحاث الأعاصير الأمريكي أن سرعة رياح هذا الإعصار بلغت 130 ميلًا في الساعة، وصنفوا الإعصار بأنه إعصار من الدرجة الرابعة حسب مقياس سفير سيمبسون للأعاصير. قبل الإعصار بقليل، نشأت عاصفة ارتفاعها 35 قدمًا ضربت الجزر في خليج البنغال وتسببت في حدوث فيضان كبير.

وبسبب صعوبة إجلاء الناس في هذا الوقت، وقوة العاصفة، تقدر الإحصائيات عدد الوفيات بـ 300 ألف – 500 ألف شخص. اعترف تقرير مشترك أصدرته خدمة توقعات الأرصاد الجوية وهيئة الأرصاد الجوية الباكستانية بصعوبة وضع تقديرات دقيقة لعدد الوفيات، وذلك بسبب وجود بعض العاملين الموسميين في المنطقة في موسم حصاد الأرز. وحسب تقارير هيئة الأرصاد الجوية العالمية، يُعد إعصار باولا أعنف الأعاصير في التاريخ وتسبب في خسائر تبلغ 86 مليار دولار.

3- زلزال إقليم شنشي

من أعنف الزلازل التي ضربت الصين الزلزال الذي هز إقليم شنشي في 23 يناير 1556. حسب تقارير هيئة المتاحف العلمية الصينية، تسبب الزلزال في تدمير الإقليم الذي كانت مساحته 621 ميلًا مربعًا، وتوفي نحو 830 شخص بسبب انهيار منازلهم. وقدرت الهيئات الجيولوجية المعاصرة مدى قوة الزلزال بنحو 8 ريختر.

2- فيضان النهر الأصفر

النهر الأصفر أو (هوانج هو) هو نهر يقع في الصين، وقد بنيت حوله بعض الخنادق للاستفادة من مياه النهر بدلًا من فيضانها وتدميرها لمعظم الأراضي الزراعية في وسط الصين. في سبتمبر 1887 تسبب المطر الغزير في زيادة منسوب المياه في النهر، وغطت هذه المياه الخنادق، وفاضت منها إلى الأراضي المنخفضة حولها وأغرقت نحو 5000 ميل مربع. فقد نحو 900 ألف إلى 2 مليون شخص حياتهم.

1-فيضان نهر يانغتسي

تسببت الأمطار الغزيرة التي أغرقت الصين بين شهري يوليو وأغسطس عام 1931 في نشوء أكبر كارثة طبيعية في التاريخ البشري، المعروفة بفيضانات وسط الصين 1931. بحلول الربيع، ارتفعت مياه نهر يانغتسي بسبب ذوبان الثلوج على ضفتيه، وبسبب هطول الأمطار، فارتفع منسوب المياه نحو 600 ملليمتر في شهر يوليو. تسبب الفيضان في غرق نحو 70 ألف ميل مربع من الأراضي التي بدت مثل بحيرة كبيرة وسط الصين، وذلك وفقًا لما نُشر في كتاب (الكوارث الطبيعية في الصين: فيضان نهر يانغتسي عام 1931). أصدرت الحكومة الصينية حديثًا تقديرًا إحصائيًا بعدد الوفيات، وقُدر بأنه يتجاوز 2 مليون شخص. ولكن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي قدرت عدد الوفيات الحقيقي بـ 3.7 مليون شخص.

اقرأ أيضًا:

هل يمكن للحيوانات التنبؤ بالزلازل والكوارث الطبيعية؟

اليك جميع مخاطر التغير المناخي في رسم بياني واحد

ترجمة: هبة الحارس

تدقيق: حنين سلَّام

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر