تقترح دراسة جديدة نشرت في صحيفة نيتشر أسترونومي أن دراسة ساعة ذرية على متن مركبة فضائية، داخل مدار عطارد، وقريبة جدًا من الشمس قد تكون حيلة لتوضيح طبيعة المادة المظلمة.

تبلغ نسبة المادة المظلمة في كتلة الكون أكثر من 80٪؜، ولكن حتى الآن لم تُرصد على الأرض، على الرغم من مضي عقود من التجارب.

المكون الرئيسي لهذه البحوث هو فرضية حول الكثافة الموضعية للمادة المظلمة، يُحدد عدد جسيمات المادة المظلمة التي تمر عبر الكاشف في الوقت المعطى؛ أي تعتمد على الحساسية التجريبية. إذ يمكن أن تكون الكثافة في بعض النماذج أعلى بكثير من المتوقع، وقد تصبح المادة المظلمة أكثر تركيزًا في مناطق مقارنةً بمناطق أخرى.

من بين عمليات البحث توجد فئة واحدة هي المهمة؛ إنها تلك التي تستخدم الذرات أو الأنوية، إذ حققت نتائج مدهشةً لتحسس إشارات المادة المظلمة.

هذا ممكن إلى حد ما، لأنه عندما تكون كتل جزيئات المادة المظلمة صغيرةً جدًا، فإنها تحرض التذبذبات في ثوابت الكون ذاتها. تُغير هذه التذبذبات طاقات الانتقال للذرات والأنوية بطرق يمكن التنبؤ بها. على سبيل المثال في كتلة الإلكترون، أو شدة تأثير القوة الكهرومغناطيسية.

فريق دولي من الباحثين في معهد كافلي للفيزياء والرياضيات الكونية مكوّن من الباحث جوشوا إيبي من جامعة كاليفورنيا، زميل ما بعد الدكتوراه يو داي تساي، والبروفيسور ماريانا سافرونوفا من جامعة ديلاوير، رأى قوىً كامنةً في تلك الإشارات المتذبذبة، وزعموا أنه في مناطق معينة في النظام الشمسي بين مدار عطارد والشمس قد تكون كثافة المادة المظلمة كبيرةً للغاية ما يعني حساسيةً استثنائية لتلك الإشارات.

يمكن التقاط الإشارات بواسطة الساعات الذرية، التي تعمل بالقياس المتأني لتردد الفوتونات المنبعثة في تحولات الذرات لحالات مختلفة. إذ يمكن للمادة المظلمة الخفيفة جدًا والموجودة بالقرب من تجربة الساعة، التأثير في هذه الترددات؛ أي تقوم تذبذبات المادة المظلمة بزيادة، وإنقاص طاقة الفوتون قليلًا.

قال جوشوا إيبي: «كلما زادت كمية المادة المظلمة، زادت التذبذبات وبالتالي فإن الكثافة الموضعية مهمة جدًا عند تحليل الإشارة».

في حين أن القيمة الدقيقة لكثافة المادة المظلمة غير معروفة، لذا يتجادل العلماء على أن البحث المنخفض الحساسية نسبيًا، يمكن أن يوفر معلومات مهمةً.

كثافة المادة المظلمة مقيدة بمعلومات حول مدارات الكواكب، تحديدًا في المنطقة الواقعة بين الشمس وعطارد، حيث لا توجد أية عوائق تقريبًا. لذا فإن القياس على متن مركبة فضائية يمكن أن يكشف بسرعة عن حدود المادة المظلمة في هذه النماذج.

إن اختبار صحة تلك النظريات موجود بالفعل، إذ يقول إيبي إن مسبار باركر الشمسي التابع لناسا -المزود بدروع حماية، وهو في الخدمة منذ العام 2018- سافر مقتربًا من الشمس أكثر من أي مركبة صنعها الإنسان عبر التاريخ. ويعمل حاليًا في مدار عطارد، مع خطط للاقتراب أكثر من الشمس في غضون عام واحد.

الساعات الذرية أصبحت بالفعل مرغوبة في الفضاء لأسباب عديدة، إلى جانب البحث عن المادة المظلمة.

يقول إيبي: «سوف تتطلب المهمات البعيدة المدى، من ضمنها المهمات المستقبلية للمريخ، ضبطًا استثنائيًا للوقت ستوفره الساعة الذرية. المهمات هذه تشبه إلى حد بعيد مسبار باركر الشمسي، بالنسبة للتدريع والمسار، لكنها ستحمل جهاز الساعة الذرية لإجراء البحث».

اقرأ أيضًا:

ساعة ذرية جديدة دقيقة، تُمكننا من الكشف عن المادة المُظلمة

الساعات الذرية الضوئية قد تساعدنا على تغيير طول الثانية

ترجمة: حنا مسيكه

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر