وفقًا لرأي العلماء، بدت الأنظمة الضخمة أكبر بكثير من المفترض في وقت مبكر بعد الانفجار العظيم!

اكتشف تلسكوب جيمس ويب الفضائي ست مجرات قديمة ضخمة، أطلق عليها علماء الفلك اسم «الفواصل الكونية»، لأن وجودها قد يغير أسس النظريات الحالية في علم الكون إلى حد بعيد.

يعود تاريخ تلك المجرات إلى وقت كان عمر الكون 3% فقط من عمره الحالي، وهي مع ذلك أكبر بكثير من الحجم المفترض للمجرات آنذاك. إذا تأكدت هذه النتائج، فستتزايد تساؤلات العلماء حول كيفية تشكل المجرات الأولى.

يقول جويل ليغا، الأستاذ المساعد في علم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة بين ستيت، المؤلف المشارك في الدراسة: «هذه الأجسام أكبر بكثير مما توقعه أي شخص. توقعنا أن نعثر على مجرات صغيرة وفتيّة في ذلك الوقت، لكننا اكتشفنا مجرات ناضجة تشبه مجرتنا، في ما كان يُعرف سابقًا بفجر الكون».

تأتي المشاهدات من مجموعة البيانات الأولى التي أمدنا بها تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لـناسا، المزود بأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء، قادرة على اكتشاف الضوء المنبعث من أقدم النجوم والمجرات. عند التدقيق في الصور، رصدت الدكتورة إيريكا نيلسون من جامعة كولورادو بولدر، سلسلةً من «النقاط الضبابية» التي بدت ساطعةً وحمراء بشكل غير معتاد.

يُعد الاحمرار في علم الفلك دليلًا على العمر، فعند انتقال الضوء عبر الكون المتسع، يتمدد ويتحول إلى اللون الأحمر. على هذا يُقدر عمر هذه المجرات بنحو 13.5 مليار سنة، أي أنها تشكّلت في غضون 500 – 700 مليون سنة بعد الانفجار العظيم.

هذه ليست أقدم المجرات التي رصدها جيمس ويب، الذي أُطلق عام 2021. ففي العام الماضي، اكتشف العلماء أربع مجرات تعود إلى نحو 350 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، لكنها كانت أصغر بكثير. تشير الحسابات إلى أن المجرات المكتشفة حديثًا احتوت عشرات إلى مئات المليارات من نجوم بحجم الشمس، ما يجعلها مشابهةً لمجرة درب التبانة.

تقول إيريكا نيلسون:«إنه أمر مدهش، إذ لم تمتلك المجرات الوقت الكافي للتشكّل».

إن تفسير وجود هذه المجرات الضخمة في وقت مبكر من عمر الكون يتطلب إعادة النظر في بعض القواعد الأساسية لعلم الكون، أو في فهم كيفية نشوء المجرات الأولى من سحب النجوم والغبار.

قال ليغا: «يبدو أننا وجدنا شيئًا غير متوقع لدرجة تثير التشكك في المعرفة التي لدينا. إنه يدفع إلى التساؤل عن الصورة الكاملة للتشكل المبكر للمجرات».

وفقًا لاقتراحات النماذج الحالية، فإنه بعد فترة من التوسع السريع، استغرق الكون بضع مئات الملايين من السنين للوصول إلى البرودة الكافية لاندماج الغاز، وتشكل النجوم والمجرات الأولى، في فترة تُعرف بعصور الظلام.

تقول عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة نوتنغهام، الدكتورة إيما تشابمان: «إن اكتشاف وجود مثل هذه المجرات الضخمة في غضون زمن قصير من الانفجار العظيم، يشير إلى أن «العصور المظلمة» ربما لم تكن مظلمةً تمامًا. ربما تشكلت النجوم في وقت أبكر مما كنا نظن».

ترى تشابمان أننا بحاجة إلى مزيد من الملاحظات لتأكيد الاكتشاف قبل نقض النماذج الحالية. وأضافت: «يمثل تلسكوب جيمس ويب انطلاقةً لتطور النظريات وإحداث ثورة في مجالات بأكملها، لذا فليس هذا الاكتشاف مفاجئًا لي».

يخطط الفريق للحصول على صور للطيف الضوئي، التي قد توفر معلومات أدق عن المسافة، وتقديرات أفضل للكتلة. قال ليغا: «قد يخبرنا الطيف الضوئي بمدى صحة هذه الاكتشافات».

اقرأ أيضًا:

صاروخ سبيس إكس في طريقه للاصطدام بالقمر بعد فقدان السيطرة عليه

ترجمة: حنا مسيكه

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر