كم عمر كوننا، وكم حجمه؟ جمع فريق من الباحثين بقيادة برينت تولي من جامعة هاواي وإحسان كوركتشي من معهد علم الفلك أكبر مجموعة من القياسات الدقيقة للمسافات بين المجرات، تُسمى كوزميك فلوز-4.

قاس الباحثون المسافات بين ما يصل إلى 56000 مجرة باستخدام ثماني طرق مختلفة.

إن المجرات، مثل درب التبانة، هي البنى المشكلة للكون، يشمل كل منها ما يصل إلى مئات المليارات من النجوم. تتحرك المجرات غير المجاورة لنا مبتعدة عن مجرتنا، وتزداد سرعة حركتها بازدياد بعدها، الأمر الناتج عن تمدد الكون الذي بدأ لحظة حدوث الانفجار العظيم.

تحدد قياسات المسافات بين المجرات إضافة إلى المعلومات عن سرعة ابتعادها عنا حجم الكون والوقت الذي مضى على نشوئه.

يقول تولي: «يحاول علماء الفلك قياس المسافات بين المجرات منذ أن عرفوا أنها مستقلة عن درب التبانة قبل مئة سنة، وقد تمكنّا الآن من قياس المسافات بين المجرات ومعدل تمدد الكون المتعلق بها والوقت الذي مضى على نشوء الكون بدقة تفوق 90٪ عبر استخدام أدواتنا الأكثر وفرة ودقة مجتمعة».

استنبط الباحثون معدل تمدد الكون الذي يُسمى ثابت هابل أو H0 من القياسات المنشورة حديثًا، إذ تعطي الدراسة ثابت هابل قيمة تبلغ 75 كيلومترًا في الثانية في الميغافرسخ (1 ميغافرسخ = 3.26 مليون سنة ضوئية)، مع ارتياب إحصائي صغير جدًّا يبلغ 1.5%.

توجد عدة طرق لقياس المسافات بين المجرات. عمومًا، تركز كل مجموعة من الباحثين على طريقة معينة.

يشمل برنامج كوزميك فلوز بقيادة تولي وكوركتشي محتواه الخاص المميز المكون من طريقتين، إضافةً إلى تضمنه معلومات من عدة دراسات سابقة.

يحتوي كوزميك فلوز-4 على مسافات مأخوذة من عدة أجهزة مختلفة ومستقلة لتقدير المسافة، يُفترض أن تحد المقارنات المشتركة من الخطأ المنهجي إلى حد بعيد.

معضلة كونية

شكّل علماء الفلك إطارًا يُظهر أن عمر الكون يفوق 13 مليار سنة بقليل، لكن معضلة ذات أهمية كبيرة ظهرت في التفاصيل.

تتوقع فيزياء تطور الكون المعتمدة على النموذج المعياري لعلم الكون أن قيمة ثابت هابل= 67.5 كيلومتر/ثانية/ميغافرسخ، مع ارتياب يبلغ 1 كيلومتر/ثانية/ميغافرسخ.

يبلغ الاختلاف بين قيم ثابت هابل المقاسة والمتوقعة 7.5 كيلومتر/ثانية/ميغافرسخ، أي أكثر بكثير مما يمكن توقعه بالنظر إلى الارتيابات الإحصائية، إما أن هنالك مشكلة جوهرية في فهمنا لفيزياء الكون، أو أن هنالك خطأً منهجيًّا في قياسات المسافات بين المجرات.

دراسات إضافية

يُستخدم كوزميك فلوز-4 أيضًا لدراسة الحركة المستقلة للمجرات، إضافة إلى حركتها المترافقة مع التمدد الإجمالي للكون.

تظهر الانحرافات عن هذا التمدد السلس بسبب التأثيرات الجاذبية لتكتلات المادة، على مقاييس تتراوح من أرضنا وشمسنا وصولًا إلى تجمعات المجرات على مقاييس 500 مليون سنة ضوئية.

إن المادة المظلمة الغامضة هي المكون المهيمن على المقاييس الكبيرة.

يمكننا إعادة إنشاء المدارات التي اتبعتها المجرات منذ تشكلها بمعرفة كيفية تحرك المجرات استجابة للكتلة المحيطة بها، ما يمنحنا فهمًا أفضل لكيفية تشكل البنى الكونية الشاسعة التي تهيمن عليها المادة المظلمة عبر العصور.

اقرأ أيضًا:

رصد مجرات قزمة لا تحتوي على أيّة مادة مظلمة، والعلماء يتسألون عن السبب

كيف تشكلت بعض المجرات دون مادة مظلمة؟

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: نغم رابي

المصدر