وفقًا لدراسة حديثة أجراها باحثون من مركز كايزر بيرماننت Kaiser Permanente في جنوب كاليفورنيا، فإن الأفراد السود القاطنين في الأحياء قليلة الموارد أكثر عرضة للوفاة في غضون 5 سنوات بعد نجاتهم من نوبة قلبية مقارنة بأقرانهم السود في الأحياء الأكثر ثراءً والأفراد البيض من جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية.

عُرضت الدراسة في الجلسة العلمية السنوية السبعين للكلية الأمريكية لأمراض القلب، وحللت بيانات ما يقارب 32 ألف مريض أُصيبوا بأزمة قلبية وعولجوا في منظومة كايزر بيرماننت الطبية في جنوب كاليفورنيا بين عامي 2006 و2016.

صنف الباحثون الأحياء السكنية التي أقام فيها المرضى عبر نظام تقييم يسمى مؤشر حرمان المنطقة ويستند إلى 17 متغيرًا مختلفًا، بما فيها التعليم والدخل والتوظيف وخصائص الأسرة.

نتائج الدراسة

تصدر الربع الأول من قائمة المرضى الذين جرى تقييمهم نحو 20,000 مريض يمثلون الأحياء ذات الموارد الجيدة، بينما ضمت الأرباع الثلاثة المتبقية نحو 12,000 مريض مثلوا الأحياء منخفضة الموارد.

بعد متابعة حالة المرضى فترة وسطية بلغت 5 سنوات بعد تخريجهم من المشفى، كشفت النتائج أن سكان الأحياء منخفضة الموارد كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 5% في غضون 5 سنوات بعد إصابتهم بنوبة قلبية بصرف النظر عن سبب الوفاة، فضلًا عن رصد البحث أيضًا تباينات كبيرة في الوضع الصحي تبعًا لجودة الحي وربما حسب العرق.

قاربت نتائج السود في الأحياء جيدة الموارد نتائج الأفراد البيض من أحياء مماثلة؛ كان السود القاطنون في الأحياء قليلة الموارد أكثر عرضة للوفاة بنسبة 19% من المرضى البيض في الأحياء ذات الموارد الجيدة، مع انخفاض هذه النسبة إلى 14% عند مقارنتهم مع السكان البيض في الأحياء قليلة الموارد، علمًا أن نتائج الدراسة لم تظهر فرقًا كبيرًا في احتمالية الوفاة بين السكان البيض في الأحياء جيدة الموارد والأشخاص البيض في الأحياء قليلة الموارد.

سلطت الدراسة الضوء على تأثير البيئة على صحة الفرد وتأثير عوامل أخرى مثل الفقر على النتائج.

قالت الدكتورة ساكيما سميث، اختصاصية أمراض القلب وكبيرة مسؤولي قسم التنوع والإدماج في قسم القلب والأوعية الدموية التابع لمركز ويكسنر الطبي بجامعة أوهايو: «أؤمن أن هذه الدراسة تسلط الضوء على محددات الصحة من الناحية الاجتماعية، وتشير إلى إسهام مكان سكنك في الأضرار اللاحقة بعد الإصابة بأزمة قلبية أكثر من إسهام العامل العرقي فيها».

أضافت الدكتورة ميلودي غودمان، مساعدة العميد للبحوث في كلية الصحة العامة العالمية بجامعة نيويورك: «في قطاع الصحة العامة، نعلم أن بيئات العمل والعيش والتسلية تؤثر في حالة الفرد الصحية، فطبيعة المكان الذي تعيش فيه مهم جدًا، خاصةً بسبب تجذر العنصرية في هياكل البلاد وبنيتها. استنادًا إلى الرمز البريدي، يمكننا توقع المزيد حول صحة الشخص، دون نسيان أهمية الاقتصاد، فالفقر أعظم قاتل في الولايات المتحدة».

كيفية مساعدة الأفراد بصورة أفضل بعد إصابتهم بنوبة قلبية

قال الدكتور جيسي جويتيا، طبيب الأمراض القلبية في مركز كايزر بيرماننتي الطبي والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن خبراء الرعاية الصحية يجب أن يراعوا التحديات التي يواجهها هؤلاء المرضى بعد خروجهم من المستشفى، وأن يفكروا أيضًا في خلق طرق بديلة لتلبية احتياجات المرضى الطبية، مثل الترتيبات اللازمة لإيصال الأدوية إليهم عند افتقارهم إلى وسائل النقل أو تعذر حضور مواعيد الطبيب الافتراضية.

قالت سميث إن تماثل النتائج لدى الأفراد السود من الأحياء جيدة الموارد ونتائج الأفراد البيض يشكل أعظم الفوائد التي قدمتها الدراسة، وأضافت: «على أي حال، يستمر وجود الفجوة الكبيرة مع استمرار سلبية النتائج الخاصة بالسود القاطنين في الأحياء قليلة الموارد، ما يحتاج بدوره إلى عمليات معالجة ودراسة للمضي قدمًا».

قال جويتيا إن الدراسات المستقبلية قد تستخدم المؤشر نفسه لدراسة المرضى المعالجين خارج منظومة كايزر، مع شكه بالقدرة على رصد الاختلافات بين المرضى عند اختلاف تأمينهم الصحي.

تؤدي العوامل البيئية الرئيسية دورًا مهمًا في مرحلة الشفاء عند مرضى النوبات القلبية، حسبما أوضح الدكتور بول لورانس دوغلاس، اختصاصي أمراض القلب والأستاذ المساعد في كلية مورهاوس للطب في أتلانتا؛ فيقول: «هل تعيش ضمن ما يسمى صحراء طعام؟ هل تعيش في بيئة آمنة يمكنك ممارسة الرياضة فيها؟ يشكل شح الوصول إلى وسائل النقل حاجزًا كبيرًا، خاصةً بالنسبة إلى سكان المناطق الريفية».

قالت سميث إن المستويات الحكومية المختلفة تؤدي دورًا رئيسيًا في تقييم موارد الأحياء، والبنية التحتية الصحية، وإمكانية الوصول إلى رعاية جيدة، فضلًا عن التأكد من تصنيف هذا التقييم بمثابة أولوية، مضيفةً: «يجب تقديم الدعم للأحياء التي قد تعجز عن الالتزام بهذه المقاييس الرئيسية؛ إنه مبدأ أساسي من مبادئ الوقاية الأولية وقد يقدم فائدة كبيرة لاحقًا للمجتمع والسكان عمومًا».

قال دوغلاس، الذي يشغل منصب رئيس فريق العمل المعني بالمساواة الصحية في الكلية الأمريكية لأمراض القلب، إن فريقه قد طور استراتيجيات للمساعدة على تحقيق أهداف العدالة الصحية، بما فيها دمج هذه الأهداف ضمن مؤهلات الفريق، وجعل أعضائه أكثر وعيًا بتطبيق العدالة الاجتماعية في الرعاية الصحية، وتعليمهم مناهضة العنصرية.

«نريد الانتقال إلى وضع يمكّننا من الحصول على الأدوات المتاحة للتعامل مع مقوضات الصحة في مجتمعنا. إننا نحاول وضع مقاييس تساعدنا على قياس تأثيرنا، ونسعى أيضًا إلى دعم الرأي القائل إن التفاوتات في الرعاية الصحية المقدمة تزيد من ميزانية الرعاية الصحية عمومًا. نأمل أن نعزز ثقل الكلية بصفتها أحد أبرز الرواد المبتكرين في المجال الطبي عبر تسليطنا الضوء على هذه المشكلة ودفع الأعضاء إلى مشاركتنا الرأي نفسه».

اقرأ أيضًا:

النوبة القلبية أو احتشاء عضلة القلب

الناجون من نوبات قلبية أكثر عرضة لخطر الإصابة بالسرطان

ترجمة: حسام شبلي

تدقيق: نغم رابي

المصدر