قد تشعر بعض النساء بالحيرة فيما يتعلق بالمكملات الغذائية خلال الحمل، لكن الأمر أبسط من المتوقع فيما يخص الفيتامينات والمكملات. من المعروف أن الأطعمة البحرية ذات المحتوى العالي من الزئبق وكذلك الكحول والتبغ أمور يجب تجنبها خلال الحمل ، لكن المفاجئ أنه يجب تجنب أنواع معينة من الفيتامينات والمعادن والأعشاب أيضًا. قد تتباين المعلومات المتعلقة بالمكملات الآمنة، لذا سنوضح هذه الأمور في هذا المقال.

ما الحاجة إلى تناول المكملات أثناء الحمل؟

إن الحصول على المغذيات الأساسية أمر مهم في كل مراحل الحياة، لكنه ضروري خصوصًا في أثناء الحمل، إذ إن ذلك ضروري لصحة كل من الأم والجنين.

يزيد الحمل الحاجة إلى المغذيات

تزيد الحاجة إلى المغذيات الكبرى في الحمل كثيرًا، ومن هذه المغذيات الكربوهيدرات والبروتينات والدسم. مثلًا يزداد الاحتياج اليومي من البروتين البالغ 0.8 غم لكل كيلوغرام من الوزن لدى النساء غير الحوامل إلى 1.1 غم لكل كيلو غرام لدى المرأة الحامل. إذ يجب تناول البروتين في كل الوجبات الرئيسية والخفيفة لتلبية احتياج الجسم.

تزيد حاجة الجسم إلى المغذيات الصغرى كالفيتامينات والمعادن والعناصر الزهيدة كثيرًا مقارنةً بحاجته إلى المغذيات الكبرى. تحصل بعض النساء على الاحتياجات الغذائية من الحمية الغذائية المتوازنة، لكن قد تحتاج أخريات إلى المكملات الغذائية لأسباب متنوعة منها:

  •  نقص المغذيات: تحتاج بعض النساء إلى المكملات المحتوية على المعادن والفيتامينات عندما يكشف تحليل الدم عن عوز في أحد تلك العناصر، وعلاج العوز ضروري جدًّا إذ يرتبط نقص بعض المغذيات كالفولات بتشوه الأجنة.
  •  القيء المفرط الحملي: وهو أحد مضاعفات الحمل التي تتصف بالغثيان والتقيؤ الشديد الذي قد يؤدي إلى فقدان الوزن وعوز بعض العناصر الغذائية.
  •  التقيّد الغذائي: إن النساء اللائي يتبعن حميات غذائية معينة كالحمية النباتية أو من لديهن حساسية تجاه بعض الأطعمة يحتجن إلى المكملات الغذائية لتجنب عوز بعض العناصر الغذائية.
  •  التدخين: مع أن التدخين من الممنوعات خلال الحمل، فإن الحوامل اللائي يواصلن التدخين تزداد لديهن الحاجة إلى بعض المغذيات كالفولات وفيتامين سي.
  •  تعدد الأجنة: إن النساء اللائي يحملن أكثر من جنين واحد لديهن احتياجات أكبر، وعلى هذا فإن المكملات ضرورية لتأمين الاحتياجات الغذائية لكل من الأم والجنين.
  •  الطفرات الجينية مثل (MTHFR): تحول جينة الميثيلين تيتراهيدروفولات ريدكتاز مركب الفولات إلى الشكل الذي يستطيع الجسم الاستفادة منه، والحوامل اللائي يمتلكن طفرةً في هذه الجينة بحاجة إلى نوع خاص من الفولات لتجنب المضاعفات الناتجة عن عوزه.
  •  سوء التغذية: تحتاج الحوامل اللائي يتناولن حمية غذائية فقيرة بالمغذيات إلى المكملات الغذائية لتجنب عوز بعض العناصر الضرورية.

ينصح خبراء الكلية الأمريكية لطب التوليد وأمراض النساء جميع النساء الحوامل بتناول المكملات الغذائية والفولات لتجنب نقص العناصر الغذائية والعيوب الخلقية ومشاكل النمو مثل السنسنة المشقوقة (تشوه في القناة العصبية لدى الطفل).

المكملات الغذائية في أثناء الحمل: ما هو آمن وما هو غير آمن - المعلومات المتعلقة بالمكملات الآمنة - تناول المكملات الغذائية من قبل المرأة الحامل

المكملات العشبية مفيدة لكن يجب استهلاكها بحذر

وجدت دراسة أجريت عام 2019 أن نسبة 15.4% من النساء الحوامل في الولايات المتحدة الأمريكية يتناولن المكملات العشبية دون استشارة الطبيب، ووجدت دراسة أجريت عام 2017 أن 25% من النساء يتناولن المكملات العشبية دون إخبار أطبائهن.

بعض المكملات العشبية آمنة خلال الحمل وبعضها الآخر ليس كذلك، ومع أن بعضها قد يكون مفيدًا في علاج بعض مشكلات الحمل كالغثيان والاضطرابات الهضمية، قد يكون بعضها خطرًا على الجنين والأم في الوقت ذاته. لا توجد الكثير من الأبحاث التي تتعلق بتناول الحوامل للمكملات العشبية، ويوجد نقص كبير في معرفة التأثيرات الناتجة عنها، والحل الآمن هو إخبار الطبيب بكل التغييرات المتعلقة بالحمية الغذائية والمكملات المتناولة.

المكملات الآمنة في أثناء الحمل

يجب أن يشرف الطبيب على كل المكملات المتناولة خلال الحمل، كما هو الحال عند تناول الأدوية، للتحقق من ضروريتها وتناولها بكميات آمنة. ومن الضروري شراء المكملات من علامات تجارية تخضع منتجاتها لرقابة جهات أخرى كدستور الأدوية الأمريكي، لضمان أمان المكملات وخضوعها لمعايير محددة. وتمكن استشارة الصيدلاني لمعرفة الأنواع الآمنة.

1. فيتامينات الحمل: وهي فيتامينات متعددة صيغت بطريقة خاصة لتأمين الاحتياجات الغذائية المتزايدة في أثناء الحمل، يمكن تناولها قبل حدوث الحمل وفي أثنائه وعند الإرضاع. وجدت الدراسات أن تناول هذ الفيتامينات يقلل من خطورة الولادة المبكرة وتسمم الحمل -وهي حالة تتميز بارتفاع كبير في الضغط- وإمكانية حدوث بيلة بيروتينة.

لا يجب الاستغناء عن حمية صحية ومتوازنة بتناول المكملات، لكنها قد تعوض النقص الناتج عن ازدياد الحاجة الجسدية إلى تلك العناصر خلال الحمل. ولما كانت هذه الفيتامينات تحوي العناصر اللازمة فإن تناول مكملات أخرى قد لا يكون ضروريًا، لذلك تجب استشارة الطبيب قبل تناول مكملات إضافية.

2. الفولات: هو فيتامين بي يؤدي دورًا مكملًا في بناء الحمض النووي وإنتاج الكريات الحمراء ونمو الجنين وتطوره. حمض الفوليك هو الشكل الموجود في معظم المكملات الغذائية ويتحول إلى شكله الفعال في الجسم وهو ميثيل الفولات، ويوصى بتناول 600 ميكروغرام من الفولات أو حمض الفوليك يوميًّا لتقليل خطر حدوث تشوهات القناة العصبية للجنين وبعض العيوب الخلقية الأخرى كالحنك المشقوق والعيوب القلبية.

إذ وُجد في مراجعة لخمس دراسات عشوائية تتضمن 6105 امرأة أن تناول المكملات المحتوية على الحاجة اليومية من حمض الفوليك قد قلل من خطورة تشوهات القناة العصبية دون تأثيرات جانبية سلبية. ويمكن الحصول على الحاجة اليومية من الفولات من الغذاء ولكن العديد من النساء لا يتناولن الأغذية الغنية به ما يجعل تناول المكملات المحتوية على الفولات أمرًا ضروريَّا.

يوصي مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها جميع النساء في عمر الإنجاب بتناول 400 ميكروغرام من الفولات أو حمض الفوليك يوميًّا، وذلك لأن العديد من حالات الحمل غير مُخطط لها، ولأن عيوب النمو المتعلقة بنقص الفولات تحدث في مراحل مبكرة من الحمل، حتى قبل اكتشاف الحمل. ويُفضل اختيار مكملات تحتوي الفولات في شكل ميثيل فولات لضمان الامتصاص الأقصى له، خاصةً لدى النساء اللائي يعانين طفرة (MTHFR).

3. الحديد: يزيد الاحتياج الجسدي للحديد كثيرًا في أثناء الحمل، إذ يزداد حجم دم الأم بنسبة 45%. إن الحديد ضروري لنقل الأكسجين والنمو السليم للطفل والمشيمة، ويظهر عوز الحديد لدى 18% من النساء الحوامل في الولايات المتحدة ويعاني 5% منهن فقر الدم. ويرتبط فقر الدم في أثناء الحمل بالولادة المبكرة واكتئاب ما بعد الولادة وفقر دم الجنين، وتبلغ الجرعة اليومية الموصى بها 27 ملغم يوميًا، وتتوافر هذه الجرعة في معظم مكملات فيتامينات الحمل، لكن حال وجود حالات فقر الدم يوصي الطبيب بجرعات أكبر، ولا يجب تجاوز الجرعات الموصى بها تجنبًا للتأثيرات الجانبية الضارة كالإمساك والتقيؤ والمستويات المفرطة من هيموغلوبين الدم.

4. فيتامين دي: هذا الفيتامين الذائب في الدهن ضروري لعمل الجهاز المناعي وصحة العظام وانقسام الخلايا. ويرتبط عوزه في أثناء الحمل بزيادة خطر الحاجة إلى العملية القيصرية والولادة المبكرة والسكري الحملي. وتبلغ الجرعة الموصى بها خلال الحمل 600 وحدة دولية أو 15 ميكروغرام يوميًّا. يرى بعض الباحثين أن الجرعة المطلوبة خلال الحمل أعلى من ذلك بكثير. وتجب استشارة الطبيب لتحديد الجرعة اللازمة واختيار المكملات المناسبة.

5. المغنيزيوم: هو عنصر ضروري يدخل في مئات التفاعلات الكيميائية بالجسم، وله دور مهم في عمل جهاز المناعة والعضلات والأعصاب. ويزيد نقص المغنيزيوم خطر الولادة المبكرة وارتفاع الضغط المزمن، وتشير بعض الدراسات إلى أن المكملات المحتوية على المغنيزيوم تساعد على التقليل من خطر الولادة المبكرة ونقص نمو الجنين.

6. الزنجبيل: يُستخدم الزنجبيل عادةً توابل للطعام ومكملًا عشبيًا، إذ يشيع استخدامه لعلاج الغثيان المرتبط بالحمل ودوار الحركة والعلاج الكيميائي للسرطان. ذكرت مراجعة لأربع دراسات أن الزنجبيل آمن وفعال لعلاج الغثيان والتقيؤ الناتج عن الحمل، الذي يحدث لدى 80% من النساء خلال الثلث الأول من الحمل. ورغم فعالية الزنجبيل في علاج الغثيان والتقيؤ، ما زال المزيد من البحث مطلوبًا لتحديد الجرعة الآمنة القصوى.

7. زيوت السمك: تحتوي حمض دوكوساهيكسانويك (DHA) وحمض إيكوسابنتانويك (EPA) وهما حمضان دهنيان ضروريان لنمو دماغ الجنين. قد يعزز تناول المكملات المحتوية على زيوت السمك تطور دماغ الطفل بعد الولادة ويقلل من اكتئاب ما بعد الولادة، لكن لا تزال الأبحاث المعلقة بهذا التأثير غير جازمة تمامًا.

فمع أن الدراسات المبنية على الملاحظة أظهرت تحسنًا في الوظائف العقلية لدى مواليد النساء اللائي تناولن مكملات زيوت السمك، فشلت بعض الدراسات المعيارية في إظهار منفعة ثابتة، إذ أظهرت دراسة أجريت عام 2010 وتضمنت 2399 امرأة عدم وجود فروق في الوظائف العقلية بين مواليد النساء اللائي تناولن مكملات زيوت السمك بجرعة 800 ميكروغرام من زيت DHA ومواليد النساء اللائي لم يتناولنها، إضافةً إلى أن تناول هذه الزيوت لم يكن له تأثير في اكتئاب ما بعد الولادة، لكن الدراسات أثبتت فائدة هذه الزيوت في تجنب الولادة المبكرة وقدمت بعض الأدلة على تحسن تطور البصر لدى الأطفال.

إن مستويات زيوت DHA المناسبة لدى الأم ضرورية لنمو الجنين، وتعد مكملاتها آمنة، لكن لم يُجزم إلى الآن هل تناول مكملاتها في أثناء الحمل ضروري أم لا؟ للحصول على كل من DHA وEPA من الغذاء يُنصح بتناول 2-3 وجبات من الأسماك ذات المحتوى المنخفض من الزئبق مثل سمك السلمون والسردين والبلوق أسبوعيًا.

8. المتممات الحيوية (بروبيوتكس): هي عضويات دقيقة حية يُعتقد أنها مفيدة للصحة الهضمية، وأظهرت العديد من الدراسات أن تناولها آمن في أثناء الحمل ولم يُذكر أي تأثيرات جانبية ضارة لها، إضافةً إلى أن احتمال تسببها بإنتانات ضئيل. وأظهرت الدراسات أيضًا أن تناول هذه المتممات قد يقلل من خطورة حدوث سكري الحمل واكتئاب ما بعد الولادة والإكزيما والتهاب الجلد لدى الجنين. لا تزال الأبحاث المتعلقة بهذه المتممات جارية، ولم يُكتشف الكثير من المعلومات المتعلقة بتأثيرها في الأم والجنين بعد.

9. الكولين: يؤدي دورًا حيويًّا في نمو دماغ الجنين ويساعد على تجنب نشوء عيوب في الدماغ والنخاع الشوكي. تبلغ الجرعة الحالية المسموح بها من الكولين في أثناء الحمل 450 ملغم يوميًا لكنها تُعد منخفضةً، إذ إن جرعة 930 ملغم يوميًا تحقق الفائدة القصوى.

المكملات التي يجب تجنبها خلال الحمل

  1.  فيتامين أ: يوجد في معظم المكملات الغذائية الخاصة بالحمل لأنه ضروري من أجل صحة العين وعمل جهاز المناعة لدى الجنين، لكن تجاوز الكمية المسموحة منه قد يكون مؤذيًا، فهو فيتامين ذائب في الدهن ويخزن الجسم الكميات الفائضة منه في الكبد، وقد يسبب تراكم كميات كبيرة منه تأثيرات سُمية وأذية كبدية وحتى عيوبًا خلقية. ويمكن الحصول على الكميات الكافية من هذا الفيتامين من الحمية الغذائية وفيتامينات الحمل، ولا يُنصح بتناول كمية إضافية منه.
  2.  فيتامين إي: لهذا الفيتامين الذائب في الدهن دور ضروري في التعبير الجيني وعمل الجهاز المناعي، ومع أنه فيتامين ضروري، لا يُنصح بتناول مكملات خاصة به، إذ إن الكميات الفائضة منه لم تُظهر أي نتائج إيجابية للأم أو الجنين، بل إنه يزيد خطورة الآلام البطنية وتمزق الكيس السلوي قبل الولادة.
  3.  الكوهوش الأسود: أحد أفراد العائلة الحوذانية (رجل الغراب) وهو نبات يُستخدم للعديد من الأغراض كتخفيف الهبات الساخنة وتشنجات الدورة الشهرية، لكنه ليس آمنًا للاستعمال خلال الحمل إذ إنه قد يسبب تقلصات رحمية قد تؤدي إلى ولادة مبكرة. وقد وُجد أنه قد يسبب أذيةً كبدية لدى بعض الأشخاص.
  4.  خاتم الذهب: نبات يُستخدم مكملًا غذائيًا لعلاج الإنتانات التنفسية والإسهال، رغم عدم كفاية الأبحاث المتعلقة بفعاليته وأمانه. يحتوي نبات خاتم الذهب مادة تسمى البربارين تزيد سوء حالة اليرقان لدى الأطفال، وقد يؤدي إلى الاعتلال الدماغي الصفراوي، وهو حالة نادرة من التضرر الدماغي قد تؤدي إلى الوفاة. لذا يجب حتمًا تجنب هذا النبات.
  5.  دونغ كواي: جذور عشبية تُستخدم في الطب التقليدي الصيني منذ أكثر من ألف عام لعلاج العديد من الحالات كتشنجات الدورة الشهرية وحتى ارتفاع ضغط الدم، لكن لا تكفي المعلومات المتوافرة عنها لتقييم فعاليتها وأمانها. يجب تجنب تناولها لأنها قد تحرض تقلصات رحمية تزيد من خطر حدوث الإجهاض.
  6.  اليوهمبي (الأفرودين): مكمل غذائي مصنوع من لحاء شجرة إفريقية، ويُستخدم لعلاج العديد من الحالات كالخلل الوظيفي الانتصابي وحتى السمنة. ويُمنع استعمال هذه العشبة خلال الحمل لأن لها تأثيرات جانبية ضارة كارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية والنوبات.
  7.  مكملات عشبية أخرى تُعد غير آمنة للاستعمال في أثناء الحمل:
  •  المنشارة النخلية.
  •  حشيشة الدود.
  •  البرسيم الأحمر.
  •  حشيشة الملاك.
  •  أخيليا ألفية.
  •  الأفسنتين.
  •  الكوهوش الأزرق.
  •  الفوتنج.
  •  الإيفيدرا (عنب البحر).
  •  حبق الراعي (حشيشة النار).

اقرأ أيضًا:

أفضل الأطعمة لصحة النساء

الأطعمة التي يجب أن تتجنبها المرأة الحامل

ترجمة: ليلان عمر

تدقيق: رزوق النجار

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر