دائمًا ما يمثّل اكتشاف جرم جديد حدثًا مهمًا ومثيرًا، خاصة حين تكون الأعداد المعروفة من نوعه قليلةً هكذا، لأنها قد توصلنا إلى معلومات جديدة عن نشأة تلك الأجرام وتطورها وسلوكها. اكتشاف نجم جديد نادر في مجرة درب التبانة، يسمى MAXI J1816-195، ويبعد عن كوكبنا 30000 سنة ضوئية، وتشير المشاهدات والدراسات الأولية إلى إنه نجم ينبض بأشعة سينية زمنها الدوري يقدر بالملي ثانية، ولا نعرف له مثيلاً اليوم سوى 18 نجمًا، حسب قاعدة بيانات النجوم النابضة التي جمعها الفلكي أليساندرو باترونو.

رصدت وكالة الفضاء اليابانية الشعاع الصادر من النجم أول مرة في 7 يونيو 2022 مستخدمةً مرصدها المختص في تصوير الأشعة السينية من السماء -ماكسي- المركب خارج المحطة الفضائية الدولية.

نشر الفريق الياباني بقيادة الفلكي هيتوشي نيغورو بجامعة نيهون اليابانية إخطارًا في منصة برقية الفلكيين (أتيل) Astronomers Telegram، مفاده أنهم حددوا مصدرًا مجهولًا للأشعة السينية يقع في المستوى المجري بين كوكبات القوس والترس والحية.

كان النجم يستعر ببريق غير عادي حسب ما شاهد الفريق، لكنهم لم يتمكنوا من تعريفه انطلاقًا مما لديهم من بيانات.

لم يمض وقت طويل حتى تهافت الفلكيون الآخرون لمراقبة ذلك المصدر. ركز عالم الفلك جيمي كيني وزملاؤه من جامعة بنسلفانيا على مسح المنطقة المستهدفة باستخدام مرصد نيل غيريلز سويفت الفضائي للتأكد من رصد النجم بمنظومة مستقلة وتحديد موقعه.

رصد سويفت الجرم في الموقع الذي حدده ماكسي باستخدام الأشعة السينية، لكنه لم يستطع رصد أي شيء في نطاق الضوء المرئي أو الأشعة فوق البنفسجية.

كتب الفريق في منصة أتيل: «لا يقع ذلك الجرم في نطاق أي مصدر مسجل للأشعة السينية، لذلك فنحن نتفق أننا اكتشفنا مصدرًا عابرًا جديدًا MAXI J1816-195. علاوة على هذا، لا تُظهر المشاهدات السابقة المحفوظة لدى سويفت أي مصدر للإشعاع في تلك المنطقة».

انضمّ بعد ذلك مستكشف التركيب الداخلي للنجوم النابضة المعروف بمرصد نايسر المعلق أيضا خارج المحطة الفضائية الدولية إلى سلسلة التحقق من دقة الرصد، من خلال بحث قاده عالم الفلك بيتر بالت من مركز غودارد للرحلات الفضائية في ناسا.

بدأ الاستقصاء يأخذ منحى مثيرًا في هذه الخطوة، إذ التقط نايسر نبضات من الأشعة السينية ترددها 528.6 هرتز، ما يدلّ على أن هذا الجرم يدور حول محوره بمعدل 528.6 دورة ً في الثانية، إضافةً إلى وجود دفق حراري نووي من الأشعة السينية.

يكشف ذلك أن MAXI J1816-195 ما هو إلا نجم نيوتروني نابض بالأشعة السينية بزمن مللي ثانية.

ماذا يعني الكلام السابق؟

ليست كل النجوم النابضة سواء،فالنجم النابض نوع من النجوم النيوترونية، وهو في الأصل نواة نجم عملاق ميت انتهى بانفجار سوبرنوفا. قد تصل كتلة هذه الأجسام شديدة الصغر وعالية الكثافة إلى 2.2 مرة ضعف كتلة الشمس مضغوطة في كرة قطرها لا يتجاوز 20 كيلومترًا.

يصنف النجم نابضًا إن كان يصدر نبضًا راديويًا، إذ تصدر الإشعاعات الراديوية من قطبي النجم، وبسبب ميل محور النجم بالنسبة للأرض، تمسح الأشعة سطح الأرض بصورة مقاربة لشكل الضوء الصادر من المنارة البحرية.

النجم النابض بزمن مللي ثانية هو نجم نابض يدور بسرعة عالية جدًا، لدرجة أنه ينبض عدة مئات من المرات في الثانية الواحدة.

تستمد بعض النجوم النابضة قوتها من الدوران، بينما يعتمد البعض الآخر على تراكم المادة، حين يتزاوج النجم النيوتروني مع نجم آخر ويدوران في مسار شديد التقارب لدرجة تتسرب فيها المادة من النجم المرافق إلى النجم النيوتروني، فتنساب المادة بمحاذاة خطوط المجال المغناطيسي للنجم النيوتروني حتى تصل إلى قطبيه، وتتراكم على سطحه مسببةً مناطق مستعرة تصدر منها إشعاعات سينية.

قد تؤدي عملية تراكم المادة إلى تسارع النجم النابض ليدور حول محوره عدة مئات من المرات كل ثانية.

هذا النوع النادر من النجوم هو النجم النابض التراكمي بزمن مللي ثانية، ويبدو أن النجم المكتشف حديثا MAXI J1816-195 ينتمي لهذا النوع النادر من النجوم.

يرجح بأن دفقات الأشعة السينية التي رصدها نايسر هي نتيجة اشتعال حراري نووي غير مستقر لمواد متراكمة من النجم المرافق.

مازالت عمليات رصد النجم مستمرة وتجرى باستخدام ترددات مختلفة ،لأن الاكتشاف ما زال حديثًا.

يتابع الحدث بالفعل مرصد سويفت، وخُصص تلسكوب ليفربول بجزر الكناري في أسبانيا للبحث عن مشاهدات بصرية، لكن شيئًا لم يرصد حتى وقت كتابة المقال. وأي مجهود إضافي من الفلكيين هو موضع ترحيب.

في هذه الأثناء، يحلل بالت وفريقه زمنيًا وبدقة النجم النابض، وسينشرون تحليلاتهم حال توفر معلومات جديدة.

يمكن متابعة المستجدات على منصة برقية الفلكيين (أتيل).

اقرأ أيضًا:

من قال إننا انتهينا من اكتشاف أنواع النجوم؟ اكتشاف نوع جديد من النجوم النابضة

دراسة جديدة تؤكد أن النجوم في كوننا أكبر بكثير مما كان متوقعًا سابقًا

ترجمة: أحمد أسامة أبو حليمة

تدقيق: سمية بن لكحل

المصدر