ما يزال الباحثون يحاولون فهم البلورات الزمنية؛ وهي مواد غريبة تهتز بالحركة باستمرار. إذ إن اكتشاف نوع جديد من بلورات الزمن يمكن أن يعزز فهمنا لهذا الشكل الغامض من المادة.

على غرار الطريقة التي تتكون بها البلورات التقليدية من الذرات والجزيئات التي تكرر نفسها في مكان معين، فإن البلورات الزمنية هي تجمعات من الجسيمات تُظهر أنماطًا إيقاعيةً على مدى فترة زمنية بطريقة يبدو أنها تتحدى التفسير العلمي للوهلة الأولى.

في عام 2012 طُرح مفهوم البلورات الزمنية، وبعد أربع سنوات فقط رُصدت في المختبر لأول مرة. ومنذ ذلك الحين كان العلماء يجربون بنشاط هذه المواد من أجل استكشاف المبادئ الأساسية لفيزياء الجسيمات، واكتشاف الاستخدامات العملية المحتملة.

بناء على أحدث الأبحاث من أجل تطوير نوع جديد من بلورات الزمن التي يُشار إليها باسم بلورة الزمن (الضوئية). إذ تعمل هذه البلورة باستخدام ترددات الميكروويف، ولديها القدرة على تنظيم الموجات الكهرومغناطيسية وتعزيزها.

يُظهر هذا الابتكار إمكانات للتطبيقات المستقبلية في مجموعة من المجالات، مثل أنظمة الاتصالات اللاسلكية وتكنولوجيا الليزر والدوائر الإلكترونية.

يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة (زوتشين وانج)، مهندس في تقنية النانو في معهد كارلسروه للتكنولوجيا في ألمانيا، أنه في بلورة الزمن الضوئية، تترتب الفوتونات في نمط يتكرر بمرور الوقت، هذا يعني أن الفوتونات في بلورة الوقت متزامنة ومترابطة، ما يؤدي إلى تداخل بناء الضوء وتضخيمه.

إضافة إلى ذلك اكتشف الفريق أنه يمكن تضخيم الموجات الكهرومغناطيسية التي تعبر الأسطح، وأيضًا الموجات المنبعثة من البيئة المحيطة بالبلورة.

يركز البحث بشكل أساسي على نهج ثنائي الأبعاد يستخدم طبقات فائقة الرقة من المواد الاصطناعية تسمى (الأسطح الفائقة). إذ إنه في السابق اشتملت الأبحاث والدراسات في بلورات الزمن الضوئية على مواد ضخمة ثلاثية الأبعاد، ما شكّل تحديات كبيرةً للعلماء بشأن التصنيع والفحص. ومع ذلك فإن التحول إلى نهج ثنائي الأبعاد يوفر مسارًا أكثر كفاءةً وأبسط للتجريب وفهم التطبيقات الواقعية المحتملة لهذه البلورات.

على الرغم من كونها أقل تعقيدًا من الهياكل ثلاثية الأبعاد الكاملة، فإن الأسطح الفائقة تمتلك سمات مهمةً مشابهةً لبلورات الزمن الضوئية، ما يسمح لها بتقليد خصائصها، بما في ذلك التفاعل الضوئي.

يمثل هذا البحث المرة الأولى التي لوحظ فيها أن بلورات الزمن الضوئية تضخم الضوء بهذه الطريقة وبدرجة كبيرة. ووفقًا لـ وانج فإن عملية تقليل الأبعاد من ثلاثة أبعاد إلى بُعدين تبسط التنفيذ كثيرًا، ما يجعل من الممكن استخدام البلورات الزمنية الضوئية في سيناريوهات العالم الحقيقي.

على الرغم من أن التطبيقات العملية لبلورات الزمن الضوئية ما تزال بعيدة المنال، فمن المتوقع أن يؤدي استخدام الأسطح الفائقة ثنائية الأبعاد لإنشاء وتحليل بلورات الزمن الضوئية، إلى تبسيط جهود البحث المستقبلية إلى حد بعيد.

إن هذا الاكتشاف لتضخيم الموجات الكهرومغناطيسية على طول الأسطح، يمكن استخدامه في المستقبل لتعزيز الدوائر المتكاملة، التي توجد في كل مكان في الأجهزة مثل الهواتف والسيارات. فإذا حُقق ذلك فقد يؤدي إلى اتصال أسرع وأكثر كفاءةً داخل هذه الدوائر.

يمكن أن تعاني أنظمة الاتصالات اللاسلكية من تدهور الإشارة مع زيادة المسافة، ولهذا السبب قد لا تتمكن من الوصول إلى شبكة (واي فاي) في مناطق معينة داخل منزلك. ومع ذلك فإن تغطية الأسطح ببلورات الزمن الضوئية ثنائية الأبعاد يتيح إمكانية تحسين جودة الاتصال اللاسلكي، وتخفيف هذه المشكلة.

يوضح الفيزيائي (فيكتور أسدشي) من جامعة آلتو في فنلندا أنه عندما تتحرك الموجة الكهرومغناطيسية خلال الأسطح، فإنها تتعرض لخسائر تؤدي إلى ضعف الإشارة. ومع ذلك فإن دمج بلورات الزمن الضوئية ثنائية الأبعاد في النظام يمكن له أن يعزز الموجة الكهرومغناطيسية ويحسّن كفاءة الاتصال.

اقرأ أيضًا:

طائرة ركاب كهربائية هجينة تنجح في أول اختبار لها

الأمر لم يكن حلمًا: الخوارزمية التي كادت توقف سباق التسلح النووي!

ترجمة: عبد الله محمد

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر