استُخدِم تلسكوب جيمس ويب الفضائي وتلسكوب هابل للتأكد من أحد الألغاز المُربكة في الفيزياء، وهو أن الكون يبدو أنه يتمدد بسرعات مختلفة بصورةٍ مربكة اعتمادًا على المكان الذي يُراقب فيه.

المشكلة المعروفة باسم توتر هابل، لها القدرة على تغيير علم الكون وحتى تحطيمه بأسره.

في عام 2019، أكدت قياسات تلسكوب هابل أن اللغز حقيقي؛ وفي عام 2023، كانت القياسات أكثر دقة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) التي رسّخت التناقض.

الآن، بفضل التحقق المزدوج الحاصل باستخدام كل من التلسكوبين الذين يعملان معًا، يبدو أن الاحتمالية الحقيقية لوجود أي خطأ في القياس قد وُضعت جانبًا نهائيًا.

تقترح الدراسة التي نُشرت في مجلة Astrophysical Journal Letters، أنه قد يكون هناك شيء خطير حقًا في فهمنا للكون.

قال آدم ريس، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ الفيزياء والفلك في جامعة جونز هوبكنز: «مع إلغاء أخطاء القياس، ما يبقى هو الاحتمال الحقيقي المثير للاهتمام بأننا قد فهمنا الكون بصورةٍ خاطئة».

فاز آدم ريس وسول بيرلموتر وبرايان شميت بجائزة نوبل في الفيزياء عام 2011 عن اكتشافهم في عام 1998 للطاقة المظلمة، وهي القوة الغامضة وراء توسع الكون المتسارع.

حاليًا، توجد طريقتان معياريتان لاكتشاف ثابت هابل، القيمة التي تصف سرعة تمدد الكون.

الطريقة الأولى تتضمن دراسة التقلّبات الصغيرة في الخلفية الميكروية الكونية (CMB)، آثار قديمة لأول ضوء في الكون أُنتج قبل 380،000 سنة بعد الانفجار العظيم.
وبين عامي 2009 و2013 رسم علماء الفلك خريطة للخلفية الميكروية باستخدام القمر الصناعي Planck التابع لوكالة الفضاء الأوروبية لاستنتاج ثابت هابل بحوالي 46200 ميل في الساعة لكل مليون سنة ضوئية، أو بحوالي 67 كيلومتر في الثانية لكل ميغا بارسيك (كم/ث/مب).

الطريقة الثانية تستخدم النجوم النابضة المسماة بمتغيرات سيفيد. تموت نجوم سيفيد، وتنمو طبقاتها الخارجية من غاز الهيليوم وتتقلص كما تمتص وتطلق إشعاع النجم، ما يجعلها تتأرجح بانتظام مثل مصابيح الإشارة البعيدة.

كلّما زاد إشراق نجوم سيفيد، زادت سرعة نبضها، ما يعطي الفلكيين وسيلة لقياس سطوعها المطلق. وبمقارنة السطوع وسطوعها المرصود، يمكن للفلكيين ربط نجوم سيفيد في “سلم المسافات الكونية” للتطلع إلى أعمق في ماضي الكون.

بوجود هذا السلم، يمكن لعلماء الفلك العثور على رقم دقيق لتوسع الكون من خلال كيفية تمددها، أو الانزياح نحو الأحمر الذي حدث لضوئها.

لكن هنا يبدأ اللغز؛ لأن وفقًا لقياسات متغيرات سيفيد التي أجراها ريس وزملاؤه، فإن معدل تمدد الكون حوالي 74 كم/ث/مب: قيمة مرتفعة بصورةٍ لا تصدق عند مقارنتها بقياسات بلانك.

قال ديفيد غروس، عالم فلك حاصل على جائزة نوبل، في مؤتمر عُقد في عام 2019 في معهد كافلي للفيزياء النظرية (KITP) في كاليفورنيا: «لن نسميها توترًا أو مشكلة، بل أزمة».

في البداية، اعتقد بعض العلماء أن التناقض قد يكون ناتجًا عن خطأ في القياس سببه دمج متغيرات سيفيد مع النجوم الأخرى. ولكن في عام 2023، استخدم الباحثون تلسكوب جيمس ويب الفضائي JWST للتأكيد على أن قياسات هابل كانت صحيحة، ومع ذلك، فإن احتمالية التزاحم في ماضي أبعاد الكون ما تزال موجودة.

ولحلّ المشكلة، بنى ريس وزملاؤه على قياساتهم السابقة، ومراقبة 1000 نجمة من نجوم سيفيد في خمس مجرات مضيفة بعيدة بقدر 130 مليون سنة ضوئية عن الأرض. وبعد مقارنة بياناتهم وبيانات هابل، أكد الفلكيون قياساتهم السابقة لثابت هابل.

قال ريس: «لقد حرصنا على تغطية كل النطاق الذي رصده هابل، ويمكننا استبعاد خطأ القياس سببًا لتوتر ثابت هابل بثقة عالية جدًا».
وتابع: “«دمجنا لتلسكوبي جيمس ويب وهابل منحنا تصورًا أفضل. ونجد أن قياسات هابل ما تزال موثوقة».

اقرأ أيضًا:

تلسكوب جيمس ويب الفضائي يؤكد معدل تمدد الكون وأحد أكبر الألغاز الفيزيائية

تلسكوب جيمس ويب الفضائي يرصد مجرة تحتوي كميات مدهشة من المعادن

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: غفران التميمي

المصدر