بيّنت الدراسة التي نُشرت في 21 ديسمبر وأجراها باحثون في جامعة ديوك وكلية الطب في جامعة هارفارد وجامعة كاليفورنيا سان دييغو، أن فقدان حاسة الشم على المدى الطويل قد يكون مرتبطًا بهجوم مناعي مستمر على الخلايا العصبية الشمية وما يرتبط به من انخفاض في عدد تلك الخلايا.

قال كبير المؤلفين برادلي غولدشتاين، الأستاذ في قسم جراحة الرأس والرقبة بقسم علم الأعصاب في ديوك: «إن فقدان الرائحة هو أحد الأعراض الأولى التي ارتبطت عادةً بكوفيد-19».

أضاف: «كثير من الأشخاص الذين يعانون عدم ثبات في حاسة الشم أو اضطرابها وتمييز الروائح في أثناء المرحلة الحادة من كوفيد-19 يتعافون في غضون أسبوع إلى أسبوعين، لكن البعض الآخر لا يستطيع ذلك.

أضاف غولدشتاين: «نحتاج إلى فهم أكثر وأدق لسبب استمرار فقدان هذه المجموعة الفرعية من الناس لحاسة الشم لمدة تتراوح من أشهر إلى سنوات بعد إصابتهم بالعدوى».

سابقًا، حدد أستاذ علم الأعصاب في معهد بلافاتنيك في سانديب روبرت داتا وفريقه أنواع الخلايا الشمّية الأكثر عرضة للإصابة بكوفيد-19 في بحثهم لعام 2020 في مجلة Science Advances، خلصوا إلى أن الفيروس يصيب أساسيًا الخلايا التي توفر الدعم للخلايا العصبية الحسية الشمية؛ ما يؤدي لحدوث تغيرات واضطرابات في كيفية عمل الدماغ على المستوى البنيوي والخليوي والأيضي.

أضاف داتا: «بناءً على هذه النتائج، افترضنا أن فقدان الدعم للخلايا العصبية الحسية الشمية على المدى القصير يتسبب في فقدان مؤقت لحاسة الشم، بينما تسبب العدوى المستمرة اضطرابًا أعمق في وظيفة الشم التي قد تستغرق وقتًا أطول للتعافي منها».

في الدراسة الجديدة، أراد الباحثون إجراء مزيد من البحث في الظهارة الشمية -الأنسجة الموجودة في الأنف حيث توجد الخلايا العصبية الشمية- لدى الأشخاص الذين يعانون فقدان حاسة الشم على المدى الطويل.

درس الفريق عيّنات أنسجة الأنف -الظهارة الشمّية- المأخوذة من 24 شخصًا، بما في ذلك تسعة عانوا فقدان حاسة الشم بعد أربعة أشهر على الأقل بعد الإصابة بكوفيد-19، ثم أجروا تسلسلًا أحادي الخلية على العيّنات لتحديد أنواع الخلايا المختلفة الموجودة.

بعد تحليل مفصّل، لاحظ الباحثون الوجود واسع النطاق للخلايا التائية؛ خلايا لمفاوية ونوع من خلايا الدم البيضاء التي تقاوم العدوى، وكانت هذه الخلايا التائية تقود استجابة التهابية داخل الأنف.

إن عدد الخلايا العصبية الحسّية الشمّية كان أقل عند المشاركين في الدراسة (الذين فقدوا حاسة الشم)، إذ أفاد الباحثون أن بعض الخلايا العصبية تبدو قادرة على إصلاح نفسها ومعالجتها حتى بعد التهاب الخلايا التائية، وهي علامة مشجعة.

قال غولدشتاين: «النتائج مذهلة، إنها شبيهة لعملية المناعة الذاتية لكن في الأنف».

يرى الباحثون أن آليات بيولوجية التهابية مماثلة قد تكون وراء الأعراض الأخرى لكوفيد-19، بما في ذلك التعب المفرط وضيق التنفس وصعوبة التركيز.

بعد ذلك، يريد الفريق النظر بمزيد من التفصيل عن أنواع الخلايا والأنسجة المتضررة بدقة في هذه الحالة، ما سيؤدي إلى تطوير علاجات محتملة للذين يعانون فقدان حاسة الشم على المدى الطويل.

يقول غولدشتاين: «نأمل أن يساعد تعديل الاستجابة المناعية غير الطبيعية أو عمليات ترميم الخلايا داخل الأنف لهؤلاء المرضى في استعادة حاسة الشم جزئيًا على الأقل».

اقرأ أيضًا:

الفقد السريع لحاسة الشم يُنبئ بالخرف ومناطق الدماغ المرتبطة بمرض ألزهايمر

كيف تستطيع الكلاب الرؤية عبر حاسة الشم؟

ترجمة: كلوديا قرقوط

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصادر: 1 2