تعد السمنة حالةً طبيةً يعاني فيها الشخص كميةً ضارةً من الدهون في الجسم أو توزعًا غير صحي لها. تزيد السمنة من احتمالية حدوث العديد من المضاعفات الصحية الخطيرة، وتسبب الدهون الزائدة إجهادًا للعظام والأعضاء، إضافًة إلى تغيرات معقدة في الهرمونات والاستقلاب وزيادة الالتهابات في الجسم.

يعد الشخص مصابًا بالسمنة إذا كان مؤشر كتلة جسمه (BMI) أكبر -أو مساويًا- لـ 30، ويمكن حسابه بسهولة باستخدام حاسبات الـ(BMI) على الإنترنت وذلك عبر قياس طول الشخص ووزنه فقط».

تعد السمنة عامل خطر قد يؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بواحدة -أو أكثر- من المشكلات الصحية التالية، ولا تعني بالضرورة حتمية إصابته بها. وفيما يلي 10 من مخاطر السمنة على الصحة وطرق الوقاية منها أو تدبيرها:

1. داء السكري من نمط 2:

يحدث الداء السكري نمط 2 نتيجة ارتفاع مستوى السكر في الدم عن الحد الطبيعي، ما قد يؤدي إلى حدوث مشكلات صحية مع الوقت، مثل الأمراض القلبية والأذية العصبية والسكتة الدماغية والأمراض الكلوية ومشكلات الرؤية.

إن خسارة المريض الذي يعاني السمنة 5-7% من وزنه مع ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة بانتظام قد تقي من الإصابة بالداء السكري نمط 2 أو تؤخر ظهوره.

2. أمراض القلب:

تعد الأمراض القلبية أكثر انتشارًا بين الأشخاص الذين يعانون السمنة. قد تتراكم الترسبات الدهنية مع الوقت في الشرايين التي تمد القلب بالدم، ويعاني مرضى السمنة ارتفاع ضغط الدم عن المعدل الطبيعي وكذلك البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) والشحوم الثلاثية وسكر الدم، وجميعها تساهم في الإصابة بالأمراض القلبية.

قد يؤدي تضيق الشرايين إلى حدوث نوبة قلبية، وكذلك قد تؤدي الجلطات الدموية الموجودة في الشرايين المتضيقة إلى الإصابة بالسكتة الدماغية.

3. السكتة الدماغية:

تشترك السكتة الدماغية والأمراض القلبية بالكثير من عوامل الخطورة. تحدث السكتة الدماغية نتيجة انقطاع إمداد الدماغ بالدم مسببة تلف أنسجة الدماغ، ما يؤدي إلى الإصابة بسلسلة من الإعاقات بما في ذلك اضطرابات اللغة والكلام والضعف العضلي وتغيرات في مهارات التفكير والاستدلال.

كشفت مراجعة أُجريت عام 2010 لـ 25 دراسة شارك فيها ما يقارب 2.3 مليون شخص أن السمنة تزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 64%.

4. انقطاع التنفس في أثناء النوم (انقطاع النفس الانسدادي النومي):

يعد انقطاع التنفس في أثناء النوم اضطرابًا يتصف بتوقف تنفس الشخص مؤقتًا خلال النوم.

إن الأشخاص ذوي الوزن الزائد والذين يعانون السمنة أكثر عرضة لخطر الإصابة بانقطاع التنفس إبان النوم لأنهم يميلون إلى تخزين دهون أكثر حول الرقبة، ما يؤدي إلى تضيق مجرى الهواء الأمر الذي قد يسبب الشخير وصعوبة التنفس ليلًا.

قد تساعد خسارة الوزن في تقليل كمية الدهون في منطقة الرقبة وتقليل خطر الإصابة بانقطاع التنفس في أثناء النوم.

5. ارتفاع ضغط الدم:

تحتاج الأنسجة الدهنية الزائدة في الجسم إلى المزيد من الأكسجين والمواد المغذية، وكذلك ستحتاج الأوعية الدموية إلى توزيع المزيد من الدم إلى الأنسجة الدهنية الزائدة، ما يعني أن القلب سيعمل بجهد أكبر لضخ الدم في أنحاء الجسم.

تسبب زيادة كمية الدم المنتشرة ضغطًا زائدًا على جدران الشرايين، ويعرف هذا الضغط الإضافي بارتفاع ضغط الدم أو فرط ضغط الدم. الذي قد يسبب مع الوقت أذية القلب والشرايين.

6. المرض الكبدي:

قد يصاب مرضى السمنة بمرض كبدي يسمى المرض الكبدي الدهني أو التهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH)، الذي يحدث نتيجة تراكم الدهون الزائدة في الكبد. وقد تسبب الدهون الزائدة أذية الكبد أو نمو نسيج ندبي يعرف بتشمع الكبد.

إن مرض الكبد الدهني غير عرضي عادة، إلا أنه قد يؤدي في النهاية إلى الفشل الكبدي، وتعد ممارسة التمارين الرياضية وخسارة الوزن وتجنب شرب الكحول الطريقة الوحيدة لتراجع المرض أو علاجه.

7. أمراض المرارة:

تعد المرارة العضو المسؤول عن تخزين المادة المعروفة بالعصارة الصفراوية (الصفراء) ومرورها في أثناء عملية الهضم إلى الأمعاء الدقيقة، إذ تساعد العصارة الصفراوية على هضم الدهون.

تزيد السمنة خطر الإصابة بحصى المرارة، التي تحدث نتيجة تراكم العصارة الصفراوية في المرارة وتصلبها. قد يكون لدى مرضى السمنة مستويات مرتفعة من الكوليسترول في العصارة الصفراوية أو تكون المرارة لديهم كبيرة ولا تعمل جيدًا، ما قد يؤدي إلى تشكل حصوات المرارة التي قد تكون مؤلمة وتستوجب الجراحة.

قد يساعد تناول الطعام الغني بالألياف والدهون الصحية وكذلك تجنب تناول الحبوب المكرَّرة كما الأرز الأبيض والخبز والمعكرونة على الوقاية من حصى المرارة.

8. بعض أنواع السرطان:

إن العلاقة بين السمنة والإصابة بالسرطان غير واضحة مثل الأمراض الأخرى كأمراض القلب والسكتة الدماغية، إذ لا يعد السرطان مرضًا واحدًا، ومع ذلك قد تزيد السمنة خطر الإصابة بأنواع محددة من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والقولون والمرارة والبنكرياس والكلية والبروستات، إضافةً إلى سرطان الرحم وعنق الرحم وبطانة الرحم والمبيض.

قدّرت إحدى الدراسات السكانية التي أجريت عام 2012 أن هناك ما يقارب 28,000 حالة سرطان جديدة لدى الرجال وَ72,000 حالة جديدة لدى النساء مرتبطة بالوزن الزائد أو الإصابة بالسمنة في الولايات المتحدة.

9. مضاعفات الحمل:

تعد النساء الحوامل اللواتي يعانين الوزن الزائد أو السمنة أكثر عرضة لتطوير مقاومة الإنسولين والإصابة بفرط سكر الدم وفرط ضغط الدم، التي قد تزيد خطر حدوث مضاعفات خلال الحمل والولادة، بما في ذلك:

  •  السكري الحملي
  •  تسمم الحمل (ما قبل الإرجاج)
  •  الحاجة إلى إجراء الولادة القيصرية
  •  تخثر الدم (تجلط الدم)
  •  النزيف الشديد أكثر من الطبيعي بعد الولادة
  •  الولادة المبكرة
  •  الإجهاض
  •  الإملاص (وفاة الجنين بعد 20 أسبوعًا من عمر الحمل أو ولادة الجنين ميت)
  •  شذوذات الدماغ والحبل الشوكي

في إحدى الدراسات، انتهى الأمر بأكثر من 60% من النساء اللواتي لديهن مؤشر كتلة الجسم أكبر -أو يساوي- 40 بحدوث حمل مع إحدى هذه المضاعفات.

لذا قد ترغب المريضة التي تفكر بالإنجاب -والتي تعاني السمنة أو الوزن الزائد- في البدء بخطة لتدبير الوزن تجنبًا للمخاطر الصحية المذكورة آنفًا. ويجب على المريضة استشارة الطبيب حول النشاط البدني الذي تستطيع ممارسته بأمان في فترة الحمل.

10. الاكتئاب:

يعاني العديد من الأشخاص المصابين بالسمنة الاكتئاب، إذ كشفت بعض الدراسات عن أن العلاقة قوية بين السمنة والاضطراب الاكتئابي الكبير.

قد يتعرض الأشخاص المصابون بالسمنة إلى التمييز بناء على حجم أجسامهم، ما قد يسبب مع الوقت الشعور بالحزن وعدم تقدير الذات.

تعمل مجموعات الدعوة اليوم، مثل الجمعية الوطنية لتعزيز تقبل البدناء (NAAFA)، على القضاء على التمييز القائم على حجم الجسم وتوفر هذه المنظمات فرصًا للمشاركة في مكافحة هذا التمييز.

يجب على المريض الذي يعاني السمنة وأعراض الاكتئاب أن يطلب من طبيبه إحالته إلى استشاري الصحة العقلية.

 كيفية الحد من خطر الإصابة بالسمنة:

قد تقلل خسارة ما لا يزيد عن 5% من وزن الجسم من خطر الإصابة بالعديد من الحالات الصحية، بما في ذلك أمراض القلب والداء السكري نمط 2.

قد يساعد الجمع بين النظام الغذائي وممارسة الرياضة على إنقاص الوزن تدريجيًا بمرور الوقت، دون الحاجة إلى إجراء تغيرات جذرية في نمط الحياة، ويعد تماسك (ثبات) المريض واستمراره في اتخاذ خيارات صحية سر نجاح ذلك.

من ناحية ممارسة الرياضة، حاول تخصيص 150 دقيقة أسبوعيًا على الأقل لممارسة التمارين الرياضية الهوائية (تمارين الإيروبيك) المعتدلة بما فيها المشي السريع؛ إذ إن المشي 30 دقيقة يوميًا فقط سيساعد المريض على تحقيق هذا الهدف. فور نجاح المريض في ذلك، عليه السعي إلى زيادة مدة التمرين إلى 300 دقيقة أسبوعيًا. كذلك يجب عليه أن يحاول إدخال أنشطة تقوية العضلات إلى نشاطه المعتاد مرتين أسبوعيًا على الأقل، مثل تمارين الضغط أو المعدة.

تتضمن بعض طرق تناول الطعام الصحي ما يلي:

  •  ملء نصف الطبق بالخضراوات.
  •  استبدال الحبوب غير المكررة مثل الخبز الأبيض والمعكرونة والأرز، مع الحبوب الكاملة مثل خبز القمح الكامل والأرز البني والشوفان.
  •  تناول مصادر البروتين الفقيرة بالدهون، مثل أجزاء الدجاج قليلة الدهون والمأكولات البحرية والفاصولياء وفول الصويا.
  •  الامتناع عن تناول الأطعمة المقلية والوجبات السريعة والوجبات الخفيفة السكرية.
  •  تجنب المشروبات السكرية، مثل المشروبات الغازية (الصودا) والعصير.
  •  تجنب شرب الكحول.

يجب على المريض استشارة طبيبه بخصوص كونه مرشحًا جيدًا لإجراء جراحة السمنة (جراحة البدانة) أو تناول أدوية إنقاص الوزن أم لا. إذ قد تساعد هذه العلاجات على خسارة أسرع للوزن، ولكنها تتطلب أيضًا الالتزام بتغيرات نمط الحياة المذكورة آنفًا.

اقرأ أيضًا:

ليست الحمية المفتاح لتجنب المخاطر الصحية الناجمة عن السمنة، بل التمارين الرياضية

جراحة السمنة تقلل عدد النوبات القلبية والسكتات الدماغية

ترجمة: سارا إيليا وسوف

تدقيق: أسعد الأسعد

مراجعة: نغم رابي

المصدر