رصد الباحثون أكبر جزيء عضوي سبقت رؤيته في سحابة من الغبار المكون للكواكب، ما يحتمل أن يقدم رؤىً جديدةً للطريقة التي وصلت عبرها اللبنات الأولى للحياة إلى الكواكب.

درس الباحثون باستخدام مرصد منظومة أتاكاما المليمتري/تحت المليمتري الكبير (ALMA) في تشيلي، الضوء الصادر عن جزيئات مختلفة في حلقة الجليد والغبار المائلة المحيطة بنجم IRS 48 اليافع، الذي يبعد عنا نحو 444 سنة ضوئية في كوكبة الحواء.

كتب الباحثون في دراسة نُشرت في مجلة Astronomy and Astrophysics بتاريخ الثامن من مارس: «رصد الباحثون ضمن الحلقة الغبارية آثارًا واضحةً لمركب عضوي يسمى ديميثيل إيثر، وهو جزيء كبير يشيع رصده في الحواضن النجمية (المناطق البارد المغبرة من الفضاء حيث تتشكل نجوم جديدة)، ويعد سلفًا لمركبات أساسية مهمة للحياة، كالأحماض الأمينية والسكريات».

يقول فريق الباحثين إن جزيئات ديميثيل إيثر المكونة من تسع ذرات هي أكبر جزيئات رُصدت في حلقة مكوِّنة للكواكب على الإطلاق. ووفقًا لهم، سيساعد هذا الاكتشاف على فهم كيفية وصول الجزيئات العضوية المعقدة من مناطق تشكل النجوم في الفضاء إلى مناطق تشكل الكواكب، وأخيرًا إلى الكواكب نفسها.

تقول ناشانتي برونكن طالبة الماجستير في جامعة لايدن في هولندا والكاتبة الرئيسية للبحث: «يمكننا تعلم المزيد عن أصل الحياة على كوكبنا من هذه النتائج، لنحصل بذلك على فكرة أفضل عن إمكانية الحياة في النظم الكوكبية الأخرى».

وتضيف: «من المثير رؤية كيفية توافق هذه الاكتشافات مع الصورة الأشمل».

مختبرات علمية بين النجوم

جذب نجم IRS 48 انتباه علماء الفلك قبل نحو عقد من الزمن، بفضل حلقة الجليد والغبار الهائلة المنحنية بشكل يشبه ثمرة الكاجو التي تحيط به. أطلق الباحثون على هذه المنطقة المائلة «مصيدة الغبار»، وهي منطقة من الضغط المرتفع حيث يمكن لجزيئات الغبار الدقيقة أن تتكتل معًا لتشكل أجسامًا أكبر، كالمذنبات والكويكبات، وأخيرًا الكواكب.

اشتبه علماء الفلك طويلًا في أن المركبات الكبيرة مثل ديميثيل إيثر تنشأ من مناطق تكون النجوم في الفضاء، إذ إن تلك المناطق باردة كفايةً لتتيح للذرات والجزيئات البسيطة أن تلتصق على جسيمات الغبار الدقيقة مشكلةً طبقةً جليدية.

يمكن أن تخضع هذه الجزيئات الجليدية لتفاعلات كيميائية في أثناء التصاقها معًا مشكّلةً مركبات عضويةً أكبر وأعقد، وفقًا للباحثين.

لكن يقول الباحثون إن مصائد الغبار كتلك التي تحيط نجم IRS 48 قد تعمل وكأنها مختبرات فضاء عميق أيضًا، حيث يمكن للجزيئات أن تخضع لتفاعلات كيميائية.

يوجد أيضًا مخزون من الجليد ضمن ذلك القرص الغباري المنحني، الذي يبدو أنه مليء بحبيبات الغبار الجليدية التي تأوي جزيئات عضوية. تحررت تلك المركبات العضوية المتجمدة عندما تصعّد (Sublimated) الثلج متحولًا إلى غاز بتأثير الإشعاع الصادر عن النجم المجاور، ما جعل المراصد الأرضية قادرةً على رصد تلك المركبات.

حدد الفريق عبر دراسة الضوء الصادر عن تلك الجزيئات بصمة الديميثيل إيثر وعدة مركبات عضوية أخرى لم تسبق رؤيتها في أي قرص كوكبي من قبل، بما في ذلك الميثيل فورمات، وهو مركب عضوي آخر يعد حجر أساس لجزيئات أكبر أساسية للحياة.

تقول الكاتبة المشاركة للبحث، الباحثة في مرصد لايدن أليس بوث: «نعلم أن هذه الجزيئات المعقدة الأكبر متاحة لتغذية الكواكب المتشكلة ضمن القرص، ما يجعل الأمر أكثر إثارة». وتضيف: «لم يكن هذا الأمر معلومًا من قبل، إذ تكون هذه الجزيئات مغطاة بالجليد في معظم الأنظمة».

واختتم الباحثون بالتعبير عن أمل الفريق في استطلاع القسم الداخلي لقرص نجم IRS 48 في دراسات مستقبلية، حيث يحتمل أن كواكب شبيهة بالأرض قيد النشوء.

اقرأ أيضًا:

مسبار ناسا على سطح المريخ يعثر على جزيئات عضوية غير معروفة سابقًا

يمكن أن يحول ضوء الشمس النفايات البلاستيكية إلى حساء مليء بالجزيئات العضوية

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: نغم رابي

المصدر