ربما تتدفق براكين اللافا عبر بعض جوانب كوكب المريخ، فعلى الرغم من اعتباره ميتًا جيولوجيًا لوقتٍ طويل، أبحاث تشير إلى وجود نشاط بركاني سابق على سطح المريخ.

فالثورانات البركانية لا تُعد بطبيعتها تهديدًا مباشرًا على طبيعة كوكب المريخ، إلا أن منطقة مريخية بمساحة ألاسكا؛ على الأرجح قد دُفنت بالبراكين منذ نحو مليون سنةٍ مضت. فالنتائج المروية بالتفصيل في البحث، قد كشفت وجود شق كبير خُلق نتيجةً لحوادث تدفق البراكين سابقًا. فعلى الأرجح خلال التفاعل الجاري خلال الخلط بين البراكين والمياه أثناء التدفق؛ قد يخلق بيئةً مستضيفةً للحياة فيما بعد.

كوكبٌ فانٍ جيولوجيًا:

يُعد كوكبنا الأرض موطنًا لمختلف الصفائح التكتونية النشطة التي بدورها تتحرك من حين لآخر بقوّةٍ فتغيّر من سطح كوكبنا. في حين أن كوكب المريخ قد اعتُبِر لوقتٍ طويل ميتًا (فانيًا) جيولوجيًا وذلك نظرًا لقلّة صفائحه التكتونيّةِ ونشاط براكينه الذي لم يُلاحظ من قبل هناك.

شككت بعض الدراسات الحديثة في النظرية القائمة على أن المريخ قد كان دائمًا على هذه الحال، بما في ذلك الأدلة على أن بركانًا عملاقًا تحت منطقة إليسيوم بلانيتيا كان يقف وراء نشاط زلزالي وبركاني شديد في الماضي القريب نسبيًا للكوكب.

تُعدّ منطقة إليسيوم بلانيتيا آخر البقع المتشكلة حديثًا على سطح الكوكب الأحمر، لذا فإن دراستها ستساعد العلماء على فهم ماضي الكوكب فهمًا أفضل، شاملًا أيضًا بذلك الحوادث البركانية والهيدرولوجية المائية.

فريق علمي من جامعة ولاية أريزونا وجامعة ألاسكا فيربانكس؛ خلال هذا البحث الجديد؛ جمعوا الصور المأخوذة من مركبة الاستطلاع المدارية التابعة لوكالة ناسا الفضائية، وحصلوا على القياسات المطروحة من الكاشف الثاقب الأرضي، لتشكيل هيكل ثلاثي الأبعاد لكل تدفق من الحمم البركانية الذي كان باستطاعتهم الكشف عن دلائله في منطقة إليسيوم بلانيتيا.

المفاجئ في الأمر أن البحث قد كشف عما يزيد عن 40 حادثًا بركانيًا على سطحه خلال فترة زمنية قريبة. وعلى الأرجح أن أحد أكبر التدفقات قد ملأ وادي المريخ؛ قد كان أتابسكا فاليس، وقد تشكل مما يقارب 1000 ميل مكعب من الصخور البازلتية.

أضافت الكاتبة الأخرى والعالمة الجيولوجية في علوم الفضاء والكواكب “جوانا فويت” في بيانها: «إن إليسيوم بلانيتيا قد كانت منطقةً نشطةً بركانيًا أكثر مما اعتُقِد سابقًا، وعلى الأرجح أيضًا أنها ما تزال نشطةً حتى اليوم».

أيضًا زُوّد الفريق بالهزات المريخية المُسجلة عبر مركبة ناسا الأرضية التصويرية؛ ما بين 2018 و 2022، خلال هذه الدراسة، مع مزيد من الدلائل على أن هذا الكوكب ليس ميّتًا تمامًا عند الطبقات السفلية من سطحه.

أدلى العالم الجيولوجي المختص في علوم الكواكب والكاتب الآخر للبحث: «دراستنا قادرة على عرض بيان شامل عن النشاط البركاني الجيولوجي السابق على كواكب أخرى غير الأرض. إن أفضل تقدير لنشاط المريخ البركاني الحديث؛ والذي كان منذ نحو 120 مليون سنة، يتطابق مع فترة تواجد الديناصورات وتجوالها على سطح كوكبنا من بدايتها حتى الوقت الحاضر».

ماذا يفيد اكتشاف البخار لوجود دليل على الحياة؟

تعكس هذه الاكتشافات نتائج وتأثيرات مختلفة على الأبحاث المستقبلية بما يخص ما إن كان المريخ مأوى لأحد أشكال الحياة خلال فترة ما بتاريخه.

تحتوي منطقة إليسيوم بلانيتيا على كثير من الآثار حيال حدوث فيضانات كبيرة قديمًا، ومن المحتمل أن يكون تفاعل الحمم البركانية المتدفقة مع مياه الفيضانات أو الجليد قد شكل المناظر الطبيعية المنتشرة على سطحه بطرق مثيرة. فقد وجد الفريق أدلة على وجود انفجارات بخارية في منطقة إليسيوم بلانيتيا. وقد استقطبت هذه التفاعلات الفريدة اهتمام الباحثين في علوم جيولوجيا الفضاء، فقد تكون خلقت بيئات مائية حارة لربما كانت مواتية للحياة الميكروبية.

وعلى وجه الدقة، استخدم الفريق أيضًا الصور المأخوذة عبر كاميرا “كونتكس” المريخية المحمّلة على متن مركبة استطلاع المريخ المدارية وصور أخرى من كاميرا “هيرايس” المدارية لبعض المناطق المعينة الأخرى. واستخدموا سجلات البيانات القادمة من جهاز قياس الارتفاع بالليزر المزوّد به فاحص المريخ العالمي التابع لوكالة ناسا. ومن ثم جمعوا الصور مع نتائج مسح البيانات المأخوذة بالتعاون مع مسبار الرادار الضحل التابع لناسا “شاراد”.

قال فويت: «مع امتلاكنا لتقنيات “شاراد”؛ قد تمكّنّا من النظر على بعد 460 قدمًا تحت سطح الكوكب. وأتاحت لنا مجموعات البيانات إعادة بناء رؤية ثلاثية الأبعاد لمنطقة الدراسة، بما في ذلك ما كانت عليه التضاريس قبل أن تندلع الحمم البركانية من الشقوق المتعددة والأحواض والقنوات المملوءة مسبقًا بالمياه الجارية».

إنّ إعادة البناء الدقيقة هذه للخصائص الجيولوجية للمريخ تمنح العلماء نظرة خاطفة على العمليات والحوادث التي شكّلت ماضيه. إذ إن فهمنا للعلاقة بين براكين الكوكب والقشرة هو المفتاح لإعادة خلق الظروف البيئية القديمة للكوكب. بالإضافة إلى الماء من داخل الصهارة المقذوفة نحو غلافه الجوي ومن ثم تجميدها على السطح، ولربما تسمح الانفجارات أيضًا بإطلاق كميات كبيرة من المياه الجوفية على السطح.

يخطط الفريق لمواصلة استخدام مجموعات البيانات المعقدة التي حصلوا عليها بطرق تصوير مختلفة بهدف بناء رؤى أكثر تفصيلاً لسطح المريخ وما يكمن تحته.

قال فويت: «إن الأسطح المدفّقة للحمم البركانية؛ تشبه الكتب المفتوحة التي توفر ثروة من المعلومات حول كيفية ظهورها، في حال كنت تعرف كيفية قراءتها. هذه المناطق التي كانت تعد عديمة الملامح ومملة بالنسبة للبشرية، مثل إليسيوم بلانيتيا، أعتقد أنها تخفي الكثير من الأسرار التي يجب أن تُقرأ».

اقرأ أيضًا:

كشف جديد لوكالة ناسا يشير إلى احتمالية وجود نشاط بركاني على سطح المريخ

حجر نيزكي قديم هو دليلنا الكيميائي الأول للحمل البركاني على المريخ

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: علي بلوه

المصدر