القمر هو التابع الطبيعي الوحيد للأرض، يدور حولها على مسافة تبلغ وسطيًّا 385.000 كيلومتر.

يبلغ قطر القمر نحو 3500 كيلومتر، ويعد أكثر الأجرام المميزة في سمائنا بسطحه الصخري المليء بالحفر الناتجة عن اصطدام النيازك.

يستغرق القمر 27.3 يومًا ليتم دورة كاملة حول كوكبنا، وهو الوقت ذاته الذي تستغرقه دورته حول نفسه. لذلك يواجه أحد نصفي القمر الأرض باستمرار.

أما النصف الآخر (الذي يُشار إليه خطأً باسم الجانب المظلم من القمر مع أنه يتلقى الكمية نفسها من ضوء الشمس) فقد أمكنت رؤيته للمرة الأولى عام 1959 عندما أرسل إلينا مسبار لونا 3 السوفييتي مجموعة من الصور قليلة الوضوح له.

ينشأ هذا المدار «المقيد مديًّا» عن التأثير الجاذبي المتبادل بين الأرض والقمر، الذي يُبطئ دوران كل منهما. يتأثر دوران الأرض حول محورها بالأثر الكابح لجاذبية القمر، ما يسبب زيادة طول اليوم بمقدار 1.4 ميلي ثانية كل قرن.

وفي الوقت نفسه، يبتعد القمر عن كوكبنا تدريجيًّا مسافة تتراوح من بضعة مليمترات إلى 30 سنتيمترًا كل سنة. فقد كان عند نشوئه قبل نحو 4.5 مليار سنة أقرب 16 مرة مما هو عليه الآن، ساطعًا في الأفق أكبر 24 مرة مما نراه في وقتنا الحالي.

كيف تشكل القمر؟

يُعرف عمومًا أن القمر قد نشأ نتيجة اصطدام الأرض في مهدها مع كوكب بحجم المريخ تقريبًا، سُمي لاحقًا بـ ثيا.

في الأزمنة الأولى لنشوء المجموعة الشمسية قبل نحو 4.5 مليار سنة، كان للعديد من الكواكب والكواكب الأولية مدارات متداخلة وغير مستقرة جعلتها عرضة للاصطدامات.

قد يؤدي اصطدام جرمين متماثلين حجمًا إلى تبخرهما مخلفين مزيجًا من المعادن المنصهرة والغازات الساخنة التي تحوم تحت تأثير الجاذبية.

ربما تجمعت العناصر الخفيفة والحطام حول نواة تشكلت من العناصر الثقيلة من كوكب ثيا، لتشكيل جرم جديد هو القمر.

تدعم العينات التي جلبتها بعثات أبولو تلك الفرضية على حساب غيرها من الفرضيات، كتلك التي تفترض أن جاذبية الأرض التقطت القمر من الفضاء. منح تحليل أُجري عام 2020 لنظائر الأكسجين المأخوذة عن سطح القمر مصداقيةً إضافية لنظرية ثيا.

التفاوت في تقدير العمر الدقيق للقمر بين 4.425 مليار سنة إلى 4.5 مليار سنة ونيف يترك الباب مفتوحًا أمام فرضيات أخرى. تقول إحداها إن القمر قد تشكل من بقايا تبخر كوكب ناشئ آخر، حلقة من الحطام تسمى السينستيا.

لماذا لم يعد البشر إلى القمر؟

أُرسلت 105 مراكب روبوتية لاستكشاف القمر، بينما لم يطأ سطحه إلا اثنا عشرة إنسانًا، كان آخرهم جين سيرنان قائد بعثة أبولو 17، الذي أمضى 22 ساعة في استكشاف وادي توروس ليترو على سطح القمر.

يعد العامل الاقتصادي من أهم العوائق التي تقف في وجه العودة إلى القمر، ويتعلق ذلك بقدرة أية حكومة أو منظمة على تبرير التكاليف للمواطنين والأطراف المساهمة. بتعبير آخر، على أية حكومة أو شركة خاصة أن تقنع بقية الأطراف بجدوى البعثة.

كان الأمر أسهل في فترة التوتر بين القوى العظمى، الذي كان يهدد بإحداث صراع عالمي. منحت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بعضهما بعضًا مبررات لتمويل البرامج الفضائية في خضم سعي كل منهما لإثبات تفوقه التكنولوجي.

تحتاج البرامج المماثلة اليوم، وفي غياب ذاك التهديد، إلى أسباب وجيهة لتبرر إنفاق أكثر من مئة مليار دولار، وفق تقديرات أُجريت عام 2005 للمبلغ الذي قد تحتاجه إعادة البرامج الفضائية المتعلقة بصعود البشر إلى سطح القمر.

سيتطلب التمادي في مسألة البقاء على سطح القمر حل عدد من المشكلات من ضمنها الإشعاع، والأثر الحاتّ لحبيبات الغبار القمري المشحونة بالكهرباء الساكنة، والاختلافات الكبيرة في درجات الحرارة.

قد تعيد بعثات أرتميس التي ستطلقها ناسا في غضون العقد القادم وضع البشر على سطح القمر. وقد نشهد عندها هبوط أول امرأة على سطح القمر.

قد يكون البرنامج بداية عهد جديد في السفر عبر الفضاء أو مجرد رحلة قصيرة في الذاكرة، يعتمد ذلك على القدرة على إظهار فائدة ترجى من الإقامة الطويلة على القمر من عدمها.

اقرأ أيضًا:

صور عالية الدقة لسطح القمر تم التقاطها باستعمال موجات راديوية من سطح الأرض

العثور على أدلة قد تساعد على تحديد أصل القمر

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق : باسل حميدي

مراجعة: نغم رابي

المصدر