إنجاز هام وغير مسبوق توصلنا إليه في مجال الحوسبة الكمية.

تجاوزت ثلاثة فرق في مناطق مختلفة حول العالم دقة بنسبة 99% في استخدام الحوسبة الكمية التي تعتمد في بنيتها على السيليكون، هذا الإنجاز جعل من العمليات الكمية الخالية من الأخطاء أمرًا ممكنًا.

الفريق الأول كان في أستراليا، وتوصل بقيادة الفيزيائي أندريا موريلو من جامعة نيو ساوث ويلز إلى دقة 99.95% في عمليات تستخدم كيوبتًا واحدًا، ودقة 99.37% في عمليات تستخدم كيوبتين ضمن نظام ثلاثي الكيوبت.

الفريق الثاني كان في هولندا بقيادة الفيزيائي سيجو تاروشا من جامعة دلفت للتكنولوجيا، وتوصل إلى دقة 99.87% في عمليات تستخدم كيوبتًا واحدًا، ودقة 99.65% في عمليات تستخدم كيوبتين في النقاط الكمومية.

الفريق الثالث كان في اليابان بقيادة الفيزيائي أكيتو نويري من معهد ريكين، وتوصل إلى دقة بنسبة 99.84% في عمليات تستخدم كيوبتًا واحدًا، ودقة 99.51% في عمليات تستخدم كيوبتين في النقاط الكمومية.

قال موريلو: «تبين النتائج أن الدقة في عملياتنا بلغت 99% دون أخطاء. عندما تصبح الأخطاء شبه منعدمة يصبح بإمكاننا اكتشافها ومعالجتها فور حدوثها، وبهذا يمكننا تصنيع حواسيب كمية بسعة وطاقة كافيتين للتعامل مع العمليات الحسابية المعقدة».

يعتمد أساس العمليات في الحوسبة الكمية على ميكانيكا الكم، تُرمز المعلومات في الكيوبت -البت الكمي- وهي الوحدة الأساسية للمعلومات، والكيوبت هو المكافئ الكمي للبتات الثنائية.

يكمن الفرق بين البت والكيوبت في طريقة معالجة المعلومات، يتخذ البت القيمة صفر أو واحد، أما الكيوبت فقد يتخذ القيمتين معًا.

حين يتخذ الكيوبت القيمتين صفر وواحد معًا، يُسمى ذلك حالة تراكب، ما يمكّن الحواسيب الكمية من حل المسائل الرياضية المعقدة، بتفعيل حسابات تعتمد على احتمالات مفترضة عديدة لحالة المادة قبل قياسها، لكن هذه الطريقة عرضة للخطأ على نحو كبير، لذلك كان تطوير دقة العمليات الكمية موضع دراسة مكثفة.

استطاع موريلو وزملاؤه عام 2014 إثبات أن المعلومات الكمية في شريحة من السيليكون تستمر مدة 35 ثانية. إذ عُزلت شريحة السيليكون عن العوامل المحيطة، ما أتاح الفرصة لوضع معيار زمني جديد، لكن بعد العزل أصبح اتصال الكيوبتات معًا أصعب، ما يُعد عائقًا، لأن أداء الاتصالات الكمية يعتمد أساسًا على اتصال وحدات الكيوبت معًا.

للتغلب على هذا العائق، أدخل موريلو وفريقه إلكترونًا إضافيًا إلى نظامهم المكون من نواتين من الفوسفور، بتثبيت أيون في السيليكون -وهو من الطرق الأساسية لصناعة الشرائح الدقيقة، وبذلك صنعوا نظامهم المكون من كيوبت ثلاثي، الذي حقق نجاحًا.

أفاد الفيزيائي ماتيوس مادزيك من جامعة نيو ساوث ويلز: «بوجود نواتين متصلتين بالإلكترون نفسه، نستطيع استخدامهما في عملية كمية. ما دام هذا الإلكترون لم يُفعّل، تبقى المعلومات الكمية مخزنة في الذرات، وبتفعيل الإلكترون يمكن تفعيل التواصل بينها، لتحقيق عمليات كمية شاملة تستطيع حل أي مسألة حسابية».

انتهج الفريقان الآخران نهجًا مختلفًا، إذ صنعوا نقاطًا كمية من السيليكون وسبيكة من السيليكون والجرمانيوم، وثبتوا بوابة كيوبت ثنائية الإلكترون، ما يُعد دارة متعددة الكيوبتات، ثم عدلوا الجهد المطبق على أنظمتهم باستخدام بروتوكول «التصوير المقطعي لمجموعة البوابة»، وتوصل الفريقان إلى دقة تفوق 99% في أنظمتهم.

يقول تاروشا: «توضح النتائج أن الكيوبتات المغزلية قادرة للمرة الأولى على منافسة الدارات فائقة التوصيل والمصايد الأيونية، بفضل أداء التحكم الكمي الشامل الخاص بها».

«تُبرهن الدراسة أن الحواسيب الكمومية المصنوعة من السيليكون، إضافةً إلى مصايد الأيونات، وخاصية التوصيل الفائق، تُعد ذات أفضلية كبيرة لعمليات البحث والتطوير للحصول على حواسيب كمومية على نطاق واسع».

كل من هذه الدراسات تُعد إنجازًا مهمًّا، إذ توصلت الفرق الثلاثة منفصلةً إلى الإنجاز المهام ذاته، ما يثبت أن الحوسبة الكمية أصبحت أنجح من أي وقت مضى.

قال موريلو: «عادةً، لتطبيق بروتوكولات تصحيح الخطأ الكمومي، نحتاج إلى معدل خطأ أقل من 1%. وبالتوصل إلى هذا الهدف، نستطيع بدء تصميم معالجات كمومية من السيليكون، تُجري العمليات الحسابية المفيدة على نحو واسع وموثوق».

اقرأ أيضًا:

الحوسبة الكمية قادمة بسرعة وهذا ما يجب أن تعرفه عنها

طريقة جديدة للحوسبة الكمومية أكثر كفاءة بنسبة 2500%

ترجمة: رهف ابراهيم

تدقيق: محمد الشعراني

المصدر