يزداد البحث عن الحياة خارج كوكب الأرض في العوالم المائية في النظام الشمسي، وهناك أدلة جديدة تشير إلى أن قمر المشتري يوروبا يجب أن يكون محطتنا الأولى للبحث. وفقًا لنماذج جديدة، فإن محيطات يوروبا التي توجد تحت سطحه قد تكون قابلة لدعم الحياة.

أجرى فريق وكالة ناسا المسؤول عن هذا البحث حسابات تشير إلى أن عمليات كالتحلل الإشعاعي أو قوى المد والجزر ربما قد ولّدت حرارةً كافيةً تسمح للماء السائل بالوجود على القمر الجليدي، حيث لا تزداد درجة حرارة سطح القمر عن قرابة -140 درجة مئوية (-225 فهرنهايت).

قُدمت العديد من الاكتشافات في مؤتمر غولدشميت لعام 2020 ، وما يزال يتعين على الأقران مراجعتها، لكن هذه الاكتشافات ليست سوى الأحدث في سلسلة طويلة من الدلائل التي تشير إلى ارتباط القمر يوروبا باحتمالية استضافته لحياة على سطحه.

لسنا متأكدين تمامًا من الشكل الذي قد تتخذه الحياة الخارجية إن وجدناها، لكن العوالم المائية كيوروبا وقمر زحل إنسيلادوس مثيرة للاهتمام. تحت طبقات سميكة من الجليد، يُتوقع وجود محيطات من الماء السائل؛ إذ رُصدت أعمدة من بخار الماء تنبثق من كليهما.

قد يكون القمر يوروبا الخيار الأفضل للبحث عن حياة خارج الأرض في نظامنا الشمسي - البحث عن الحياة خارج كوكب الأرض في العوالم المائية في النظام الشمسي

ما قادنا إلى الأمل بأن هذه الأقمار قد تحوي حياةً شبيهةً بتلك الموجودة في النظم البيئية الحيوية حول الفوهات الحرمائية على الأرض. ففي أعماق المحيط المظلم وقارس البرودة، تسرب الفتحات البركانية الحرارة للماء المحيط بها، وعندها تتشكل الحياة اعتمادًا على التمثيل الكيميائي، وهو عملية تسخير الطاقة الكيميائية بدلًا من الطاقة الشمسية لإنتاج الغذاء.

نظرًا إلى أن وكالة ناسا سترسل مهمةً إلى يوروبا بحلول العام 2024، يعمل العلماء على اكتشاف الآلية التي ستبحث فيها المهمة عن علامات الحياة، وعن احتمالية وجودها. جزء من هذا العمل هو فرض احتمالات لبعض الحالات، هذا ما كان يدرسانه عالما الكواكب من وكالة ناسا موهيت ميلواني دسواني وستيفن فانس.

يرتكز بحثهما بشكل رئيسي على إيجاد مصدر الماء الأساسي. يشير البحث إلى أن المصدر يعود إلى المعادن الحاوية على المياه التي تفككت بسبب الحرارة الناتجة عن التحلل الإشعاعي، أو تفاعلات المد والجزر مع كوكب المشتري، أو بتأثيرٍ من كليهما.

أوضح ميلواني دسواني: «استطعنا وضع نموذج لتركيب نواة القمر وخصائصها الفيزيائية، ولطبقة السيليكات، والمحيط».

وأردف: «نجد أن العديد من المعادن تفقد الماء وتتقلب باختلاف العمق ودرجة الحرارة. أضفنا هذه التقلبات التي يرجح أنها فُقدت من الطبقة الداخلية إلى حساباتنا، ووجدنا أنها تتوافق مع التوقعات الحالية لكتلة المحيط، ما يشير إلى احتمالية احتوائه على هذه المعادن».

استنادًا إلى أبحاث سابقة، نحن على دراية بأن يوروبا مالح جدًا، ما يجعلنا نتفاءل بأن محيطاته شبيهة بتلك الموجودة على الأرض. قدمت المحاكاة التي قام بها الباحثون نموذجًا لتركيب محيطات يوروبا عبر الزمن، ووجدوا أنها كانت على الأغلب معتدلة الحموضة في بداياتها، كمحيطات الأرض، مع تراكيز عالية من ثاني أكسيد الكربون والكبريتات والكالسيوم.

وأضاف ميلواني دسواني: «في الواقع، ما يزال احتمال كون هذا المحيط ذا خصائص كبريتية موجودًا، لكنَّ محاكاتنا جنبًا إلى جنب مع بيانات تلسكوب هابل الفضائي قد أظهرت وجود الكلوريد على سطح يوروبا، ما يشير إلى أن الماء أصبح بالغالب غنيًا بالكلوريد».

«بعبارات أخرى، أصبح تركيبه مشابهًا لتركيب المحيطات على الأرض. نعتقد أن هذا المحيط قد يكون صالحًا لاستقبال الحياة».

ستتضمن الخطوة القادمة تحري وجود شروط حياة أخرى على القمر. يشير انبثاق أعمدة البخار على سطح يوروبا إلى أن القمر نشط جيولوجيًا، وحركته مع المشتري والقمرين آيو وغانيميد تُحدِث ضغوطات على الطبقة الداخلية للقمر تبدو السببَ في إبقاء المحيط سائلًا.

لسنا على علم بعد إن كان يوروبا نشطًا بركانيًا، وقادرًا على صنع فوهات حرمائية تتجمع حولها الكائنات المائية التي تعيش في الأعماق كما على الأرض. إن كان الأمر كذلك، فقد تكون هذه العملية قد ساهمت في التطور الكيميائي لمحيط يوروبا. تعاون ميلواني دسواني وفانس مع مجموعات من مدينتي نانت وبراغ للبحث في صحة الفرضية.

قال ميلواني دسواني: «يُعد القمر يوروبا أحد أفضل الفرص للعثور على حياة في المجموعة الشمسية. ستُطلق مهمة يوروبا كليبير التابعة لوكالة ناسا في الأعوام القليلة القادمة، تبعًا لذلك يتركز عملنا حول التجهيز لهذه المهمة التي ستتحرى مدى قابلية يوروبا لاستقبال الحياة».

«قادتنا النماذج للاعتقاد بأن المحيطات في الأقمار الأخرى، كجار يوروبا غانيميد، وقمر زحل تايتن، ربما قد تشكلت بعملية مشابهة. ما نزال بحاجة إلى فهم عدة أمور، ككيفية تحرك السوائل عبر الطبقة الداخلية الصلبة ليوروبا».

اقرأ أيضًا:

ربما تكتشف مهمة ناسا إلى القمر يوروبا دلائل على وجود حياة هناك

هل من الممكن حقًّا أن توجد حياة تحت سطح الأقمار الجليدية؟

ترجمة: حمزة البدارنة

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر