من المثير للاهتمام أن الميثان أحد الأدلة الدامغة القليلة على وجود حياة في منطقة ما، أو كما يقولون إنه إحدى «البصمات الحيوية» التي سيرصدها تلسكوب جيمس ويب بسهولة، ابتداءً من أواخر العام الراهن.

قالت ماغي طومسون، خريجة قسم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة سانتا كروز ومؤلف أول للدراسة: «غالبًا ما نعد الأكسجين أقوى البصمات الحيوية، ولكن لن يستطيع تلسكوب جيمس ويب رصده».

على الرغم من توافر دراسات سابقة تؤيد الميثان بصفته بصمة حيوية، فإننا نفتقر إلى معرفة الظروف الكوكبية اللازمة لنتحدث بملء الفم عن وجود حياة في تلك المنطقة.

تقول طومسون: «أردنا التوصل لإطار عمل موحد لتفسير المشاهدات، فمثلًا إذا رأينا كوكبًا صخريًا يكثر الميثان في غلافه، نفطن مباشرة إلى بقية المشاهدات المتوقعة، التي من شأنها أن تصنف الميثان بصمة حيوية».

نُشرت الدراسة في 28 مارس في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم. تتولى الدراسة مجموعة متنوعة من مصادر الميثان غير البيولوجية وتُقيم إمكاناتها في خلق غلاف يعج بالميثان. وتشمل هذه البراكين، والتفاعلات الحادثة في بعض المناطق -مثل الارتفاع المتطاول في منتصف المحيطات والمصارف الحرارية المائية ومناطق الاندساس التكتوني- وتأثيرات المذنبات أو الكويكبات.

إن الميثان لا يستقر في الجو، إذ تفكك التفاعلات الفوتوكيميائية الميثان الجوي، ومن ثم لإبقاء غلاف ما مليئًا به، يتحتم ألّا يتوقف عن الانبعاث.

يقول جوشوا كريسانسن توتون، المؤلف المشارك للدراسة والحاصل على زمالة ساجان بجامعة كاليفورنيا: «إذا وجدت كميات كبيرة من الميثان على كوكب صخري، قد تحتاج إلى مصدر ضخم لشرح ذلك».

«نعلم مسبقًا أن النشاط البيولوجي يولد كمية من الميثان على الأرض، وربما حدث هذا منذ بدء الخليقة، لأنه مرتبط بعملية الأيض».

ولكن لن تقدر مصادر الميثان غير الحيوية على إنتاج قدر مساوٍ دون ترك دليل على مصدره. فمثلًا، تملأ الغازات المنبعثة من البراكين الجو بالميثان وأول أكسيد الكربون. في المقابل فإن النشاط الحيوي يميل إلى استهلاك أول أكسيد الكربون بسهولة.

وجد الباحثون أن العمليات غير الحيوية لا يمكن أن تنتج كوكبًا صالحًا للسكن ذا غلاف يعج بالميثان وثاني أكسيد الكربون معًا وربما القليل من أول أكسيد الكربون.

تؤكد الدراسة على أهمية النظر إلى السياق الكامل (ظروف الكوكب) لتقييم البصمة الحيوية.

خلص الباحثون إلى أنه في حالة الكواكب الصخرية التي تدور حول نجوم تشبه الشمس، يصبح الميثان الجوي دليلًا دامغًا على وجود حياة على هذا الكوكب. خاصةً إذا حوى الجو ثاني أكسيد الكربون، وكانت كمية الميثان أكبر من أول اكسيد الكربون، ويمكننا استثناء الكواكب الغنية بالمياه.

قال طومسون: «لن يعطيك جزيء واحد الإجابة، يجب أن تأخذ ظروف الكوكب بالحسبان».

«الميثان مجرد قطعة من الأحجية، أما القول الفصل في وجود حياة على كوكب ما، فتحدده كيمياء طبقات الكوكب، وكيفية تفاعله مع نجمه، وتأثر جوه بعمليات معينة على مدى حقب زمنية مختلفة».

تتناول الدراسة احتماليات عدة «للمؤشرات الكاذبة» وتوفر الخطوط العريضة لتقييم الميثان بصفته بصمة حيوية.

قال كريسانسن توتون: «قد نخطئ في حالتين: قد تحكم على شيء أنه بصمة حيوية ليتضح أنه مؤشر كاذب، أو قد تتجاهل علامة ما ليتضح أنها بصمة حيوية حقيقية».

مضيفًا: «بتأليف هذه الورقة، أردنا تلافي الأخطاء المحتملة من طريق تطوير إطار عمل ثابت».

«ما زلنا بصدد الكثير من العمل لفهم أبعاد مشاهدات الميثان المستقبلية. تركز هذه الدراسة على أكثر المؤشرات الكاذبة انتشارًا عن الميثان وضرورة وجود حياة بناءً عليه».

«قد يحمل جو الكواكب الخارجية الصخرية مفاجأة بالنسبة لنا، ويجب أن نتمهل قبل تفسير المشاهدات هناك. من شأن الدراسة القادمة أن تتنبأ بآليات إنتاج الميثان غير الحيوية، وأن تضع توقعًا مبدئيًا لكمية الميثان الناتج عنها».

إضافةً إلى طومسون وكريسانسن توتون، شارك في العمل جوناثان فورني، أستاذ علم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، وميريام تيلوس، أستاذة مساعدة للأرض وعلوم الكواكب في جامعة واشنطن. وقد دُعم هذا العمل من قبل ناسا.

اقرأ أيضًا:

ناسا تقترب من حل لغز العثور على الميثان على سطح المريخ

هل يكون غاز الميثان الذي رصد على إنسيلادوس مؤشرًا على وجود حياة؟

ترجمة: عصماء عصمت

تدقيق: حسين جرود

مراجعة: نغم رابي

المصدر