يعاني المصابون بقلة الكريات البيضاء نقصًا في تعداد خلايا الدم البيضاء، أو ما تُسمّى الكريات البيضاء في الدم، وعادةً ما تنطوي حالة قلة الكريات البيضاء على نقص العدلات، التي هي نوع من خلايا الدم البيضاء. فما هي آثار حالة قلة الكريات البيضاء على جسم الإنسان؟ وما الذي يسبب هذه الحالة؟ وما خيارات العلاج المتاحة؟

تساعد خلايا الدم البيضاء في مكافحة العدوى في الجسم والدفاع عنه ضد الأخماج المختلفة، ولذلك فإن الذين يعانون انخفاض خلايا الدم البيضاء هم أكثر عرضة للإصابة بعدوى الأمراض.

تمثل العدلات نسبة 55-70٪ من جميع الأنواع الخمسة لخلايا الدم البيضاء، وتُعرف حالة نقص العدلات باسم قلة العدلات، لذلك نجد أنّ استخدام المصطلحين، قلة العدلات، وقلة الكريات البيض، هو الأكثر شيوعًا وتبادلًا لوصف هذه الحالة المرضيّة، إذ يمكن أن تختلف الممارسات الطبية في كيفية تعريفها لحالة انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء.

يُشخّص المريض بقلة الكريات البيضاء إذا كان لديه تعداد أقل من إجمالي خلايا الدم البيضاء في دمه، وفقًا لجمعية اللوكيميا واللمفوما، فإنّ تعداد خلايا الدم البيضاء الطبيعي هو بين 5000-10000 خلية بيضاء لكل ميكرولتر من الدم عند الذكور والأطفال، وبين 3500-11000 خلية بيضاء لكل ميكرولتر من الدم عند الإناث.

تتشكل خلايا الدم البيضاء في نقي العظم، وهي من الخلايا الضرورية والأساسية لجهاز المناعة، لذلك فإنّ الأشخاص الذين لديهم انخفاض كبير في تعداد الكريات البيضاء هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والأمراض.

أسباب الإصابة بحالة قلة الكريات البيضاء

قد تؤدي العديد من الحالات الطبية المختلفة إضافةً إلى بعض الأدوية والأساليب العلاجية المتبعة إلى قلة الكريات البيضاء، ومن الحالات الطبية التي يُمكن أن تسبّب قلة الكريات البيضاء عند المريض نذكر ما يلي:

  •  حالات أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الرثياني، والذئبة، ومتلازمة شوغرن، والتي تُعَدّ إحدى الاضطرابات الروماتويديَّة المرتبطة بالمناعة الذَّاتيَّة الشائعة، والتي تتَّصف بالجفاف المفرط للعينين والفم والأغشية المخاطية الأُخرى.
  •  السرطانات، مثل سرطان الغدد الليمفاوية هودجكين (نوع من السرطانات يُصيب الجهاز اللمفاوي، حيثُ تنمو خلايا الدم البيضاء التي تُسمى الخلايا اللمفية بشكل خارج عن نطاق السيطرة، ما يؤدي إلى تورُّم العقد اللمفية وانتشار أورام في مختلف أجزاء الجسم)، وسرطان الدم، والتليّف النقوي (وهو سرطان يصيب نقي العظم حيث تُستبدل فيه الخلايا المنتجة للدم في نقيّ العظم بنسيج ليفيّ، مما يؤدي إلى ظهور خلايا دم حمراء غير طبيعية الشكل وبالتالي الإصابة بفقر الدم).
  •  العدوى، مثل الإنفلونزا وفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة HIV، والتهاب الكبد.
  •  داء الأمعاء الالتهابي (IBD).
  •  الأورام الحُبَيبية المصاحِبة لالتهاب الأوعية، وهي حالة تسبّب التهاب الأوعية الدموية.
  •  نقص في حمض الفوليك، أو النحاس، أو فيتامين ب12 (الكوبالامين).
  •  الاضطرابات الوراثية، مثل متلازمة شدياق هيغاشي (اضطراب وراثي نادر جدًا يتميز بعدوى تنفسية بكتيرية متكرّرة وغيرها من أنواع العدوى، بالإضافة إلى البَرَص)، أو متلازمة كوستمان (اضطراب يحدث عند الولادة ويؤدي إلى انخفاض شديد في تعداد العدِلات).
  •  قد يؤدي فيروس كورونا COVID-19 أيضًا إلى نقص في خلايا الدم البيضاء.

أما بالنسبة إلى الأدوية والأساليب العلاجية المتّبعة التي قد تُسبب قلة الكريات البيض؛ فقد تؤثّر بعض المعالجات السرطانية على عدد خلايا الدم البيضاء لدى المريض، ما يؤدي إلى الإصابة بحالة قلة الكريات البيض.

تشمل العلاجات التي قد يكون لها هذا التأثير ما يلي:

  •  العلاج الكيميائي
  •  العلاج الإشعاعي
  •  زراعة نقي العظم

وبالنّسبة إلى الأدوية التي قد تسبب قلة الكريات البيضاء نذكر ما يلي:

  •  السيفالوسبورينات.
  •  الأمينوبيرين.
  •  الكوينيدين.
  •  المعادن الثقيلة.
  •  الفينوتيازين.
  •  السلفون أميد.
  •  البنسيلينات.
  •  الإنترفيرونات، التي تُستخدم في علاج التصلّب اللويحي المتعدد.
  •  البوبروبيون، وهو دواء مضاد للاكتئاب، ويستخدم كدواء للمساعدة على الإقلاع عن التدخين.
  •  مثبطات المناعة، مثل سيروليموس، ميكوفينولات موفيتيل، تاكروليموس، وسيكلوسبورين.
  •  الستيروئيدات.
  •  الأدوية المضادة للذهان، مثل الكلوزابين.

إذا كان المريض غير متأكد من الاسم العام للدواء الذي يتناوله، وهناك احتمال أن يؤثر ذلك على جهاز المناعة لديه، فمن الجيد أن يستشير الطبيب بخصوص الآثار الجانبية لذلك الدواء.

الأعراض الشائعة في حالة قلة الكريات البيضاء

قد لا تظهر الأعراض على المريض إذا كان لديه انخفاض في عدد خلايا الدم البيضاء، ومع ذلك، قد تُشير العدوى المتكررة إلى قلة الكُريات البيضاء، وتشمل أعراض العدوى ما يلي:

  •  ارتفاع الحرارة.
  •  التعرّق.
  •  القشعريرة.
  • وجع الأسنان.
  •  التهاب البلعوم.
  •  قرحات الفم والتي يصعُب شفاؤها.
  •  التعب والإرهاق.
  •  أعراضًا تشبه أعراض الإنفلونزا.
  •  طفحًا جلديًا.

قد يُعاني المريض المصاب بقلة الكريات البيضاء أعراضًا أُخرى تتعلق بالعامل الأساسي المُسبّب لانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء.

الأنواع الأساسية لحالة قلة الكريات البيضاء

لدى الإنسان خمسة أنواع من خلايا الدم البيضاء تختلف بنسبها المئوية فيما بينها مقارنةً مع إجمالي خلايا الدم البيضاء في الجسم، وتشمل ما يلي:

  •  العدلات بنسبة 55-70%.
  •  اللمفاويات بنسبة 20-40%.
  •  الأسسات بنسبة 0.5-1%.
  •  الوُحَيدات بنسبة 2-8%.
  •  الحمضات بنسبة 1-4%.

كل نوع من هذه الأنواع الخمسة يساعد على حماية الجسم من نوع مختلف من العدوى، لذلك، فهناك خمسة أنواع من حالة قلة الكريات البيض، وكل نوع يتوافق مع نوع خلايا الدم البيضاء المصابة.

يُشير مقال نُشر عام 2019 إلى أنّ قلة الكريات البيضاء تحدث عادةً بسبب انخفاض تعداد العدلات، ويُشير الأطباء إلى انخفاض العدلات لدى المريض باسم قلة العدلات، أمّا عندما تنطوي حالة قلة الكريات البيضاء على انخفاض مستويات الخلاِيا الليمفاوية، فيُطلَق عليها مصطلح قلة اللمفاويات، وقد تكون حالة قلة الكريات البيضاء من النوع الحاد أو المزمن.

حالة قلّة الكريات البيضاء الحادة

تتطور هذه الحالة عندما يُعاني المريض انخفاضًا قصير الأمد في عدد خلايا الدم البيضاء بسبب عدوى أو تفاعل دوائي ما أو نتيجةً لأسباب أُخرى.

حالة قلة الكريات البيضاء المزمنة

تُعد حالة قلة العدلات مزمنةً إذا كان المريض قد شُخّص بانخفاض مستوى العدلات ثلاث مرات على الأقل على مدار 3 أشهر، وقد يُصاب المريض بقلة الكريات البيضاء من النوع المزمن لعدة أسباب، مثل:

  •  الحالات الوراثية: تُعرف أيضًا باسم الاضطرابات الخَلْقية، وقد تؤدي إلى حالة قلة الكريات البيض، ومن الأمثلة على ذلك متلازمة كوستمان و اضطراب قلة العدلات النقوي الخَلْقي.
  •  السرطانات: يمكن لخلايا سرطان الدم أن تجبر الخلايا الموجودة في نخاع العظم -التي تصنع خلايا الدم الطبيعية- على الخروج من نقي العظم، وقد يؤدي هذا إلى قلة الكريات البيض.
  •  حالات اضطرابات خلايا الدم ونقي العظام: تشمل الأمثلة فقر الدم، وفرط نشاط الطحال، ومتلازمات خلل التنسج النقوي.
  •  اضطرابات المناعة الذاتية: مثل الذئبة، والتهاب المفاصل الرثياني.ِ
  •  الأمراض المعدية: التي قد تشمل فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز)، ومرض السلّ.

قد يعاني المريض الذي يُصاب بعدوى الطحال أيضًا قلة الكريات البيضاء من النوع المزمن.

قلة الكريات البيضاء مقارنةً بقلة العدلات

تُشير حالة قلة الكريات البيضاء إلى انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء الكلّية، لذا يمكن للمريض المُصاب بقلة الكريات البيضاء أن يعاني انخفاض في أي نوع من خلايا الدم البيضاء، في حين أنّ حالة قلة العدلات هي نوع من أنواع قلة الكريات البيض، إذ إن المريض المصاب بقلة العدلات يملك عددًا قليلًا منها، وتُعتبر العدلات النوع الأكثر شيوعًا من بين أنواع خلايا الدم البيضاء.

وتشير جمعية أميريكان كانسر American Cancer Society إلى أنّ تعداد العدلات لدى المريض يُعد مؤشرًا مهمًا على خطر الإصابة بالعدوى.

تعداد العدلات المُطلق ANC هو اختبار يُقيس عدد العدلات في الدم، ويمكن أن يساعد على تشخيص حالات مثل سرطان الدم، ويمكن أن يساعد أيضًا على تقييم كيفية تأثير العلاج الكيميائي في عدد العدلات لدى المريض، في حال كانوا بحاجة إلى إيقاف العلاج الكيميائي مؤقتًا، ويُعَد المريض مصابًا بحالة قلة العدلات إذا انخفضت مستويات العدلات لديه إلى أقل من 1000 عدلة لكل ميكرولتر من الدم.

تشخيص الإصابة بحالة قلة الكريات البيضاء

تُشخّص حالة قلّة الكريات البيضاء بإجراء اختبار تعداد دم كامل سي بي سي (CBC) وذلك بأخذ عينة دم صغيرة لإجراء الاختبار.

ويتكون الدم من:

  •  خلايا الدم الحمراء، أو كريات الدم الحمراء، التي تنقل الأكسجين من الرئتين وتنقله إلى الخلايا المحيطة في الجسم.
  •  خلايا الدم البيضاء، أو الكريات البيضاء.
  •  الصفيحات الدموية، التي تُسبب التّخثر استجابة لحدوث أيّ جرح في أيّ مكان من الجسم.

ويختبر تحليل سي بي سي CBC الهيموغلوبين (وهو بروتين موجود في خلايا الدم الحمراء وله دور في عملية نقل الأكسجين)، والهيماتوكريت (وهو النسبة المئوية لخلايا الدم الحمراء في دم الإنسان).

أساليب العلاج المُتّبعة في حالة قلة الكريات البيضاء

تعتمد معالجة حالة قلة الكريات البيضاء على سبب الحالة، فقد يحتاج المريض إلى مضادات حيوية لمكافحة العدوى، أو قد يحتاج أيضًا إلى دواء لزيادة تعداد خلايا الدم البيضاء، ومن المهم عدم التوقف عن تناول الدواء أو تغييره دون استشارة الطبيب أولًا، أمّا إذا كان المريض مصابًا بالسرطان وأدى العلاج الكيميائي إلى قلة الكريات البيض، فقد يحتاج إلى إيقاف علاجه مؤقتًا للسماح لخلايا الدم البيضاء بالتجدد.

أساليب العلاج التي تستخدم عوامل النمو، مثل عامل تحفيز مستعمرات الخلايا المحببة، قد تساعد على علاج حالة قلة الكريات البيض، ويُمكن أن يستخدمها الأطباء أيضًا عندما يسبب العلاج الكيميائي قلة الكريات البيض، أو إذا كان سبب ذلك النقص وراثيًا.

التدابير والإجراءات الواجب اتباعها

تعتمد التوقعات للأشخاص الذين يعانون قلة العدلات على العامل المسبب لتلك الحالة، ونظرًا لأن حالة قلة الكريات البيضاء يمكن أن تجعل المريض أكثر عرضة للعدوى؛ فيجب عليه اتخاذ خطوات للبقاء بصحة جيدة، إذ يمكن أن تساعد أساليب العلاج والسلوكيات المنزلية التالية المريض على تحسين حالته وتقليل خطر إصابته بالعدوى:

  •  اتباع نظام غذائي صحي.
  •  نيل قسط جيد من الراحة.
  •  تجنب الإصابة بالجروح والخدوش والأضرار التي قد تلحق بالجلد.
  •  العناية جيدًا بالنظافة الشخصية لتجنب الجراثيم.
  •  الحفاظ على صحة جيدة.
  •  الحفاظ جيدًا على نظافة الفم.

متى تجب استشارة الطبيب؟

إذا اشتبه شخص ما في أنه قد يصاب بعدوى، فتجب عليه استشارة الطبيب المختصّ عاجلًا، ويجب عليه البحث عن علامات العدوى، وتجنب الاتصال بالأشخاص المرضى.

اقرأ أيضًا:

ما هي أسباب كثرة كريات الدم البيضاء؟ وما علاجها؟

ما هي أسباب نقص كريات الدم البيضاء ؟ وما العلاج؟

ترجمة: أليسار الحائك علي

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر