يتميز كوكب المريخ بتضاريسه المتناقضة، وأماكنه الرائعة التي ستثير فضول السياح مستقبلًا ما إن تسيير أولى الرحلات السياحية للإنسان إليه، إذ يحتوي على براكين ضخمة، وأودية عميقة، إضافةً إلى الأخاديد التي قد تكون مصدرًا للمياه الوفيرة. إليك بعض الأماكن التي سترغب بزيارتها عند سفرك إلى المريخ.

أوليمبوس مونس Olympus Mons

يُعد جبل أوليمبوس مونس أضخم بركان في النظام الشمسي، إذ يبلغ ارتفاعه 25 كيلومترًا وقد تكوّن نتيجة تدفق حمم بركانية ببطء على منحدراته، ما يجعله أعلى بثلاث مرات تقريبًا من قمة إيفرست على الأرض، ويغطي مساحة تعادل حجم ولاية أريزونا الأمريكية (295,000 كيلومتر مربع تقريبًا).

يتميّز البركان بانحداراته الطفيفة التي يبلغ متوسطها 5%، ما يسهّل تسلق السياح له في المستقبل لاستكشاف الحفرة العظيمة التي يبلغ عرضها 85 كيلومترًا في قمته!

براكين ثارسيس Tharsis volcanoes

في أثناء تسلق بركان أوليمبوس مونس سيستطيع السياح إلقاء نظرة على منطقة ثارسيس التي يبلغ عرضها نحو 2500 كيلومترًا وفقًا لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، حيث تحتوي على 12 بركانًا قد تكون ثارت على مدى ملياري سنة، أو نحو نصف عمر المريخ. تتميز هذه البراكين بحجمها الكبير الذي يفوق حجم البراكين على الأرض، ربما يُعزى ذلك إلى ضُعف قوة الجاذبية على هذا الكوكب التي تسمح للبراكين بالنمو على نحو أعلى.

التقطت مركبة فايكينغ 1 هذه الصورة عام 1980، وفيها تظهر براكين عدة يبلغ ارتفاعها نحو 25 كيلومترًا في منطقة ثارسيس الشرقية وهي: أسكريوس مونس، وبافونيس مونس، وأرسيا مونس، بالإضافة إلى ثارسيس ثولوس.

وادي مارينيريس Valles Marineris

بحسب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، فإن المريخ لا يضم كبرى البراكين في نظامنا الشمسي فقط، بل يضم أيضًا كبرى الوديان، فوادي مارينيريس يبلغ طوله نحو 3000 كيلومتر. يجهل الباحثون كيفية تكون وادي مارينيريس، لكن نظريات عدة تشير إلى أن تكون منطقة ثارسيس ساهمت في تكوين الوادي من خلال الحمم البركانية التي دفعت القشرة نحو الأعلى، ما أنتج تشققاتٍ في مناطق أخرى لتتحول بمرور الوقت إلى وادي مارينيريس.

القطبان الشمالي والجنوبي

يحتوي كوكب المريخ على منطقتين جليديّتين حول قطبيه وتتميز كل منهما بتركيبة مختلفة قليلًا عن الأخرى. وباستخدام مسبار فينيكس نال القطب الشمالي دراسة من كثب عام 2008، في حين رُصد القطب الجنوبي من خلال الأقمار الصناعية. تشير وكالة الفضاء الأمريكية ناسا إلى أن الحرارة منخفضة جدًا في القطبين في أثناء فصل الشتاء، لدرجة أن ثاني أكسيد الكربون يتكاثف في الجو ويتحول إلى جليد على سطح الكوكب.

تنعكس هذه العملية في فصل الصيف، فيتحول ثاني أكسيد الكربون المتجمد إلى غاز في الجو، ويختفي تمامًا في النصف الشمالي للكوكب، ما ينتج عنه غطاء جليدي فوق الماء لكن يبقى قليل منه متجمدًا في الجزء الجنوبي. تنتج عن هذه النشاطات تأثيرات واسعة النطاق في مناخ المريخ، وتتضمن رياحًا شديدة إضافةً إلى آثار أخرى.

فوهة غيل وجبل شارب (إيوليس مونس)

يُعد جبل إيوليس مونس موضع إثارة بسبب احتمال وجود حياة عليه، إذ اكتُشفت أدلة عدة تدل على توفر المياه في هذه المنطقة (كالعثور على مجرى مائي)، وقد اكتُشفت تلك الأدلة بعد هبوط مسبار كيوريوسيتي روفر عام 2012، بالإضافة إلى ذلك اكتُشفت مواد عضوية داخل صخور عمرها 3.5 مليار عام.

أعلن الباحثون أن المسبار اكتشف تغييرًا في تركيب الميثان (الذي قد تُنتجه الميكروبات) في الغلاف الجوي على مدار فصول السنة، فضلًا عن الظواهر الجيولوجية التي قد تكون دليلًا على وجود حياة عليه.

تجويف ميدوسا Medusae Fossae

يُعد تجويف ميدوسا الذي يُضاهي حجمه خُمس مساحة الولايات المتحدة الأمريكية أحد أغرب الأماكن على سطح المريخ، إذ توقع بعض العلماء أنه تكوّن جرّاء تحطم جسم غريب على سطح المريخ، لكن التفسير الأكثر ترجيحًا أشارت إليه دراسة من عام 2018، وتشير إلى أن ثورانًا بركانيًا مهولًا حدث مئات المرات على مدار 500 مليون سنة، نتج عنه رواسب بركانية ضخمة نحتت الرياح منها أشكالًا جميلة.

الخطوط المنحدرة المتكررة في فوهة كريتر Hale Crater

يضم المريخ أماكن تُسمى الخطوط المنحدرة المتكررة RSL، تتكون عادة على جوانب الحفر شديدة الانحدار في أثناء الطقس الحار، وتُظهر الصور الملتقطة لهذه الخطوط بقعًا كشفت عن وجود آثار بلل فيها، ما يدل على وجود مياه جارية على سطح المريخ بحسب إعلان وكالة الفضاء الأمريكية ناسا عام 2015، لكن الدراسات اللاحقة أشارت إلى أن خطوط RSL قد تكونت من المياه في الغلاف الجوي، أو من التدفقات الجافة للرمال.

في الواقع قد نحتاج إلى الاقتراب من هذه الخطوط على أرض الواقع لمعرفة طبيعتها الحقيقية، لكن من الصعب الاقتراب منها خشية الإصابة بعدوى بسبب وجود ميكروبات غريبة فيها، ما يعني أنه على السياح مشاهدتها عن بعد مستقبلًا باستعمال المناظير.

كثبان الشبح Ghost Dunes في متاهة نوكتيس Noctis Labyrinthus وحوض هيلاس Hellas Basin

تُشكّل الرياح العامل الحاسم في شكل كوكب المريخ اليوم منذ أن تبخرت المياه منه جرّاء ضعف الغلاف الجوي، لكن بوسعنا رؤية براهين عدة تدل على وجود المياه فيه منذ القدم، مثل مناطق كثبان الشبح في حوض هيلاس، ومتاهة نوكتيس.

وفقًا للباحثين، فإن هذه المناطق كانت تحتوي على كثبان رملية يبلغ ارتفاعها نحو عشرات الأمتار، لكن يُعتقد أن المياه أو الحمم قد غمرتها ما سبب تآكل قممها وحافظ على قواعدها.

تُظهر هذه الكثبان القديمة كيف كانت الرياح تهبّ على سطح كوكب المريخ قديمًا، ما يعطي علماء المناخ بعض الإشارات حول بيئة الكوكب الأحمر في الماضي.

في ضوء تطورٍ أكثر إثارة، تشير الدراسات إلى أن الكثبان قد تحتوي على مناطق مخفية تختبئ فيها مجموعة من الميكروبات بمأمن من الإشعاع والرياح التي كانت ستجرفها بعيدًا.

اقرأ أيضًا:

انطلاق ثالث رحلة سياحية إلى الفضاء

ناسا وسبيس إكس ترسلان أول رحلة فضائية خاصة لزيارة محطة الفضاء الدولية

ترجمة: بيان عيزوقي

تدقيق: ريمي سليمان

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر