لطالما ألهم منظر غروب الشمس عن أرضنا بألوانه الساحرة والجذابة الكثير من الأدباء والشعراء، وحضر دائمًا هذا المنظر الأخاذ للتعبير عن الجمال. لكن، كيف يبدو منظر غروب الشمس في باقي الكواكب ضمن مجموعتنا الشمسية؟

يختلف جواب السؤال السابق باختلاف الكوكب، إذ تغربُ الشمس عن كوكب المريخ بتوهج أزرق. في كوكب أورانوس، يظهر غروب الشمس بلون أزرق يتلاشى إلى اللون الفيروزي. أما في أحد أقمار كوكب زُحل، تيتان، تتحول السماء من اللون الأصفر إلى اللون البرتقالي فاللون البُني أو الأحمر الناري مع نزول الشمس تحت خط الأُفق.

وفقًا للباحث في علوم الرياضيات كيرت إيلر فإن اختلاف ألوان غروب الشمس بين كواكب المجموعة الشمسية يرجع لاختلاف تركيب الغلاف الجوي في كل كوكب، إذ تُبعثر الجسيمات الموجودة في الغلاف الجوي أشعة الشمس مُشكّلةً ألوانًا مختلفة وغير متجانسة. ويقول إيلر: «اعتقد الجميع سابقًا أن آلية غروب الشمس هي نفسها في باقي الكواكب، لكن اتضح أن الأمر مُختلف».

يتكون الغلاف الجويّ لكوكب الأرض عمومًا من جزيئات غازية صغيرة جدًا، غالبيتها من النيتروجين والأكسجين وهي تلعب دورًا رئيسيًا في بعثرة ضوء الشمس ذي اللون الأبيض. تُبعثر جزيئات الأكسجين والنيتروجين ضوء الشمس قصير الموجة مثل الأزرق والبنفسجي بدرجة أكبر من بعثرة الضوء طويل الموجة مثل الأحمر والأصفر، ويسمى هذا النوع من البعثرة بتبعثر رايلي (Rayleigh Scattering). نتيجةً لذلك، نرى السماء زرقاء اللون في النهار، ومع ابتعاد ضوء الشمس في أثناء الغروب يتلاشى هذا اللون بسبب تضاعف نسبة تشتته، ما يسمح برؤية الألوان الأخرى.

يضيف إيلر: «إن جميع الكواكب التي يحتوي غلافها الجوّي على الغازات تتبع نفس الآلية التي تحدث في كوكب الأرض إذ يظهر الضوء ذو الطول الموجي الأكبر بوضوح عند غروب الشمس. في كوكب أورانوس، يتكون الغلاف الجوي من جزيئات غاز الهيليوم والهيدروجين والميثان التي تُبعثر الضوء قصير الموجة مثل الأزرق بعيدًا عن الضوء طويل الموجة مثل الأحمر لنُشاهد سماءً زرقاء ساطعة تتحول إلى اللون الفيروزي مع غروب الشمس وابتعادها.

كيف يبدو منظر غروب الشمس في الكواكب الأخرى - تركيب الغلاف الجوي - يتكون الغلاف الجوي لأورانوس من جزيئات غاز الهيليوم والهيدروجين والميثان

في الكواكب التي لا تُشكل الغازات مُعظم غلافها الجوي يكون الأمر مُختلفًا، ويُعد غروب الشمس عن كوكب المريخ مثالًا على ذلك. يقول إيلر: «تبلغ كثافة الغاز في الغلاف الجوي لكوكب المريخ 1/80 مما هي عليه في كوكب الأرض، فإن المسؤول عن بعثرة الضوء جزيئات كبيرة من الغبار، إذ تُبعثر هذه الجزيئات الضوء بنمط مختلف يُعطي لونًا أزرق عند غروب الشمس عن كوكب المريخ».

وجدت دراسة أجراها إيلر وفريق من الباحثين في عام 2014 أن الغبار المريخي المكون للغلاف الجوي لكوكب المريخ يُبعثر الضوء بطريقة مختلفة تمامًا عن بعثرته بواسطة جزيئات الغاز.

بحسب الدراسة فإن جزيئات الغاز -كما في كوكب الأرض- تُبعثر الضوء في مختلف الاتجاهات على عكس الغبار -كما في كوكب المريخ- الذي يُبعثر الضوء باتجاه واحد، بالإضافة إلى أن جزيئات الغبار تُبعثر الضوء الأحمر بزوايا أوسع من جزيئات الغاز فيكون الضوء الأزرق أقوى بست مرات من الضوء الأحمر على كوكب المريخ.

إن تركيب الغلاف الجوي لكوكب المريخ لا يسمح ببعثرة الضوء كليًا، فيمكنك مشاهدة قرص الشمس بلون أبيض عند الغروب وحوله بريق أزرق وتستطيع مشاهدة اللون الأحمر بعيدًا وبزوايا عريضة بحسب العالم إيلر.

من غير الممكن توقع شكل غروب الشمس في الكواكب والأقمار الأخرى دون دراسة الغلاف الجوي المكوّن لكل منها، فإذا كان الغلاف الجوي ذا طبيعة غازية، تمكنك رؤية أطوال موجية طويلة من الضوء وقتَ غروب الشمس. يختم إيلر بالقول: «إننا نمتلك ميزة رائعة بامتلاكنا غلافًا جويًا ذا طبيعة غازية».

اقرأ أيضًا:

لم يبدو الغروب أزرقَ من على المريخ؟

العلم وراء الألوان الساحرة للشروق والغروب

ترجمة: بيان علي عيزوقي

تدقيق: عون حدّاد

المصدر