الألماس، الجوهرة الفريدة الأكثر طلبًا وتفردًا وتألقًا بصورة تميزها عن باقي الجواهر. توفرت مصادره اليوم بعد أن كانت منذ آلاف السنين حجرًا نادرًا يصعب الحصول عليه، بينما يورد معهد الأحجار الكريمة في أميركا GIA ما كتبه المؤرخ الروماني بليني في القرن الأول الميلادي: «الألماس المادة ذات القيمة الأعلى في الوجود، ليس فقط على صعيد الأحجار الكريمة؛ بل هو أعلى قيمة من أي شيء آخر»، وهنا نتساءل، من أين يأتي الألماس؟ وما الذي يميزه إلى هذا الحد؟

اكتُشف الألماس للمرة الأولى في الهند في 2500 قبل الميلاد، وفقًا لمتحف كاب تاون: «أحجار الألماس المُكتشَفة هذه لم تستخرج بوساطة التنقيب أو بعمليات التعدين؛ بل وُجدت ببساطة في رواسب الأنهار والتيارات».

مظهره البراق جعل منه جوهرةً يرغب الجميع بامتلاكها، واستنادًا لمعلومات قدمها المتحف:«بحلول القرن الرابع قبل الميلاد انتشر الألماس حول العالم، وكان لا يزال مادة شديدة الندرة لا يمتلكها سوى كبار الأغنياء، حتى أصبح رمزًا لصفوة الأثرياء في العصور الوسطى، واستمر هذا الحال حتى القرن التاسع عشر، حين اكتُشفت مصادر جديدة للألماس في جنوب أفريقيا، وبعد ذلك أصبح بإمكان عامة الشعب الحصول عليه».

ممَا يتكون الألماس؟

تتكون بلورات الألماس من عنصر كيميائي واحد فقط، نفس العنصر الذي يشكل الغرافيت (شكل من أشكال الفحم)، ألا وهو الكربون، وفقًا للمعهد الأمريكي للأحجار الكريمة: «الألماس والغرافيت مادتان لهما المكون نفسه وبعيدتان كل البعد عن بعضهما بالشكل والمواصفات، فالغرافيت مادة متوفرة بكثرة، وهي ضعيفة البِنية تتفتت بسهولة، لذلك تستخدم هذه المادة في أقلام الرصاص وميزتها هذه تجعل من الكتابة عمليةً سهلةً، أما الكربون بشكله الألماسي هو أقسى مادة معروفة، وهو قاسٍ لدرجة أنه لا يمكننا خدش أية ألماسة إلا بألماسة أٌخرى، سبب هذا الفرق في الميزات هو اختلاف ترابط ذرات الكربون في كلا المادتين، في الغرافيت يكون الكربون بهيئة صفائح مستوية تنزلق بسهولة عن بعضها، أما في الألماس يكون الكربون بهيئة بنية صلبة ثلاثية الأبعاد». استنادًا إلى أتلانتيك، «لا يعد الألماس حجر مجوهرات فقط، بل إن قساوته أدخلته في ميدان الصناعة والاستخدامات التقنية؛ مثل القطع والحفر».

كيف يتشكل الألماس؟

يشكل الكربون الغرافيت على سطح الأرض، والألماس على عمق أكثر من 160 كيلومتر تحت سطح الأرض، حيث الضغط الهائل والحرارة العالية، استنادًا لمجلة سميثسونيان.

عند ثوران البراكين في بعض المناطق تطفو المواد التي في عمق الأرض على شكل حمم بركانية يحمل بعضها الألماس، وعند مرورها في الأنهار تُغسل هذه المواد عن الألماس حيث وجد لأول مرة.

أما في وقتنا الحالي معظم أحجار الألماس استُخرجت مباشرةً من الصخور البركانية الحاملة لها التي أُطلق عليها اسم الكمبرلايت، واقتُبس اسمها من بلدة كيمبرلي في جنوب أفريقيا فهي موقع أول اكتشاف لهذه الأحجار. ويتشكل الألماس في باطن الأرض، ولكنه يصل لسطح الأرض عبر فوهات البراكين.

كيف يُصنف الألماس؟

تختلف أحجار الألماس عن بعضها، فبعضها لا يصلح ليكون مجوهرات ويلائم المجال الصناعي أكثر، حتى تلك التي تُصنف على أنها أحجار كريمة تختلف أنواعها كثيرًا، وتُصنف حسب أربعة معايير: القطع واللون والصفاء والقيراط، والقيراط يقيس الوزن ويكافئ 200 ميليغرام.

ما سبب ارتفاع سعر الألماس؟

إن غلاء سعر الألماس كان في الماضي بسبب ندرة توفره، أما اليوم، فوفقًا للجمعية الدولية للأحجار الكريمة تُعد مصادره أكثر من مصادر الكثير من الأحجار الكريمة؛ مثل الياقوت الأزرق والياقوت الأحمر، ويعود سبب ارتفاع سعره للتكلفة العالية للعملية الإنتاجية للألماس بدءًا من استخلاصه من مصادره وصولًا لعملية تلميعه. ولكن السبب الأول لغلاء سعره هو الطلب العالمي الكبير له، إذ يشيع استخدامه في خواتم الخطوبة. ووفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، نشأ تقليد استخدام الألماس في خواتم الخطوبة بحملة تسويقية ذكية في ثلاثينيات القرن الماضي.

كتب إيان فليمنغ مخترع شخصية جيمس بوند في عام 1956: «الألماس يدوم مدى الدهر»، لعل إيان اقتبس هذه المقولة القديمة، ولكن تبين أنه كان شعارًا تسويقيًا صِيغَ قبل عقد من الزمن، في الحقيقة وعلميًا هذه المقولة غير صحيحة، فوفقًا للدكتور كريستوفر بيرد التابع لجامعة (ويست تيكاس A@M) الألماس هو شكل من أشكال الكربون غير الثابتة والقابلة للتحلل في نهاية المطاف تمامًا مثل الغرافيت، وإن كانت هذه العملية تستغرق ملايين السنين.

أين يمكننا إيجاد الألماس؟

استنادًا للمعلومات التاريخية، كانت أفريقيا هي المصدر الرئيس الذي يُستَخرج منه الألماس، أما حديثًا فصرح الجيولوجي هوبارت كينغ: «تتوزع مصادر استخلاص الألماس حول العالم، ولكن لا تزال أفريقيا هي المصدر الرئيس، ومن البلدان التي يتوفر فيها الألماس في أفريقيا: بوتسوانا وأنغولا وجنوب أفريقيا وناميبيا والكونغو، وكل منها يُنتج أكثر من مليون قيراط سنويًا، بينما يبلغ مجموع إنتاج هذه الدول الخمس 30 مليون قيراط، أما روسيا وكندا فقد تخطتا هذا الرقم بإنتاج يبلغ 41 مليون قيراط سنويًا، وتوجد بلدان كثير تنتج كمية أقل من أحجار الألماس؛ ومنها أستراليا والبرازيل وغينيا».

نعتقد جميعًا أن الألماس نادر الوجود، ولكن في حقيقة الأمر فإن مناجمه تنتشر حول العالم. ووفقًا لموقع الفضاء أُثبت وجود ألماس في السماء على شكل نيازك تحتوي على الألماس التي نشأت باكرًا جدًا من تاريخ النظام الشمسي، ولا تعد الأرض الكوكب الوحيد الذي يحتوي على الألماس في النظام الشمسي، ففي عمق الغلاف الجوي المتجمد لكوكبي نبتون وأورانوس يتعرض الكربون لضغط وحرارة عاليين يكفيان لتشكيل الألماس، ثم تتساقط هذه الألماسات على سطح الكوكب.

وخارج النظام الشمسي تحتوي كثير من الكواكب على الألماس أكثر من الأرض، فهناك كواكب تدور حول نجوم غنية بالكربون، ومن المتوقع احتواؤها على الألماس بنسبة أكثر من الأرض.

صرح موقع الفضاء بوجود كوكب أُطلق عليه اسم (55 كانكري أي) الذي أحدث ضجةً كبيرةً بسبب الاعتقاد الكبير أنه يحتوي على كثير من الألماس، وبسبب ذلك سُمي بكوكب الألماس، ولكن لم تُثبت صحة الاعتقادات حوله، لذلك تراجع الاهتمام به.

زراعة الألماس في المختبرات

إن عملية تشكل الألماس مفهومة لا تحوي أي تعقيد، وهو شكل من أشكال الكربون ينشأ تحت ظروف معينة من الضغط والحرارة.

يوجد الألماس الطبيعي حيث تتوفر هذه الشروط في باطن الأرض، ومن الممكن خلق هذه الظروف الضرورية لتشكل الألماس، منذ خمسينيات القرن الماضي بدأ تصنيع الألماس الصناعي لأغراض تجارية، وفقًا لما قاله مهندس المواد ديميتري كوبيلوفيتش: «نحاول محاكاة العملية الطبيعية بأفضل طريقة ممكنة بواسطة استخدام الضغط المرتفع والحرارة المرتفعة (واسم التقنية HPHT)، وتوجد طريقة كيميائية لتصنيع الألماس، وهي طريقة لا تتطلب نفس الضغط والحرارة العاليين، وتسمى ترسيب البخار الكيميائي». وسابقًا كانت جودة الألماس الكيميائي منخفضة، لذلك استُخدم فقط لأغراض صناعية، أما اليوم وفقًا للمعهد الأمريكي للأحجار الكريمة، يمكن صنع الألماس الكيميائي بطريقة جذابة تمكننا من استخدامه في صناعة المجوهرات.

اقرأ أيضًا:

هل يوجد ألماس في المحيط.

ألماس مدفون تحت عمق 400 ميل تحت سطح الأرض قد يفسر زلازل غامضة.

وجد العلماء نوع جديد من الكواكب المملوءة تماما بالأحجار الكريمة

ترجمة: رهف إبراهيم

تدقيق: إيناس خير الدين

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر