كيف يمكن التحكم بالإلكترونات في الزمان والمكان؟


في المجهرِ الإلكترونيّ، تَنبعث الإلكترونات من خلال أطراف معدنية مُدبّبة، إذ يمكن توجيهها والتحكم بها بدقّة عاليةٍ، وحاليًا تُستخدم هذه الأطراف المعدنية كمصدرٍ للإلكترونات لإنتاج الأشعة السّينية.

طوّر فريق من الباحثين بجامعة فيينا التقنية وجامعة فريدريش ألكسندر بإيرلانغن نورنبرغ (Erlangen-Nürnberg) بألمانيا، طريقة للتحكم بالإلكترونات بدقة غير مسبوقة. أصبح من الممكن الآن باستخدام نبضتين من الليزر التحكمُ بتدفق الإلكترونات بمُعدلاتٍ زمنية دقيقة جدًا.

طرف بحجم الإبرة

يقول كريستوفر ليمل من جامعة فيينا التقنية: «تشبه الفكرة الرئيسيّة عمَلَ مانعِ الصواعق؛ لأن المجال الإلكتروني حول الإبرة يكون أقوى عند الطرف. ولهذا يضرب البرق طرفَ القضيب؛ وللسبب ذاته تغادرُ الإلكترونات الإبرةَ من خِلال الطرف».

يمكن صنع الإبر ذات الأطراف الدقيقة جدّا باستخدام تقنيات النانو، ليبلغ عرضها بضعة نانومترات فقط حتى النقطة التي تنبعث منها الإلكترونات، وهي نقطة ذات دقة عالية جدًا. إضافةً لذلك، فإنه من المهم أيضًا التحكم في تدفق الإلكترونات زمنيًا.

أصبح من الممكن بفضل هذا الأسلوب الجديد القيام بهذا النوع من التحكم الزمني. يشرح فلوريان ليبيش من جامعة فيينا التقنية، قائلًا: «تُوجه نبضتان مختلفتان من الليزر نحو الطرف المعدني».

وباستخدام ليزر ذي ألوان مختاره فإن الفوتونات الناتجة من الليزر الأول تضاعف طاقة الفوتونات لليزر الثاني، ومن المهم كذلك التأكد أن كلا موجتي الضوء تتذبذبان في تزامن تام.

وبمساعدة المحاكاة الحاسوبية تنبأ فريق الباحثين بجامعة فيينا التقنية بأن التأخير القصير الذي يحدث بين نبضتي الليزر يمكن أن يستخدم مفتاحًا لتدفق الإلكترونات. وأكدت تجاربُ الأستاذ بيتر هوميل هوف، الباحث بجامعة فريدريش ألكسندر صحة هذا التنبؤ. وبناءً على هذه التجارب، أصبح ممكنًا الآن فهم هذه العملية بتفصيل أكبر.

امتصاص الفوتونات

عند توجيه نبضات الليزر نحو الطرف المعدني فإن حقله الكهربائي يستخرج الإلكترونات من المعدن، وهذه ظاهرة معروفة. الفكرة الجديدة هي استخدام نبضتين مختلفتين من الليزر للتحكم بانبعاث الإلكترونات على مستوى زمني يقدر بالفيمتو ثانية.

وتوجد طرق مختلفة لإكسابِ الإلكترون الطاقة اللازمة للتحرر من الطرف المعدني؛ إذ يمكن للإلكترون أن يمتص فوتونين من ليزر عالي الطاقة، أو أربعة فوتونات من ليزر منخفض الطاقة، كلا الطريقتين تقودان لنفس النتيجة. يقول يواخيم برجدورفر (Joachim Burgdörfer)، الأستاذ بجامعة فيننا التقنية: «تمامًا كما في تجربة شقي يونغ، إذ تنتقل الجزيئات في مسارين مختلفين في الآن ذاته؛ يمكن للإلكترون أن يشارك في عمليتين مختلفتين في نفس الوقت»؛ ، ويضيف مستطردًا: «ليس على الطبيعة أن تختار إحدى الاحتماليتين، فالاثنتان صحيحتان وتتداخلان فيما بينهما».

من خلال الضبط الدقيق لشعاعي الليزر يمكن معرفة ما إذا كانت العمليتان الكميّتان تُضخمان بعضهما، الأمر الذي يؤدي إما لزيادة تدفق الإلكترونات، أو لإلغاء بعضها بعضًا، مما يعني انعدام أي تدفق الإكترونات بصفة نهائية، وهذه طريقة بسيطة وفعالة للتحكم في انبعاث الإلكترونات.

ليست هذه مجرد طريقة جديدة لإجراء التجارب على الإلكترونات ذات الطاقة العالية وحسب؛ هذه التقنية الجديدة ستسمح بفتح الطريق لمزيد من التحكم في الأشعة السّينية.

يقول ليمل: «يجري بناء مصادر مبتكرة للأشعة السّينية باستخدام مصفوفات من الأطراف النانوية شكلًا من مصادر الإلكترونات». ويضيف: «وبهذه الطريقة الجديدة، يمكن إثارة هذه الأطراف النانوية بالطريقة الصحيحة لإنتاج أشعة سينية متماسكة».


ترجمة: فادي سامح روماني
تدقيق: إسماعيل الحسناوي

المصدر