أظهرت دراسة أجراها باحثو مركز جونز هوبكنز الطبي، أن العلاج بمواد مؤثرة في الحالة النفسية تحتوي على مركب السيلوسيبين يخفف أعراض الاكتئاب الشديد لدى البالغين مدةً تصل إلى شهر، وأفاد الباحثون في دراسة مُتابِعة للمشاركين، أنّ التأثيرات الكبيرة المضادة للاكتئاب للعلاج بالسيلوسيبين، مع العلاج النفسي الداعم، قد تستمر مدة عام على الأقل لبعض المرضى، ونُشر تقرير عن الدراسة الجديدة في 15 فبراير 2022 في مجلة علم الأدوية النفسية.

تقول ناتالي جوكاسيان، أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب جامعة جونز هوبكنز: «تضيف النتائج التي توصلنا إليها دليلًا على أنه في ظل ظروف خاضعة للرقابة الدقيقة، فإن هذا النهج العلاجي واعد، قد يؤدي إلى تحسينات كبيرة ودائمة في الاكتئاب». مع ذلك حذرت من أنّ النتائج جاءت في بيئة بحثية، وتتطلب قدرًا كبيرًا من الإعداد والدعم المنظم من الأطباء والمعالجين النفسيين، ويجب ألا يحاول الناس تجربتها بمفردهم.

تزايدت الأبحاث على مدار عشرين عامًا الماضية حول المواد المؤثرة في الحالة النفسية الكلاسيكية -فئة المركبات الدوائية التي تتضمن السيلوسيبين- وهو مكون موجود في ما يسمى «الفطر السحري». وفقًا للمعهد الوطني للمخدرات، قد ينتج السيلوسيبين تغيرًا في الإدراك الحسي، ويغير وعي الشخص بمحيطه وأفكاره ومشاعره، وقد أظهر العلاج بالسيلوسيبين نتائج واعدة في علاج مجموعة من اضطرابات الصحة العقلية والإدمان.

شارك في الدراسة 27 مشاركًا لديهم تاريخ طويل الأمد من الاكتئاب، عانى معظمهم أعراض الاكتئاب عامين تقريبًا قبل التجربة، وكان متوسط عمر المشاركين 40 عامًا، منهم 19 امرأة، و25 من ذوي البشرة البيضاء، وواحد من أصل إفريقي، وآخر من أصل آسيوي، عُولج 88% منهم سابقًا بأدوية معيارية مضادة للاكتئاب، و58% يستخدمون مضادات الاكتئاب في نوبات اكتئابهم الحالية.

بعد الفحص قُسم المشاركون عشوائيًا إلى مجموعتين، مجموعة تلقت التدخل فورًا، والأُخرى بعد فترة انتظار مدتها 8 أسابيع. زُود جميع المشاركين في فترة العلاج بجلسات تمهيدية مع اثنين من المعالجين، مدتها 6-8 ساعات، وتلقى المشاركون بعد التمهيد جرعتين من سيلوسيبين، بفاصل أسبوعين تقريبًا، بين أغسطس 2017 وأبريل 2019.

تكونت التجربة من جلستين أعقَب كل منهما جلسات متابعة وتقييم، بعد الجلسة الأولى من التجربة بيوم واحد ثم بعد أسبوع، أما الثانية فتضمنت جلسات متابعة في اليوم التالي، وبعد أسبوع، ثم بعد شهر، ثم بعد كل ثلاثة أشهر حتى سنة، وقد أكمل 24 مشاركًا جلسات العلاج وجميع زيارات تقييم المتابعة.

أفاد الباحثون أن العلاج بالسيلوسيبين في كلتا المجموعتين أدى إلى انخفاض كبير في الاكتئاب، وأن شدة الاكتئاب ظلت منخفضةً بعد العلاج مدة سنة، وقيست أعراض الاكتئاب قبل العلاج وبعده باستخدام مقياس تصنيف الاكتئاب (GRID-Hamilton)، وهو أداة معيارية لتقييم الاكتئاب، إذ تشير الدرجة 24 أو أكثر إلى الاكتئاب الشديد، و17-23 إلى الاكتئاب المعتدل، و 8-16 إلى الاكتئاب الخفيف، و7 أو أقل إلى عدم وجود اكتئاب.

انخفضت درجات العلاج الشامل لمعظم المشاركين من الدرجة 22.8 قبل العلاج إلى 8.7 في أسبوع، و 8.9 في أربعة أسابيع، و9.3 في ثلاثة أشهر، و7 في ستة أشهر، و7.7 في سنة بعد العلاج، وكان لدى المشاركين معدلات ثابتة من الاستجابة للعلاج وتخفيف الأعراض طوال فترة المتابعة، مع نسبة 75% من الاستجابة للعلاج، و58% من تخفيف الأعراض في سنة.

يقول رولاند جريفيث، أستاذ علم الأدوية النفسية والعصبية في كلية الطب جامعة جونز هوبكنز: «لا يُنتج السيلوسيبين تأثيرات مهمة وفورية فحسب، بل له مدة تأثير طويلة، لذلك قد يكون علاجًا جديدًا مفيدًا وفريدًا للاكتئاب. مقارنةً بمضادات الاكتئاب المعيارية، التي يجب تناولها فترات طويلة من الزمن، فإن السيلوسيبين لديه القدرة على تخفيف أعراض الاكتئاب دائمًا بالعلاج مرةً واحدةً أو اثنتين».

اقرأ أيضًا:

الفطر السحري وعلاج الاكتئاب

ما نجاعة الكيتامين في علاج الاكتئاب؟

ترجمة: رنا بدر أبو عباس

تدقيق: ميرفت الضاهر

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر