يعتقد العلماء أنهم استطاعو تحديد العناصر الأساسية للبروتينات الأولى التي مكنت وجود الحياة. قد يفتح هذا أبوابًا جديدة لفهم السؤال الكبير، في أي ظروف يمكن أن تنبثق الحياة في العوالم الغير حية؟ وكيف؟

كثر الجدل حول المكان الذي بدأت فيه الحياة، وما إذا كان الحمض النووي أو الحمض النووي الريبي أو الخليط بينهما قد أتى اولًا.

يُقارب الباحثون من جامعة روتجرز المسألة من زاوية مختلفة، وذلك في محاولة منهم لتحديد البروتينات الأولية التي أتينا منها جميعًا. وقد قدموا بعض الإجابات المحتملة التي نُشرت في مجلة ساينس أدفانسز.

يعدّ الباحثون تخزين الطاقة واستهلاكها من سمات الحياة الأساسية، ومهما كان مصدر هذه الطاقة، فإن تخزينها الكيميائي واستخدامها يكون من خلال انتقال الإلكترونات، الأمر الذي يصدق على بدايات الحياة أيضًا. ومن المنطقي أن الحياة في بداياتها استخدمت أكثر الموصلات الإلكترونية المتاحة في الطبيعة بفعالية كبيرة.

اقتصرت هذه الموصلات مع بداية تشكل المحيطات على فئة صغيرة من الفلزات الانتقالية القابلة للانحلال في ظروف تلك الأيام. ومن ثمّ، فقد كان الربط بين المعادن من أهم وظائف البروتينات الأولية، إضافةً إلى العديد من الوظائف البيولوجية اللاحقة التي شاركت فيها النسخ المتطورة عن تلك البروتينات الأولية.

ويظل الارتباط بالمعادن أمرًا ضروريًا للحياة اليوم، لذلك حاول الباحثون الوصول إلى بنية البروتينات الأولية باكتشاف الصفات المشتركة بين البروتينات التي أدت هذا الدور عبر العصور. وقد وجدوا قواسم مشتركة بين جميع البروتينات التي تربط الفلزات الانتقالية تقريبًا، بغض النظر عن وظيفتها أو الكائن الحي الذي صدرت عنه أو المعدن الذي يُعالج.

تقول البروفيسورة يانا برومبيرغ في بيان الدراسة: «لقد وجدنا أن الأجزاء المركزية لهذه البروتينات المسؤولة عن خلق الارتباط بين المعادن متشابهة بالفعل على الرغم من اختلاف البروتينات. وجدنا أيضًا أن هذه الأجزاء المركزية غالبًا ما تتكون من قوالب فرعية تكرارية متراكبة كما في لعبة الليغو. هذه القوالب الفرعية وُجدت أيضًا في مناطق أخرى من البروتينات، وليس فقط في الأجزاء المركزية، بل وفي العديد من البروتينات الأخرى التي لم نتطرق إليها في دراستنا. نعتقد أن وحدات البناء الصغيرة هذه نشأت من مصدر واحد أو عدد قليل من الأسلاف وأعطت فيما بعد هذا الطيف الكبير من البروتينات المتاحة حاليًا لتكوين الحياة كما نعرفها».

هذه الوحدات شبه الكونية هي إنزيمات أكسيدوريدوكتاز (أكسدة واختزال) تنقل الإلكترونات بين الجزيئات، استنتج الباحثون وجودها منذ أكثر من 3.8 مليار سنة.

بعد حدث الأكسدة العظيم، تنوعت البروتينات، وتوفرت بطرق جديدة وأكثر تعقيدًا. يعتقد الباحثون أن هذا جعل من الصعب تحديد التسلسلات الأصلية للبروتينات الأولية، لكنهم يعتبرون أنه من الممكن تتبع تطور مكونات البروتين بناءً على هياكلها. وفي هذه العملية، استطاعوا تحديد عدة ببتيدات -سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية تدخل في بناء البروتينات- من خلال ملاحظة ترتيبها.

تعد برومبيرغ هذه الدراسة خطوة أخرى لمعرفة أصل الحياة. يمكن أن تكون هذه النتائج مفيدةً في البحث عن الحياة خارج الأرض، وكذلك في السعي لخلق كائنات حية جديدة بواسطة البيولوجيا التركيبية.

اقرأ أيضًا:

عندما يهدم قانون « البقاء ل الاصلح » ، الاشجار تثبت وجود قانون اخر ل الحياة !

العثور على اللبنات الأساسية لنشأة الحياة داخل سحب الغبار المكونة للكواكب

ترجمة: أنور عبد العزيز الأديب

تدقيق: أحمد فواز

المصدر