يجب على كل الحيوانات أن تحدد أولوياتها كل يوم. أين سيعيشون وماذا سيأكلون؟ كيف سيحمون أنفسهم؟ وعادةً ما يتخذّون هذه القرارات في جماعات أيضًا وبدون أي انشقاق أو اختلاف بينهم، مما يجعل ما قد يبدو قرارًا بسيطًا إلى عملية دقيقة. إذن كيف تعرف الحيوانات ما هو أفضل لبقائهم؟

لأول مرة، اكتشف باحثون في جامعة ولاية أريزونا (ASU) أنه، على الأقل في النمل، تستطيع الحيوانات تغيير إستراتيجيات إتخاذ القرار بناءًا على الخبرة.

كما يمكنهم استخدام هذه الخبرة لاختيار بين اختيارات مختلفة.

“ما هو مدى إختلافنا عن مستعمرات النمل؟” هكذا تسائل تاكا ساساكي، الباحث المتخصص في تهيئة النظريات السيكولوجيّة والتجارب المصممة للبشر على النمل، آملا في فهم عملية إتخاذ القرار الجماعي التي تنشأ فرديًا بين نمل جاهل.

للحصول على إجابة، خيّر الباحثون مستعمرات النمل بين سلسلة من الاختيارات لعُشش بصفات مختلفة. في أول معالجة، اختلفت مداخل العشش في الأحجام، وفي الأخرى، الإختلاف بين العشش كان في التعرض للضوء. وبما أنّ النمل يُفضّل كلا من المدخل الضيق والضوء الخافت، كان عليهم ترتيب الاهمية.

الأمر يشبه شراء الإنسان لبيت، إذْ يتم الأخذ بالاعتبار عدد الغرف، المساحة، السعر، الجوار وخلافه. لكن من الصعب إيجاد بيت فيه كل شيء تريده.

نفس الكلام مع النمل، فيجب عليه الإختيار والتضحية، وفي هذه التجربة، أظهر النمل مستوى من الذكاء لم يتم ملاحظته قبلا.

طبقًا للبيانات، سلسلة الاختيارات التي تعرّض لها النمل اضطرّته لتغيير أولوياته على حسب نوع القرار الذي يواجهونه.

النمل الذي اُضطر لاختيار عش بناءًا على مستوى الإضاءة، أعطى مستوى الإضاءة أولوية على حجم المدخل كاختيار نهائي، والعكس الصحيح مع النمل الذي اضطر للاختيار على حسب المدخل، أعطى حجم المدخل الأولوية على مستوى الضوء.

هذا يعني أنّ النمل يأخذ الماضي في الاعتبار في وزن الإختيارات حين يصنع قرار، مثل الإنسان.

الفرق هو أنّ النمل يفعل هذا في جماعات. مع ان البحث الجديد مبنيّ على أبحاث ساساكي وزملاؤه الماضية، إلا أن هذا التجارب الجديدة أثارت تساؤلات جديدة.

هناك المئات من هذا النمل، مع ذلك يجب أن يصلوا إلى إجماع، كيف يفعلون هذا بدون وجود أي شخص مسؤول ليقول لهم ما يفعلون؟

يُشبّه أحد الباحثين أفراد النمل بالخلايا العصبية في المخ البشري، فكلاهما يلعب دورًا رئيسيًا في عملية صناعة القرار، ولكن لا أحد يفهم بعد كيف تؤثر كل خلية في القرار.


المصدر