لعل أحدًا ما قد ذكر أمامك مصطلح «أيام الكلب» ليصف الأيام الصيفية التي تتميز بحرارة عالية للغاية. لكن هل تساءلت يومًا ما عن مصدر هذا اللفظ، وما يعنيه؟ قد يفاجئك أن هذا اللفظ ليس جديدًا، بل مأخوذ عن الحضارات القديمة.

يعتبر معظم الناس في نصف الكرة الشمالي أن الصيف يبدأ مع حدوث انقلاب الشمس الصيفي في شهر يونيو، إذ تكون الشمس في تلك الفترة في أعلى نقطة فوق الأفق. يحصل انقلاب الشمس الصيفي في أواخر شهر يونيو، وتُعد تلك الفترة بداية موسم الصيف، إذ قسّم الباحثون السنة إلى عدة مواسم اعتمادًا على البيانات التي توضح الفرق بين درجات الحرارة في مختلف فترات السنة.

بناءً على بيانات الباحثين، يبدأ الصيف في أوائل شهر يونيو، ويستمر حتى أواخر أغسطس، وعلى هذا، فإن أيام الكلب، التي تتميز بحرارتها العالية، تكون بين الثالث من يوليو، و11 أغسطس. بالعودة إلى التسمية، فإنها تعود لنجم الشعرى اليمانية (Sirius)، الذي يُعرف أيضًا باسم ألفا الكلب الأكبر.

ويُعد نجم الشعرى اليمانية من أقرب النجوم إلينا، على بُعد 8.7 سنةً ضوئيةً فقط، وهي مسافة قصيرة مقارنةً بضخامة الكون.

بالعودة إلى الحضارات السابقة، يبدو بأن تلك الحضارات لاحظت هذا النجم في السماء وحتى أن بعضهم عبدوه، إذ وجد عُلماء الآثار معبدًا كاملًا مخصصًا لعبادة هذا النجم.

لاحظ المصريون القدامى هذا النجم، ورصدوا ظهوره مع بداية الصيف، وربطوا هذا الظهور بفيضان نهر النيل، الذي كان يدر خيراته على الزراعة في مصر القديمة، وكان أحد أهم أسباب تطور هذه الحضارة. لذا، بات نجم الشعرى اليمانية بالغ الأهمية لديهم.

لاحظ الإغريق هذا النجم أيضًا، وراقبوا ظهوره ودرسوه. إذ لاحظوا أن فترة ظهوره تناسبت مع فترة الانقلاب الشمسي الصيفي، واستمر قرابة الأربعين يومًا، وقد آمنوا بأن تزامن ظهور هذا النجم مع فترة اشتداد حرارة الشمس كان السبب الأساسي لارتفاع درجات الحرارة.

لكن تسمية «أيام الكلب» ترجع إلى الحضارة الرومانية، بسبب ارتفاع الحرارة الساحق في تلك الفترة. والجدير بالذكر أن الرومانيين أضافوا نجم الشعرى اليمانية إلى كوكبة الكلب الأكبر في القرن الخامس عشر.

التسمية في أصلها الروماني كانت «أيام نجم الكلب» نسبةً إلى ظهور نجم الكلب في تلك الفترة، إلا أن الترجمة إلى اللغة الإنجليزية، حولت اللفظ ليصبح أيام الكلب الصيفية.

مع تطور فهمنا للكون والفلك، نعلم اليوم بأن ازدياد الحرارة لا علاقة له بنجم الشعرى اليمانية، بل يتعلق بالميل المحوري لكوكبنا الأزرق، إذ إن ميل محور الأرض في أثناء فترة الصيف في النصف الشمالي للكرة الأرضية يؤدي إلى تعرض الأرض لأشعة الشمس مباشرةً ولفترة أطول، ما يؤدي إلى ارتفاع الحرارة.

اقرأ أيضًا:

نصف الكرة الشمالي يسجل الصيف الأعلى حرارة

ما الفرق بين الحرارة و درجة الحرارة؟

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: باسل حميدي

المصدر