يعد التشريح الإبطي التقنية النموذجية المستخدمة في تحديد مراحل تطور سرطان الثدي وعلاجه، إذ إن حالة العقد اللمفاوية مؤشر مهم لدى مرضى سرطان الثدي الأولي الممكن علاجهم جراحيًا.

ما التشريح الإبطي؟

هي عملية جراحية لبضع (شق) الإبط لتحديد العقد اللمفاوية أو فحصها أو إزالتها.

يعد فحص الإبط خطوة مهمة في علاج ورم الثدي الخبيث، وأيضًا، يتنبأ فحص الإبط بحدوث الانتكاس أو النجاة، إذ يساعد عدد الأورام في العقد اللمفية على التشخيص.

إذ يمتلك مرضى سرطان الثدي (مبكر الأعراض) احتمالية (30-40)% لحصولهم على نتيجة إيجابية للإصابة في العقد اللمفاوية، واحتمالية (20-25)% للمتقدمين عبر اختبارات التقصي.

في القرن الثامن عشر، اقترح الجراح الألماني لورنز هايستر أن تشريح الإبط هو الخط الغازي الأول في الخطة العلاجية لسرطان الثدي.

حديثًا، خضع تشريح الإبط إلى اختبار B-04 للمشروع الوطني لجراحة الثدي، الذي وصل إلى نتيجة أن التشريح الإبطي لا يؤثر في النجاة. وفي المقابل، قدمت دراسات أخرى دليلًا أساسيًا على أن التشريح الإبطي يوفر تحكمًا موضعيًا ممتازًا بالمرض في الإبط بمعدل انتكاس موضعي يبلغ 2% أو أقل، ما يؤدي إلى تحسن معدل النجاة إجماليًا.

متى يُجرى التشريح الإبطي؟

يُجرى التشريح الإبطي لمرضى ما قبل العملية مؤكَدي الإصابة في الإبط، أو لمن لديهم خزعة عقدة خافرة إيجابية.

يكون التشريح الإبطي علاجيًا لدى المرضى إيجابيي العقد، لذلك فإن إجراء التشريح الإبطي عند كل المرضى سيؤدي إلى علاج لا حاجة إليه لدى ما لا يقل عن 60% من المرضى سلبيي العقد.

أدى استحداث خزعة العقدة الخافرة إلى تغيير مقاربة الإبط، إذ إنه يمكننا تحديد حالة الإبط بانتشار أقل للمرض مقارنة بتشريح كامل المنطقة الإبطية.

هنالك بعض التراجع في اختيار إزالة العقد الإبطية لدى المرضى إيجابيي العقدة، ففي تجربة عُرضت في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام السريرية قورِن فيها استخدام العلاج الإشعاعي للإبط مع إزالة العقد الإبطية، ولم يُعثر على اختلاف واضح في الصحة والشفاء الإجمالي، وعلاوةً على ذلك، وُجدت معدلات تضاؤل للوذمة اللمفية في مجموعة الأشعة.

وأبلغت نتائج التجربة (Z0011) من الكلية الأميركية لمجموعة جراحي الأورام عن أن المرضى إيجابيي العقد الخافرة -الذين لم يكن لديهم أي دليل سريري أو إشعاعي عن نقائل ورمية إبطية، وخضعوا لجراحة الحفاظ على الثدي، وتلقوا العلاج الإشعاعي لكامل الثدي- لم يحققوا أي فائدة إضافية متعلقة بالأورام عند إجراء إزالة العقد الإبطية لديهم.

هنالك ازدياد في استخدام المعالجة الكيميائية الداعمة القبلية لسرطان الثدي، والتوقيت المثالي لاختراع العقدة الخافرة قد يكون جدليًا، عمومًا يوصى بالتشريح الإبطي لكل المرضى الذين أكملوا العلاج الداعم القبلي لتخفيض تطور الورم الثديي، ويستثنى من ذلك من تكون خزعة العقدة الخافرة سلبية لديه ومن هو ملتزم أوليًا بالعلاج الداعم القبلي.

يرى بعضهم أن اختزاع العقدة الخافرة قبل العلاج الكيميائي هو الأدق لتشخيص الإبط، بينما يجادل بعضهم الآخر في أن إجراء الخزعة بعد العلاج الكيميائي قد يقلل من انتشار عمليات إزالة العقد الإبطية لدى المرضى الذين انتكسوا مرضيًا.

ما تزال الشبكة الوطنية الشاملة للسرطان وتوجيهات الجمعية الأميركية لعلوم الأورام السريرية توصي بإزالة العقد الإبطية عند مرضى السرطان النقيلي الصغير في العقد الخافرة، لكن فائدة هذا الإجراء روتينيًا كانت محط تساؤل لدراسات سابقة أظهرت عدم وجود اختلاف في الانتكاس والشفاء للمرضى، الذين أجروا خزعة فقط، مقارنةً بالاستئصال الكامل للعقد الإبطية.

موانع عملية التشريح الإبطي:

ما من موانع للعملية مطلقًا، مثل أي إجراء جراحي اختياري، يجب أن يكون المرضى ملائمين لإجراء التخدير العام.

تعد مسألة إجراء التشريح الإبطي بوجود نقائل بعيدة مسألة جدلية، ولكن قد يكون لهذا الإجراء دور في التحكم بانتشار النقائل موضعيًا إن لزم الأمر.

ما أفضل الاختبارات لإجراء التشريح الإبطي؟

عمومًا، لا يحتاج مرضى العقد الإبطية المتقدمة التي تكون ملموسة واضحة والمقبلين على الجراحة إلى دليل خلوي للتدخل العُقَدي.

يمكن الكشف عن الإصابة بعقدة إبطية إيجابية لدى نسبة كبيرة من الحالات باستخدام الأمواج فوق الصوتية، إضافةً إلى الخزعة اللبية أو سحب العينات بالإبرة، ما يسمح للنساء إيجابيات الإصابة في الإبط تخطي خزعة العقدة الخافرة، وإجراء التشريح الإبطي مباشرةً.

ينبغي لمرضى ما قبل العملية الذين لا يملكون أي دليل على وجود إصابة إبطية إجراء خزعة عقدة خافرة، وفي حال كانت العقدة الخافرة إيجابية يُجرى التشريح الإبطي.

يمكن إجراء كلتا الجراحتين في العملية نفسها إذا حُللت العقدة داخل العملية باستخدام المقطع المُجَمَّد أو البصمة الخلوية أو الفحوصات الجزيئية.

ما تشريح منطقة الإبط المتعلق بالتشريح الإبطي؟

مساحة مربعة تقع بين ما يلي:

  •  عُلويًا، الحد السفلي للوريد الإبطي.
  •  المنتصف، جدار الصدر.
  •  على الأطراف، جلد الإبط.
  •  أماميًا، العضلة الصدرية الصغيرة والصدرية الكبيرة.
  •  خلفيًا، العضلة العريضة الظهرية والمدورة الكبيرة وتحت الكتفية.

تزيل الجراحة جميع العقد والدهون من هذه المساحة، ورغم أن العقد في سلسلة متصلة، فإن الإزالة تقسم تشريحيًا إلى ثلاثة مراحل وفقًا لعلاقة النسيج بالعضلة الصدرية الصغيرة.

التحضير للجراحة:

يجب تعريف المريض قبل الجراحة بمجموعة كاملة من تمارين الكتف التي ينبغي له إجراؤها قبل العملية، ويُنصح بأداء التمارين نفسها بعد العملية لضمان الحركة التامة.

عمومًا، يُنصح المرضى بتجنب أي حمل ثقيل بوساطة الذراع من جهة السرطان، وذلك سوف يخفض فعليًا خطر الإصابة بالوذمة اللمفية وأيضًا يحمي المريض من أي أذى أو مضاعفات كالإنتان.

ما الأدوات المطلوبة لإجراء التشريح الإبطي؟

  •  أدوات التخدير الجراحية الاعتيادية.
  •  المجموعة الجراحية العامة الاعتيادية، متضمنةُ مَباعِد ذاتية التثبيت.
  •  الصرف بالشفط.

كيف يُطبق التخدير في الجراحة؟

على الرغم من إمكانية اختزاع العقدة الخافرة تحت التخدير الموضعي، فإن التشريح الإبطي يجرى تحت التخدير العام غالبًا، إذ يُحقن مخدر طبيعي إضافي حول منطقة البضع الإبطي ويمكن غرسه مباشرة في البنى الإبطية المتبقية.

وضعية المريض في الجراحة:

حدد الموقع الجراحي المناسب وأكده قبل العملية.

يوضَع المريض متمددًا والأذرع متباعدة موضوعة على المسند الذراعي بزاوية قائمة نسبةً إلى جدار الصدر.

إن لزم، احلق موقع الجراحة بالآلة الكهربائية وجهزه وغطه بالطريقة الجراحية الاعتيادية لتسهيل حركة الذراع من أجل التشريح الإبطي.

تُرفَع النهاية الرأسية 30درجة، ويمكن ثني الذراع لتسهيل استئصال العقد الإبطية في المرحلة الثالثة.

المضاعفات المحتملة للجراحة:

قد يشعر المريض بانزعاج وألم في منطقة الجرح، لكن يمكن السيطرة على ذلك بتناول مسكنات خفيفة.

يوجد خطر طفيف لإنتان الجرح بعد جراحة الثدي، ما قد يخرب الجرح.

قد يتطور ورم دموي خلال 24 ساعة بعد العملية، لكن ذلك نادر جدًا.

قد يلاحظ المرضى تورم الجرح وكدمات مكان الثدي أو الإبط.

تمتد معدلات التورم المصلي المراقَبة من 2.5% إلى 51% بعد الجراحة، وقد نضطر للتفريغ بالإبرة مرة أو عدة مرات.

يعد تيبس الكتف عرضًا جانبيًا مؤقتًا محدود الحركة ذاتيًا، ولكن تلقي العلاج الفيزيائي سيخفف من المشكلة.

اعتبارات جراحية للعملية:

يجب العناية لضمان مرئية العصب الصدري الطويل وسلامته إذ تبدأ الإزالة من قمة الإبط، وتُبعَد غالبًا عن جدار الصدر.

تفيد المقاربة في المسافة (بين الصدرية) في حالات التدخل العقدي الشديدة، إذ تُبعَد العضلة الصدرية الصغيرة إلى الطرف والصدرية الكبيرة إلى الوسط عند حدوث الاستئصال خلال هذه المسافة للوصول إلى المرحلة الثالثة، ويُجرى إنفاذ حراري للأوعية الصغيرة بعناية.

اقرأ أيضًا:

العلاقة بين السرطان والعقد اللمفاوية

ماهي الاستقصاءات الشعاعية التي تستخدم لكشف سرطان الثدي؟

إعداد: محمد مصطفى يزبك

تدقيق: تسنيم الطيبي

مراجعة: حسين جرود

المصدر