ما هي مسكنات الألم ؟

(مسكنات الألم – Analgesic) هي تلك الأدوية أو العقاقير التي تقوم بتخفيف الألم بشكل محدد وانتقائي، دون عرقلة توصيل النبضات العصبية أو التأثير على الوعي أو التأثير على الإدراك الحسي. هذه الانتقائية هي ما يميز بين (المسكن – Analgesic) و (المخدر أو البنج – Anesthetic).

تصنف المسكنات إلى نوعين:

– (العقاقير المضادة للالتهابات – anti-inflammatory)، وهي التي تخفف الألم عن طريق الحد من استجابات الالتهابات الموضعية، وتستخدم لتخفيف الألم على المدى القصير والألم المتواضع أو المحمول، مثل: الصداع، إجهاد العضلات، التهاب المفاصل، والكدمات.

– (العقاقير الأفيونية – opioids)، وهي تؤثر على الدماغ، ويطلق عليها اسم (المخدرات – narcotic drugs)، لأنها تسبب النعاس وتحفز على النوم، وتستخدم لتخفيف الألم الشديد على المدى القصير والطويل.

المسكنات المضادة للالتهابات:Anti-Inflammatory Analgesics

بانادول

بانادول

معظم هذه المسكنات تُستَمد من ثلاثة مركبات اكتُشفت في القرن التاسع عشر، وهي:

(حمض الساليسيليك أو حمض الصفصاف – salicylic acid)، (البيرازولون أو البيرازولات -pyrazolone) وهي مركبات عضوية بنيتها عبارة عن حلقة عطرية بسيطة غير متجانسة -وهي عبارة عن حلقة خماسية غير مشبعة تتألف من ثلاث ذرات كربون وذرتي نيتروجين متجاورتين- ولها تطبيقات مهمة في الطب والصيدلة نظرًا لخواصها المسكنة المضادة للالتهاب الخافضة للحرارة.

و(الفيناسيتين أو الأسيتو فينيتيدين -phenacetin or acetophenetidin)، وهو مركب مشتق من الأمبيدوفينول، ويوجد على هيئة بلورات عديمة اللون شحيحة الذوبان في الماء، ويستعمل لخفض الحرارة وإزالة الصداع وآلام الأعصاب والرثية. على الرغم من أن هذه العقاقير ليست ذات مصدر كيميائي، فهي تمتلك القدرة على تخفيف الألم الخفيف إلى المتوسط من خلال الإجراءات التي تقلل الالتهاب عند منشأه.

(حمض أسيتيل الساليسيليك – Acetylsalicylic acid) أو (الأسبرين – aspirin) المشتق من حمض الساليسيليك هو أكثر المسكنات المعتدلة استعمالًا، ويعتبر النموذج الأولي للعلاجات المضادة للالتهاب.

أما النوعان الرئيسيان الآخران اللذان يشتملان على (الأسيتامينوفين – acetaminophen) مشتق من الفيناسيتين، والأدوية الشبيهة بالأسبرين، أو العقاقير المضادة للالتهاب غير الستيرويدية NSAIDs، والتي تتضمن مركبات مثل الأيبوبروفين والنابروكسين والفينوبروفين والباراسيتامول.

لم تعد مشتقات (البيرازولون – Pyrazolone) تُستخدم على نطاق واسع في العديد من الدول والمناطق بسبب ميلها إلى التسبب في عدوى حادة تعرف باسم (ندرة المحببات agranulocytosis) -وهي حالة حادة تنطوي على نقص الكريات البيضاء الشديد والخطيرة- مع الحفاظ طبعًا على بعض الاستثناءات.

يبدو أن الأسبرين يشترك مع مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية في آلية جزيئية مشابهة، أي تثبيط تركيب (البروستاجلاندين – prostaglandins) -المنتجات الطبيعية لخلايا الدم البيضاء الملتهبة- والتي تحفز الاستجابات في الأنسجة المحلية التي تشمل الألم والالتهاب.

في الواقع، فإن الأسبرين وجميع المسكنات الشبيهة بالأسبرين، بما في ذلك (الإندوميتاسين – indomethacin) و(السولينداك – sulindac) المستمدة من مركب عضوي غير متجانس يعرف باسم (الإندول – indole)، تمنع تكوين البروستاجلاندين وإطلاقه.

يمكن تقسيم جميع هذه المواد إلى مثبطات كوكس COX inhibitors الانتقائية ومثبطات كوكس غير الانتقائية. (كوكس أو إنزيمات الأكسدة الحلقية – cyclooxygenase) هو إنزيم مسؤول عن تركيب البروستاجلاندين والمركبات ذات الصلة، وله شكلان: كوكس-١ الموجود في الأنسجة الطبيعية، وكوكس-٢ الذي يوجد عند حدوث الالتهاب.

نظرًا لأن كوكس-٢ لا يتفاعل عادة في المعدة، فإن استخدام مثبطات كوكس-٢: (روفيكوكسيب – rofecoxib) و(سيليسوكسيب – celecoxib) يبدو أنه يؤدي إلى تقرح أقل في المعدة مقارنةً بما يحدث مع مسكنات أخرى مضادة للالتهاب، وخاصةً الأسبرين. ومع ذلك، فإن مثبطات كوكس-٢ COX-2 لا تقلل من احتمالية حدوث الجلطات، وهي فائدة مرتبطة بالأسبرين وغيره من مثبطات كوكس غير الانتقائية.

يأتي تفضيل استخدام كوكس COX في انتقائيته وإمكانية اتخاذ إجراءات جزيئية إضافية من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، ذلك يفسر الاختلافات في التأثيرات العلاجية بين الأسبرين والأسيتامينوفين أو الباراسيتامول ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية. على سبيل المثال، في حين أن الأسبرين فعال في الحد من الحمى وقدرته على تخفيف الالتهاب، الأسيتامينوفين ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية هي مسكنات أقوى كخافض للحمى والحرارة ومسكن للألم.

من ناحية أخرى، يمتلك عقار (الأسيتامينوفين – Acetaminophen) نشاطًا مضادًا للالتهاب أقل مقارنةً بالأسبرين ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، وبالتالي فهو غير فعال نسبيًا في علاج الحالات الالتهابية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي. على الرغم من هذا، فإن عقار الأسيتامينوفين هو مسكن معتدل وخافض للحرارة، وهو بديل مناسب للأسبرين للمرضى الذين يعانون أعراضًا شديدة من تهيج المعدة، لأنه لا يضر بالجهاز الهضمي.

كما هو متوقع من آليات العمل المتشابهة، فإن العديد من الأدوية المسكنة المضادة للالتهابات تتشابه في الآثار الجانبية، ويُعتقد أن ردود الفعل التحسسية للأدوية الشبيهة بالأسبرين تعود إلى تراكم البروستاجلاندين بعد أن تُحظر المسارات التي تسمح للبروستاجلاندين بالتكون. يمكن أن تكون هذه الاستجابات قاتلةً عندما توصف كمركبات قوية مضادة للالتهاب.

قد يؤدي تثبيط تركيب البروستاجلاندين إلى آثار جانبية خطيرة أخرى، مثل القرحة الهضمية وانخفاض قدرة الصفائح الدموية في الدم على التجميع وتشكيل الجلطات. لكن التأثير الأخير أعطى الأسبرين استخدامًا إضافيًا كدواء وقائي مضاد للتخثر لتقليله فرص الإصابة بتخثر الأوعية الدموية القلبية أو الدماغية أو تشكيل جلطة في الأوعية الدموية في القلب أو المخ.

بعض المسكنات الشبيهة بالأسبرين لها أيضًا تأثيرات سمية محددة، مثل تلف الكبد والذي يحدث أحيانًا بعد إعطاء عقار الاسيتامينوفين، وتظهر السمية الكلوية أحيانًا عند استخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.

الأسبرين نفسه في حالة تناول جرعة زائدة يمكن أن يسبب الصمم والطنين في الأذن والإسهال والغثيان والصداع، وكل ذلك يختفي عندما يتم تخفيض الجرعة أو توقيفها. ويعتقد أيضًا أن الأسبرين هو عامل مسبب لمتلازمة راي، وهو مرض تنكسي نادر وخطير في الدماغ والأنسجة الدهنية للكبد المصاحب لبعض أنواع العدوى الفيروسية لدى الأطفال والشباب دون الـ٢٠ عامًا.

المسكنات الأفيونية Opioid Analgesics:

صورة تظهر المادة الخام للمورفين وهو مادة مخدرة عالية الفعالية

صورة تظهر المادة الخام للمورفين وهو مادة مخدرة عالية الفعالية

لقد بني مصطلح الأفيون كتصنيف عام لجميع هذه المواد التي تتشارك في المصادر الكيميائية والمواقع وآليات العمل مع منبهات الأفيون ذاتية المنشأ، والمواد ذاتية المنشأ هي تلك المُنتجة داخل جسم الإنسان. تشتمل المواد الأفيونية على جميع المركبات الكيميائية الطبيعية والصناعية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا (بالمورفين – morphine) سواء كانت تعمل كمنبهات ومنشطات خلوية أو مضادات المواد التي تعيق عمل المنبهات.

على الرغم من أن الاهتمام بهذه الأدوية كان مرتفعًا دائمًا بسبب قدرتها على تخفيف الألم، وبسبب مشاكل سوء الاستخدام والإدمان، فقد ازداد الاهتمام في السبعينيات والثمانينيات من خلال اكتشافات حول المواد الطبيعية الشبيهة بالمورفينيكليين morphinelike وهي الببتيدات العصبية الأفيونية ذاتية المنشأ.

الأفيون هو مسحوق مجفف من عصير أو سوائل (الخشخاش المنوم – Papaver somniferum). عندما يؤخذ الأفيون عن طريق الفم فإنه يساعد على النوم ويحفز حالةً من السعادة والاسترخاء. ويعود استخدامه بحسب ما نعرف إلى الحضارة البابلية على الأقل. في أوائل القرن التاسع عشر، وُجد أن مستخلص الأفيون يحتوي على أكثر من ٢٠ قاعدةً عضويةً معقدةً تسمى (قلويدات – alkaloids)، والتي تعد المورفين والكودايين والبابافيرين أهمها، استُخدمت هذه القلويدات النقية كبديل عن مستخلصات الأفيون الخام في العلاجات.

طُور العديد من العقاقير المورفينية المخدرة morphinelike الجديدة في عام ١٩٥٠. على الرغم من الزيادة في عدد المركبات المتاحة لتخفيف الألم؛ لم يعرف سوى القليل عن مواقعها وآليات عملها. أول سبق حقيقي كان في اكتشافات علماء الأعصاب جون دبليو هيوز وهانز دبليو كوسترليتز من جامعة أبردين في أسكتلندا.

يُحدَث مسكن قوي بشكل طبيعي يسمى (بينتابيتيد – pentapeptides) وهي ببتيدات تحتوي على خمسة أحماض أمينية مرتبطة موجودة في مستخلصات دماغ الخنازير.

أطلقوا على هذه المركبات (انكيفالين – enkephalins)، وهو خماسي الببتيد الذي يشارك في تنظيم حس الألم في الجسم من خلال تأثيره في رفع مستوى عتبة الألم وتسكينه، ويُنتَج في الدماغ.

ومنذ ذلك الحين عثر على ستة مركبات أخرى على الأقل، لقد عُزلِت الببتيدات الأكبر المسماة (الإندورفين – Endorphins)، والتي تحتوي على تسلسلات من الأحماض الأمينية يمكن فصلها على أنها انكيفالين.

هناك ثلاثة أنواع على الأقل من المستقبلات على الخلايا العصبية في الدماغ التي تنشط من قبل الانكيفالين، يُعتقد أن المورفين ومشابهاته تمارس تأثيرها بتفعيل واحد أو أكثر من هذه المستقبلات.

الأدوية الأفيونية مفيدة في علاج الألم العام بعد العمليات الجراحية والألم الشديد وظروف محددة أخرى، ويُعتَمد استخدام المواد الأفيونية لتخفيف الألم المرتبط بحصى الكلى أو الحصى الصفراوية على قدرتها على التأثير على مستقبلات الأفيون في هذه الأنسجة ومنع التقلصات والانقباضات.

تكون المواد الأفيونية بواسطة آلية مماثلة قادرةً أيضًا على تخفيف التقلص في البطن وفقدان السوائل بسبب الإسهال. يبدو أن المستقبلات المركزية مسؤولة عن قدرة المورفين ونظير المورفين على تثبيط السعال وهو التأثير الذي يتطلب جرعات أقل من تلك المطلوبة لتسكين الألم.

كما تستخدم جرعات منخفضة من المواد الأفيونية للتخفيف من الضيق في الجهاز التنفسي التي تصاحب القصور القلبي الحاد الذي يترافق مع تراكم السوائل في الرئتين.

يستخدم العديد من مشتقات المورفين الطبيعية أو الاصطناعية عادةً في العلاجات الدوائية. (الكوديين – Codeine) هو عقار قلوي أفيوني طبيعي ويمكن تصنيعه، ومسكن فموي مفيد خصوصًا عند استخدامه بالاشتراك مع الأسبرين.

كان (الميبريدين – Meperidine) عبارةً عن نظير اصطناعي مبكر للمورفين سُوِق تحت الاسم التجاري (ديميرول – Demerol)، والذي كان يُعتقد في الأصل أنه قادر على توفير تسكين كبير قصير الأمد ولا يسبب الإدمان بسبب مدة عمله القصيرة. ومع ذلك، أثبت هذا الاعتقاد أنه غير صحيح.

(الميثادون – Methadone) مسكن أفيوني اصطناعي له تأثيرات مسكنة طويلة الأمد -من ست إلى ثماني ساعات- عندما يؤخذ عن طريق الفم ويستخدم لتخفيف آثار الانقطاع عن إدمان الهيروين. من بين الأدوية المضادة للعقاقير الأفيونية يُستخدم (النالوكسون – naloxone) ونسخته النشيطة ذات الأمد الأطول ويُؤخذ عن طريق الفم.

يستخدم (النالتريكسون – naltrexone) في المقام الأول لعكس الجرعات الزائدة من المورفين ولعكس السبات الكيميائي لمجموعة متنوعة من الأسباب، بما في ذلك تسمم الكحول والتخدير. توفر هذه الأدوية في الجرعات الزائدة من المواد الأفيونية الانتعاش في غضون دقائق من الحقن. ومع ذلك، يمكن أن تعجل أيضًا بردود فعل انسحابية شديدة لدى شخص مدمن على المواد الأفيونية.

تتناقص فعالية جرعة معينة من دواء الأفيون مع تعاطيها المتكرر في وجود ألم شديد، ويسمى هذا الفقد في الفعالية التسامح أو الاحتمال. تشير الأدلة إلى أن التسامح لا يرجع إلى تغيرات في استجابة الدماغ للمخدرات أو العقاقير الأفيونية.

الحيوانات التي تظهر الاحتمال للمورفين بعد الحقن المتكررة في بيئة مألوفة تظهر القليل من التسامح أو عدم تحمله عند إعطاء نفس الجرعات واختبارها لحساسية الألم في البيئات الجديدة. وهكذا، يكاد يكون من المؤكد تقريبًا بأن الآليات الخلوية والجزيئية ليست الكامنة وراء هذا الفقد في الاستجابة.

الإدمان والتعود الجسدي عند شخص يستخدم الحقن الوريدية يتابع عن كثب ديناميكيات تحمل الدواء. يُطلب جرعات متزايدة لإنتاج التأثيرات النفسية في حين يحمل التسامح الدماغ ضد إجراءات الاكتئاب التنفسي للدواء. يمكن أن تترسب ردود الفعل السلبية المكثفة في الفرد عند درجة التسامح الدوائي عن طريق إعطاء مضاد أفيوني، وبالتالي الكشف عن التوازن الداخلي الديناميكي الذي ظهر في السابق لتحييد استجابة الدماغ للأفيونيات.

يمكن النظر إلى علامات الاستجابة الانسحابية. على سبيل المثال: القلق والهزات وارتفاع ضغط الدم وتشنجات البطن وارتفاع ضغط الدم كعلامات على وجود جهاز عصبي متعاطف نشط وإلى حد ما استجابة متطرفة، لكن غير محددة.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: عمر النبواني.

تدقيق: علي فرغلي.

المصدر