يستخدم الاقتصاديون والإحصائيون عدة مقاييس لتتبّع النمو الاقتصادي، يعدّ الناتج المحلي الإجمالي (GDP) أشهر المقاييس وأكثرها استخدامًا. مع مرور الزمن، أضاء بعض الاقتصاديين على محدوديته بمثابة مقياس والتحيز في حساباته.

تقدم عدة مؤسسات مثل مكتب إحصائيات العمل في الولايات المتحدة (BLS) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) معاييرًا للإنتاجية بهدف قياس الطاقة الاقتصادية. يقترح البعض قياس النمو الاقتصادي بدراسة مدى تحسن مستوى المعيشة، الأمر الذي يصعُب قياسه بدقة بطريقة كمية.

الناتج المحلي الإجمالي – GDP

يعد الناتج المحلي الإجمالي امتدادًا منطقيًا لقياس النمو الاقتصادي وفقًا لمجمل الإنفاق النقدي. إذا أراد إحصائي دراسة مخرجات إنتاج صناعة الحديد مثلًا، فعليه فقط تتبع القيمة النقدية للحديد الذي دخل السوق في فترة محددة.

بعد جمع مخرجات جميع الصناعات وقياسها بكمية النقود المنفقة عليها أو المستثمرة فيها، يُمكن الحصول على إجمالي الإنتاج. كانت هذه النظرية الأساسية، لكن مع الأسف فإنّ تساوي الإنفاق مع الإنتاج المباع لا يقيس الإنتاجية النسبية بدقة.

لا تنمو الطاقة الإنتاجية لاقتصاد ما بسبب تحرك المزيد من النقود فيه، بل بسبب استخدام الموارد بطريقة أكثر فاعليةً وكفاءةً. أي أن النمو الاقتصادي يجب أن يقيس -بطريقة أو بأخرى- العلاقة بين مجمل المدخلات من الموارد ومجمل المخرجات في الإنتاج.

وصفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الناتج المحلي الإجمالي بكونه يحوي مشكلات إحصائية واقترحت استخدامه لقياس الإنفاق الكلي الذي يُقارب نظريًّا دور العمل والمخرجات، واستخدام الإنتاجية متعددة العوامل (MFP) لقياس دور الابتكار التكنولوجي والمؤسسي.

الناتج القومي الإجمالي – GNP

قد يذكر أشخاص من جيل أكبر دراستهم الناتج القومي الإجمالي (GNP) بوصفه مؤشرًا اقتصاديًا يعبر عن النمو الاقتصادي. يستخدم الاقتصاديون الناتج القومي الإجمالي لمعرفة إجمالي دخل الأفراد المقيمين في دولة ما خلال فترة محددة وكيفية صرفهم لدخلهم. بخلاف الناتج المحلي الإجمالي، لا يحتسب الناتج القومي الإجمالي الدخل الذي حصل عليه غير المقيمين على أراضي الدولة المعنية، لكنه يشبه الناتج المحلي الإجمالي في كونه مقياسًا للإنتاجية فقط، ولا يُستخدم لقياس الرفاهية أو السعادة في الدولة.

استخدم مكتب التحليل الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية (BEA) الناتج القومي الإجمالي بصفته المؤشر الاقتصادي الأهم لقياس تعافي اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى النمو الاقتصادي حتى عام 1991. في عام 1991 بدأ باستخدام الناتج المحلي الإجمالي الذي كانت تستخدمه معظم الدول الأخرى. أحد أهم أسباب هذا التغيير هو أن الناتج المحلي الإجمالي أسهل للمقارنة بين اقتصاد الولايات المتحدة وبقية الدول. على الرغم من أن مكتب التحليل الاقتصادي لم يعد يستخدم الناتج القومي الإجمالي لقياس أداء الاقتصاد الأمريكي، فإنه ما زال ينشر بياناته لفائدتها في تحليل دخل المقيمين في الولايات المتحدة.

الفرق بسيط بين الناتج المحلي الإجمالي والناتج القومي الإجمالي في الولايات المتحدة، لكن يمكن أن يختلف المؤشران بنحو ملحوظ في بعض الاقتصادات. مثلًا، سيملك البلد الذي يحتوي نسبةً كبيرةً من المعامل التي يملكها الأجانب قيمة الناتج المحلي الإجمالي أكبر من الناتج القومي الإجمالي. يُحتسب دخل هذه المعامل في الناتج المحلي الإجمالي بما أن الإنتاج كان ضمن أراضي الدولة. لكنه لن يُحتسب في الناتج القومي الإجمالي بما أن عوائده لغير المقيمين. تعد المقارنة بين هذين المؤشرين مفيدةً في مقارنة الدخل المتولد داخل الدولة والدخل المتدفق إلى المقيمين فيها.

الإنتاج مقارنةً بالإنفاق

تُعتبر العلاقة بين الإنتاج والإنفاق في الاقتصاد نقاشًا جوهريًا مثل نقاش أسبقية البيضة أم الدجاجة. يرى معظم الاقتصاديون أن إجمالي الإنفاق المعدَّل -بعد إدخال التضخم- هو ناتج فرعي للمردود الإنتاجي، لكنهم يختلفون فيما إذا كانت زيادة الإنفاق مؤشرًا يعبر عن النمو الاقتصادي.

للتبسيط، إليكم المثال التالي: عام 2017، كان العامل الأمريكي المتوسط يعمل 44 ساعةً أسبوعيًا ويُعدّ منتِجًا. لنفترض عدم تغير عدد العمال أو متوسط الإنتاجية حتى عام 2019. في عام 2019، أصدر الكونغرس قانونًا يُلزم جميع العمال بالعمل 50 ساعة أسبوعيًا. لا شك أن الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019 سيكون أكبر منه في عامي 2017 و2018، لكن هل يؤكد زيادةً حقيقيةً في النمو الاقتصادي؟

لا شك أن البعض سيجيبون بنعم على السؤال السابق، فالإنتاج الإجمالي هو الأهم بالنسبة لمن يركز على الإنفاق. لكن لمن تهمهم كفاءة الإنتاج ومستوى المعيشة، لا توجد إجابةٌ واضحةٌ لهذا السؤال.

في إطار آخر، سيؤدي قانون زيادة عدد ساعات العمل إلى تخلي العامل عن 6 ساعات رفاهية أسبوعيًا. إذا دُرس الموضوع وفق نموذج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، سنلاحظ ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وعدم تغير الإنتاجية متعددة العوامل. لكن إذا لم تتناسب الرفاهية المفقودة مع الأجر الإضافي لست ساعات عمل، فقد ينخفض مستوى المعيشة مع أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع.

يعد انخفاض معدل البطالة وارتفاع النمو الاقتصادي في الحروب أمرًا جدليًا

فلنفترض اندلاع حرب عالمية ثالثة، ستُخصص معظم موارد الدولة لمستلزمات الحرب، مثل إنتاج الدبابات والسفن والذخيرة والنقل وسيُجند العاطلون عن العمل للخدمة العسكرية. مع الارتفاع الهائل في الطلب على الموارد العسكرية والتمويل الحكومي، سيظهر التحسن في المقاييس الاقتصادية المعتادة، وسيزداد الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، وسيتقلص معدل البطالة.

لكن هل سيكون المجتمع بحالة أفضل؟ الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلةً. قد تُدمَّر بضائع مُنتَجة كثيرة ويرتفع معدل الوفيات. من جهة أخرى، يرى الكثيرون أن الإنفاق العسكري الأمريكي في الحرب العالمية الثانية كان مفيدًا، مع أنه أدى إلى تدمير الإنتاج وخسائر كثيرة. بعد انتهاء الحرب، خرجت الولايات المتحدة منتصرةً وإحدى أقوى دول العالم بعد هزيمة ألمانيا واليابان.

ما أكثر مقاييس النمو الاقتصادي استخدامًا؟

توجد طرق مختلفة لقياس النمو الاقتصادي، أشهرها وأكثرها استخدامًا هو الناتج المحلي الإجمالي.

ما مقياس النمو الاقتصادي الأفضل، الناتج المحلي الإجمالي أو الناتج القومي الإجمالي؟

الناتج المحلي الإجمالي أفضل للقياس الاقتصادي من الناتج القومي الإجمالي ويُستخدم غالبًا لمعرفة إجمالي دخل المقيمين في دولة معينة خلال فترة زمنية محددة.

ما أهم ثلاث مؤشرات تعبر عن النمو الاقتصادي؟

بالإضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي، يوجد مقاييس مهمة مثل مؤشر أسعار المستهلك (CPI) الذي يقيس التضخم وقوى التسعير. وتقرير البطالة الشهري الذي يتضمن الأجور الأسبوعية لغير المزارعين.

اقرأ أيضًا:

كل ما تود معرفته عن الاقتصاد التطوري

ما هي ثقافة الشركة؟

كل ما تود معرفته عن الاستهلاك التفاخري

ترجمة: كميت خطيب

تدقيق: سماح عبد اللطيف

مراجعة: آية فحماوي

المصدر