نعتقد أننا وجدنا أقدم صخرة أرضية ، لقد كانت على القمر طوال هذه المدة! يعتقد العلماء أنهم وجدوا أقدم الصخور الأرضية في أكثر الأماكن المُستبعدة للبحث فيها؛ القمر، في بعض العينات الصخرية التي أُحضرت إلى الأرض من قبل رواد فضاء رحلة (أبولو-14) عام 1971. لا نقصد بالطبع أن الصخور القمرية بذاتها جزء من الأرض، فهناك فرضية تعتبر القمر جزءًا من الأرض، ولكنها غير مؤكدة مثل باقي الفرضيات الخاصة بأصل ونشأة القمر.

 

القمر الارض الصخور الأرضية القمرية

القمر

يعتقد مجموعة من العلماء يشكلون فريقًا دوليًا أن الصخرة المقصودة أصلها من كوكب الأرض، عبارة عن كتلة صخرية مقدارها 2 غرام تتكون من الكوارتز، والفيلدسبار، والزركون، ومطمورة داخل كتلة صخرية قمرية كبيرة تُعرف باسم (بيج بيرثا –Big Bertha )، ويندر وجود هذه المكونات الصخرية على القمر. وعلى النقيض، تنتشر هذه المكونات الصخرية بكثرة على سطح الأرض.

قد استدل العلماء أيضًا عن طريق التحليل الكيميائي لهذه العينة أن هذا التركيب الصخري قد تكوَّن في ظروف غنية بالأكسجين مثل الظروف الموجودة داخل الغلاف الجوي للأرض، وتحت درجات حرارة مماثلة لحرارة سطح الأرض والتي تختلف تمامًا عن الظروف الحرارية لسطح القمر، إذ لا توجد أي دلالات لمثل هذه الظروف في باقي العينات القمرية المُحضَرة إلى الأرض.

ولكن كيف وصلت هذه الصخرة إلى سطح القمر؟

وفقًا للعلماء، انطلقت هذه الصخرة من الأرض منذ حوالي 4 مليار سنة عندما اصطدم أحد الكويكبات بالأرض اصطدامًا عنيفًا عندما كان كوكب الأرض في عمر مبكر نسبيًا لا يتعدى 540 مليون سنة، إذ نتج عن هذا الاصطدام العنيف انطلاق مجموعة من الصخور الأرضية إلى الفضاء. ولأن القمر كان أقرب للأرض آنذاك ممّا هو عليه الآن (إذ كان أقرب للأرض بمقدار ثلاث مرات تقريبًا من موقعه الحالي)؛ لذلك كان من السهل أن تصل بعض الصخور الأرضية الناتجة عن الاصطدام إلى سطح القمر.

قال ديفيد كرينج، عالم الجيولوجيا والكواكب: «يُعدّ هذا اكتشافًا مميزًا للغاية، إذ يساعدنا على رسم صورة أوضح للأرض المُبكرة، والظروف العنيفة التي أدّت إلى تشكيلها على ما هي عليه الآن لنشأة الحياة». تحدى كرينج فريقًا من العلماء بقيادة جيرمي بيلوتشي بالمتحف السويدي للتاريخ الطبيعي، وأليكساندر نيمشين بجامعة كيرتين الأسترالية، أن يجدوا عينات صخرية أرضية على سطح القمر، وبالفعل؛ نجح الفريق في هذا التحدي.

تمكن الفريق من إجراء عدة عمليات تحليلية على الصخرة، وكان وجود الزركون في العينة مفيدًا بشكل كبير إذ يحتوي على عنصر اليورانيوم، ولهذا العنصر نصف عمر معروف يساهم في الاستدلال على عمر العينة بشكل دقيق. تكوّنت هذه الصخرة منذ 4 إلى 4.1 مليار سنة على كوكب الأرض تحت عمق حوالي 20 كيلومترًا من السطح. وظلت مكانها إلى أن حدث الاصطدام العنيف الذي قذفها إلى الفضاء.

ومن هنا وصلت واستقرت على سطح القمر إذ تعرضت لعديد من الاصطدامات هناك أبقتها مدفونة تحت السطح منذ 3.9 مليار سنة تقريبًا، ثم عادت مرة أخرى إلى السطح بعد أحد الاصطدامات العنيفة الذي أدى إلى تكوين (الفوهة المخروطية) على سطح القمر منذ 26 مليون سنة، وظلّت على السطح داخل بيج بيرثا إلى أن أحضرها روّاد فضاء رحلة أبولو-14 إلى الأرض.

توجد احتمالية ضئيلة لتكوّن هذه الصخرة على القمر، ولكن لتتكوَّن فعلًا يجب أن تكون تحت ظروف مختلفة لم نشهدها قط على القمر من خلال أقمارنا الصناعية، إذ يجب أن تكُون على عمق 30 إلى 40 كيلومترًا من السطح القمري وفي بيئة من الحِمم غنية بالأكسجين بمستويات أكسجين أعلى بكثير مما كانت تحتويه طبقة الوشاح القمرية منذ 4 مليار سنة.

وعلى النقيض، كانت الظروف الأرضية في ذاك الوقت مثالية لتكوّن هذه الصخرة، ما جعلها صدفة مذهلة أن تعود هذه القطعة الصخرية الأرضية إلى موطنها في النهاية. وليس من الصعب التأكد أكثر من صحة هذا الاستنتاج، فإذا كان صحيحًا سنجد بالطبع صخورًا أرضية أخرى على سطح القمر، ويمكننا الاستدلال على أماكنها بدراسة العينات القمرية الأخرى، ومع نية ناسا لإرسال روّاد فضاء إلى القمر مرة أخرى؛ يمكننا الحصول على عينات أكثر.

اقرأ أيضًا:

حقائق مذهلة للهبوط على القمر من فيلم «الرجل الأول»

ماذا تخبرنا فوهات النيازك على القمر عن الارض و النظام الشمسي ؟

علماء الفلك قد وجدوا للتو دليلًا على ظاهرة طقس غريب على القمر تيتان

نباتات وحيوانات على القمر.. والسبب: الصين

ما هو القمر الخارق؟

ترجمة: محمد شريف
تدقيق: سلام طالب

المصدر