هرم الجيزة الكبير أحد رموز مصر المميزة وآخر أعجوبة من عجائب العالم السبع لا تزال في الوجود. يقع الهرم الكبير في هضبة الجيزة قرب مدينة القاهرة الحديثة واستغرق بناؤه أكثر من عشرين عامًا خلال عهد الملك خوفو أحد ملوك الأسرة الرابعة (2589-2566 قبل الميلاد).

ظل هرم الجيزة أطول بناء بناه الإنسان في العالم حتى الانتهاء من بناء برج إيفيل في باريس في فرنسا عام 1889، رقم قياسي احتفظ به الهرم الكبير لأكثر من 3000 عام.

أشار باحثون إلى برج كاتدرائية لينكلون في إنكلترا –الذي بُنِي عام 1300- بوصفه البناء الذي تجاوز هرم الجيزة ارتفاعًا، لكن -وعلى الرغم من ذلك- فإن هذا الصرح المصري قد احتفظ بلقبه لأمد طويل من الزمن.

يصل ارتفاع الهرم إلى 146 مترًا وبقاعدة ارتفاعها 230 مترًا ويتألف من مليوني كتلة حجرية، وعند النظر إلى ضخامة هذه الأحجار وزنًا وحجمًا -كالألواح الغرانيتية في حجرة الملك- تبدو الوسائل اللوجستية المستخدمة في رفعها ووضعها بدقة مستحيلة وفق المعايير المعاصرة.

نقب عن الهرم لأول مرة السير ويليام ماثيو فليندرز بيتري مستعينًا بالتقنيات الحديثة والتحليل العلمي عام 1880 وكان بيتري عالم آثار بريطاني وضع المعايير المعتمد عليها في التنقيبات الأثرية في مصر عمومًا والجيزة خصوصًا. في كتابات له عن الهرم عام 1883، يلاحظ فليندرز بيتري:

«اسم الهرم ما هو إلا نوع من الأمثلة عن المفارقات والتناقضات، وكالعث الذي ينجذب إلى ضوء الشمعة، جذب الهرم واضعي النظريات ومؤلفيها».

لا تزال تدور الكثير من النظريات التي تبحث في الغاية التي بُنِي الهرم من أجلها، لكن أكثرها قبولًا وانتشارًا هي أنه أنشئ ليكون مدفنًا للملك. لا تزال الطريقة التي بُنِي فيها الهرم تحير الناس في الوقت الحالي، وتبقى نظرية المدارج والمزالق (أرصفة مائلة) -التي تدور حول الهيكل الخارجي لتحريك الكتل الحجرية لمكانها- موضع أخذ ورد بين المؤرخين. تزداد النظريات المعروفة بالعهد الجديد أو الهامش عددًا في مسعى منها لشرح التقنية المتطورة التي تطلبها إنشاء هذه المَعلَم وتستشهد بكائنات فضائية وزياراتها المتكررة والمتخيَّلَة لمصر في العصور القديمة.

تطورت هذه النظريات وعلى الرغم من كثرة الدلائل التي تثبت أن الهرم بناه المصريون القدماء مستخدمين وسائل تكنولوجية كانت شائعة جدًا بينهم لدرجة أنه لم يروا أهمية في تدوينها أو الكتابة عنها، ومع ذلك فإن درجة التعقيد في بناء الممرات الداخلية والأعمدة والحجرات (حجرة الملك وحجرة الملكة والمعرض الكبير) وقبر أوزيريس القريب إضافة إلى الطريقة التي أُنشِئ فيها الهرم -التي لا تزال لغزًا- وتوجهه إلى الجهات الأربع الأصلية قد ساهمت جميعها في زيادة الإصرار والتأكيد على النظريات الهامشية.

توجد نظرية أخرى راسخة حول بناء الهرم ولها مؤيدوها الكثيرون، مفادها أن العبيد من بنوه. خلافًا للآراء السائدة في أن المعالم المصرية-عمومًا- وهرم الجيزة خصوصًا قد بنتها عمالة يهودية مستعبدة، فإن هرم الجيزة وجميع المعابد والمعالم في مصر قد أنشأها مصريون استُقدِموا لمهاراتهم ونالوا تعويضات مالية لقاء جهودهم وأتعابهم. لا يوجد أي دليل من أي نوع ومن أي عصر من عصور التاريخ في مصر يدعم الوقائع والأحداث التي سردها سفر الخروج التوراتي.

اكتشف عالما المصريات لينير وحواس مسكن العمال ووثقوه في الجيزة عام 1979، وحتى قبل ظهور هذا الدليل للعيان، فإن التوثيق المصري يؤكد أن العمال المصريين قد تلقوا أجرًا مقابل بناء المعالم التي يجري بناؤها تحت رعاية الدولة، في حين لا يذكر التوثيق أي دليل عن عمالة من عرقية معينة أجبرها المصريون على العمل واستعبدوها. بنى المصريون –الذين جاؤوا من جميع أنحاء مصر- هذا النصب لجملة من الأسباب ومن بين هذه الأسباب بناء مسكن أبدي لملكهم.

الأهرامات وهضبة الجيزة

مع قرب نهاية عصر الأسرات الباكر (3150-2613 قبل الميلاد)، ابتكر الوزير إمحوتب (2667- 2600 قبل الميلاد) أسلوبًا لبناء مدفن متقن ليس مثل أي مدفن آخر من أجل ملكه زوسر. قبل عهد زوسر (2670 قبل الميلاد)، أُنشئَت المدافن من الطين على شكل هضبات ورواب متواضعة معروفة بالمصاطب. خطر على بال إمحوتب فكرة ثورية تقوم على بناء المصاطب من الحجر وتكديس هذه المصاطب واحدة فوق الأخرى في تدرجات لخلق صرح عظيم وخالد. قادته رؤيته إلى بناء هرم زوسر المدرج في سقارة، أقدم هرم في العالم لا يزال شامخًا حتى يومنا هذا.

ومع ذلك لم يكن الهرم المدرج هرمًا حقيقيًا. وفي عصر المملكة القديمة (2613-2181 قبل الميلاد) سعى الملك سنفرو (2613-2589 قبل الميلاد) إلى إدخال تحسينات على تصميمات إمحوتب وبناء معلم أكثر إذهالًا من هرم زوسر. كان الهرم الذي بناه في ميدوم وانهار أول محاولة له فشلت لخروجه الكبير عن تصميم إمحوتب. تعلم سنفرو من خطأه ومضى ليبني هرمًا آخر، الهرم المنحني الذي انهار أيضًا بسبب أخطاء حسابية في الزاوية من القاعدة إلى قمة الهرم.

مصممًا على المضي في مشروعه، جمع سنفرو ما تعلمه من تجربته الماضية وبنى الهرم الأحمر، أول هرم حقيقي في مصر.

تطلب بناء الهرم موارد هائلة وعناية وصيانة طيف واسع من العمال المهرة وغير المهرة. كان بوسع ملوك الأسرة الرابعة -الذين غالبًا ما يُشار إليهم بلقب بنائي الأهرامات- أن يوفروا هذه الموارد بسبب استقرار الحكومة والثروة التي جمعوها بفضل التجارة. كان هذان العاملان – حكومة مركزية قوية وثروة لا تنتهي- ضروريين في أي مساع لبناء أهرامات، وقد نقل هذه الموارد الملك سنفرو –إبان وفاته- إلى ابنه خوفو.

يظهر أن خوفو قد شرع في بناء مدفنه العظيم بعد فترة قصيرة من وصوله إلى سدة الحكم. حكم ملوك المملكة القديمة من مدينة ممفيس وكان مجمع هرم زوسر يهيمن بالفعل على المشهد في مقبرة سقارة القريبة في حين قد بنى سنفرو في مواقع أخرى كداشور.

تميزت مقبرة الجيزة بأنها أقدم وأقرب ودُفنَت فيها والدة خوفو «حتب حراس» (2566 قبل الميلاد) ولم تحتوِ على معالم عظيمة قد تتنافس في جذب الانتباه، لذلك اختار خوفو موقع الجيزة ليبني فيه هرمه.

بناء الهرم

تمثلت الخطوة الأولى في إنشاء أي هرم -بعد البت في أفضل موقع لإنشائه- في تنظيم الطواقم وتخصيص الموارد وذلك كان عمل ثاني أقوى رجل في مصر، الوزير، وكان وزير خوفو ابن أخيه هيميونو الذي يعود إليه الفضل في تصميم هرم الجيزة الكبيرة وبنائه. أما والده نفرمات فكان وزير سنفرو في مشاريع بناء هرمه ومن المرجح أنه قد تعلم الكثير حول البناء من تجاربه تلك.

كان الوزير المهندس المعماري الأخير لأي مشروع بناء وكان عليه أن يتحمل مسؤولية المواد والنقل والعمالة والمدفوعات وكل جانب من جوانب العمل. تبين جميع الإيصالات المكتوبة والرسائل والمذكرات اليومية والتقارير الرسمية الآتية إلى القصر والمرسلَة منه أن مشروع بناء ضخم في الجيزة كان يجري في ظل عهد خوفو، ولكن لا تشير أي من الدلائل السابقة إلى الكيفية التي بُنِي بها الهرم. حتى اللحظة، لا يزال الراهنة المهارة والإبداع الواضحان في إنشاء الهرم يحيران الباحثين. يعلق على ذلك عالما المصريات بوب برير وهويت هوبس:

«أفرزت عملية بناء الأهرامات –بسبب أحجامها الهائلة- مشكلات خاصة تنظيمًا وهندسةً، فعلى سبيل المثال تطلب بناء هرم الفرعون خوفو الكبير أكثر من مليوني كتلة حجرية تزن ما بين طنين إلى أكثر من ستين طنًا قولبها البناؤون على هيئة هيكل يغطي مساحة ملعبي كرة قدم ويرتقي للأعلى بشكل هرمي مثالي لارتفاع 146 مترًا. تضمن بناء الهرم أعدادًا كبيرة من العمال التي في دورها أضافت مسائل لوجيستية معقدة من طعام ومأوى وتنسيق. لم يتطلب بناء هذا الهرم جلب ملايين الكتل الحجرية من المقالع ورفعها إلى ارتفاعات ساحقة فقط، بل وضعها جميعًا بدقة من أجل إنشاء الشكل المطلوب».

قد تكون المهارة والتقنية المتطلبة «لبناء الشكل المرغوب» إشكالًا على أي شخص يحاول أن يفهم كيف بُنِي الهرم الكبير. تستمر النظريات حاليًا بالعودة إلى فكرة المزالق والمدارج التي رُفعَت حول قاعدة الهرم وأساساته وازدادت علوًا مع ازدياد البناء ارتفاعًا. تؤكد نظرية المدراج -التي لا تزال موضع جدل- أنه حالما أصبح الأساس ثابتًا، فإن المدارج والمزالق يمكن نصبها بسهولة حول الهيكل في أثناء بنائه وبذلك توفر وسائل لسحب أطنان الحجارة ووضعها في نسق دقيق.

بصرف النظر عن مشكلات قلة الخشب في مصر لبناء الكثير من المدارج، فإن الوجهات والنقاط التي كان يجب على العمال أن يرفعوا الحجارة نحوها واستحالة تحريك الحجارة الثقيلة والألواح الغرانيتية إلى موقعها من دون رافعة، ستؤكد استحالة تطبيق نظرية المدرج، ويشرح ذلك برير وهوبز:

المشكلة هي مشكلة الفيزياء. كلما كانت زاوية المنحدر أكثر ميلًا، زاد الجهد اللازم لتحريك الجسم لأعلى ذلك المنحدر، لذلك لكي يسحب عدد قليل نسبيًا من الرجال -لنقل عشرة أو نحو ذلك- حمولة طنين على مدرج، لا يمكن أن تكون زاويته أكثر من 8% تقريبًا. تخبرنا الهندسة أنه للوصول إلى ارتفاع 146 مترًا، يجب أن تبدأ الطائرة المائلة المرتفعة بنسبة 8% تقريبًا ميلًا واحدً من نهايتها. ووفقا للبنائين فإن بناء مدرج يبلغ طوله ميلًا يرتفع إلى مستوى ارتفاع الهرم الأكبر سيتطلب الكثير من المواد مثل تلك اللازمة لبناء الهرم نفسه. كان على العمال بناء ما يعادل هرمين في إطار زمني يبلغ عشرين عامًا.

اقترح المهندس المعماري الفرنسي جان بيير هودين رؤية مختلفة عن نظرية المدرج يدَّعي فيها استخدام المدرجات داخل الهرم. يعتقد هودين أن المدارج قد استُخدمَت خارجيًا في المراحل الأولى من البناء، ولكن مع زيادة ارتفاع الهرم، انتقل البناؤون للعمل من الداخل؛ فأحضروا الحجارة المستخرجة من المقالع عبر المدخل ورفعوا المدراج إلى موقعها. من شأن ذلك –كما يزعم هودين- أن يفسر وجود الأعمدة التي يجدها المرء داخل الهرم، ومع ذلك لا تأخذ هذه النظرية في الحسبان وزن الحجارة أو عدد العمال على المدرج المطلوب لتحريكها داخل الهرم ووضعها في موضعها.

تفشل نظرية المدرج -في الرؤيتين- في تفسير بناء الهرم في حين نجد أن هناك فرضية مقنعة تكمن أسفل المَعلَم، مستوى المياه الجوفية المرتفع في هضبة الجيزة. يشير المهندس المعماري روبرت كارسون في مؤلفه: «الهرم الكبير: القصة الداخلية» إلى أن الهرم قد بُني باستخدام طاقة المياه. يقترح كارسون أن المدارج استُخدمَت أيضًا، ولكن بطريقة أكثر إقناعًا؛ إذ ألحقت هذه المدارج وجُهزَت بطاقة هيدروليكية من الأسفل ورافعات من الأعلى.

على الرغم من أن المصريين لم يعرفوا الرافعة آنذاك، فقد عرفوا شادوف، عمود طويل به دلو وحبل في أحد طرفيه وثقل موازن في الطرف الأخر استُخدِم لسحب المياه من الآبار. استطاعت الطاقة الهيدروليكية في الأسفل مع الرافعات في الأعلى تحريك الحجارة في جميع أنحاء الجزء الداخلي من الهرم، وهذا ما يفسر أيضًا وجود الأعمدة والفضاءات في الصرح التي فشلت نظريات أخرى في تفسير وجودها داخله.

من الواضح تمامًا أن منسوب المياه الجوفية في الجيزة لا يزال مرتفعًا في الوقت الحاضر وكان أكثر ارتفاعًا في الماضي. يشرح عالم المصريات زاهي حواس في كتاباته عن تنقيبه قبر أوزيريس قرب هرم الجيزة الكبير عام 1999 «كيف كانت عملية التنقيب صعبة بسبب طبيعة العمل الخطرة مردها منسوب المياه الجوفية المرتفع. في ذات المقالة، يشير حواس إلى أنه في عام 1945 كان الأدلاء في الجيزة يسبحون دوريًا في مياه القبر تحت الأرض وأن مستوى المياه الجوفية العالي في القبر منع الباحثين من التعمق في دراسته».

إضافة إلى ذلك، فإن المحاولات السابقة للتنقيب في قبر أوزيريس -التي أجراها سليم حسن في ثلاثينيات القرن الماضي– والملاحظات حول القبر التي وضعها عبد المنعم أبو بكر في أربعينيات القرن الفائت (على الرغم من عدم وجود حفر) تشير أيضًا إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية. بينت المسوحات الجيولوجية أن هضبة الجيزة والمنطقة المحيطة بها كانت أكثر خصوبة في زمن المملكة القديمة مما هي عليه اليوم وأن منسوب المياه الجوفية كان من الممكن أن يكون أعلى.

وبوضع ذلك في الحسبان، فإن نظرية كارسون حول طاقة المياه المستخدَمة في البناء تبدو أكثر منطقية. يزعم كارسون أنه كان يمكن بناء الصرح باستخدام الطاقة الهيدروليكية فقط؛ إذ أقام المصريون نظام نقل هيدروليكي داخل الهرم الكبير. وبتوظيفهم طاقة المياه الجوفية المرتفعة، كان باستطاعة البناة القدامى إنشاء الهرم بصورة أكثر منطقية من نظام يستخدم المدارج والمزالق.

حالما اكتمل بناء الجزء الداخلي، غُطِّي كل الهرم بالحجر الجيري الأبيض الذي زها وسطع بتألق وكان بالإمكان رؤيته من كل اتجاه من على بعد أميال حول الموقع. على الرغم من عظمة هرم الجيزة الكبير في يومنا الحالي، فجميعنا ندرك أن هذا الصرح قد طاله الخراب، إذ سقط الحجر الجيري منذ وقت طويل واستُخدِم بوصفه مادة بناء لمدينة القاهرة.

عند اكتماله، لا بد أن الهرم الأكبر قد ظهر على أنه الإنجاز الأكثر دهشة وإذهالًا في نظر المصريين. حتى يومنا هذا، ورغم حالته المتهالكة، يبث الهرم الأكبر بمن ينظر إليه الرهبة. الحجم الهائل للمشروع وامتداده مذهل حقًا. يكتب المؤرخ مارك فان دي ميروب:

«حجم هذا الصرح يحير العقل: يبلغ ارتفاعه 146 مترًا في 230 مترًا عند القاعدة. نقدر أنه يحتوي على 2300000 قطعة من الحجر بمتوسط وزن 2 و 3/4 طن ويصل وزن بعضها إلى 16 طنًا. حكم خوفو 23 عامًا وفقًا لتورين رويال كانون، ما يعني أنه طوال فترة حكمه، كان لا بد من استخراج 100 ألف كتلة سنويًا وحوالي 285 كتلة أو واحدة كل دقيقتين في النهار يوميًا ثم نقلها وتسويتها ووضعها في مكانها. البناء خالٍ من العيوب تقريبًا في التصميم ووُجهَت الجوانب بالضبط نحو الجهات الأربع الأساسية بزاوية 90 درجة».

كان العمال الذين أنجزوا ذلك المَعلَم عمالًا مهرة وغير مهرة وظفتهم الدولة للمشروع. هؤلاء العمال إما تطوعوا لسداد ديون أو لخدمة المجتمع أو نالوا مستحقات مالية مقابل الوقت الذي عملوا فيه. على الرغم من أن العبودية كانت عادة تُمارَس في مصر القديمة، لم يستخدم المصريون أي عبيد يهود أو غيرهم في إنشاء النصب التذكاري. يشرح برير وهوبز لوجستيات العملية:

«خلال شهرين من كل عام تغمر مياه النيل الأراضي الزراعية في مصر، ما ينتج عنه توقف عمل العاملين في مجال الزراعة. في مثل هذه الأوقات، يقدم الفرعون طعامًا لقاء العمل في بناء الصروح والمعالم ويقطع وعدًا لمن يعمل بمعاملة تفضيلية في العالم الآخر حيث سيحكم هناك كما حكم هذا العالم. لذلك، لو لا هذان الشهران لم يكن ممكنًا بناء أي من هذه المنشآت. لشهرين سنويًا، يتجمع عشرات آلاف العمال من جميع أنحاء البلاد لنقل الكتل التي استخرجها فريق يعمل على الدوام خلال الفترة المتبقية من العام.

ينظم المراقبون الرجال في فرق لنقل الحجارة على الزلاجات، أجهزة أكثر ملاءمة من المركبات ذات العجلات لنقل الأشياء الثقيلة فوق الرمال المتحركة. يسهل الجسر -المزلَّق بالمياه- عملية السحب الشاقة. لم يستخدم هؤلاء العمال معاجين لتثبيت الكتل في مكانها، فقط ملاءمة وعناية دقيقة حتى ظلت الصروح الشاهقة شامخة 4000 عام».

كان الغمر السنوي لنهر النيل ضروريًا لمعيشة المصريين؛ إذ إنه يركز التربة الغنية من مجرى النهر في جميع أنحاء الأراضي الزراعية على الشاطئ، إضافة إلى أنه من المستحيل زراعة تلك الأراضي خلال فترة الفيضان. خلال هذه الفترات، وفرت الحكومة العمل للمزارعين من خلال العمل في تشييد صروحهم العظيمة.

هؤلاء الأشخاص الذين حركوا الحجارة فعليًا ورفعوا المسلات وبنوا المعابد وأنشأوا الأهرامات التي لا تزال تبهر الناس وتلهمهم في يومنا هذا.

إن الاستمرار في الإصرار على أن هذه المعالم قد بناها العبيد الذين عوملوا معاملة سيئة وأُجبروا على البقاء في العبودية بسبب عرقيتهم إساءة ونكران لجهود أولئك العمال ولذكراهم ناهيكم عن الإضرار بثقافة المصريين العظيمة. سفر الخروج التوراتي ما هو إلا أسطورة ثقافية أُلفَت لغاية معينة، لتمييز مجموعة من الناس الذين يعيشون في أرض كنعان عن الآخرين ولا يجدر بنا النظر إليه على أنه تاريخ.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف تاريخي : علماء يجدون فراغًا هائلًا مخفيًّا في هرم الجيزة الأكبر

خطأ هندسي في هرم الجيزة الأكبر !

ترجمة: طارق العبد

تدقيق: نور عباس

مراجعة: عون حدّاد

المصدر