أعلنت شركة بلو أوريجنز Blue Origins للرحلات الفضائية -التي يمتلكها جيف بيزوس- في مساء التاسع عشر من يوليو، أن الطاقم الذي سيقوم بالرحلة بات جاهزًا من جميع النواحي.

وخلال عشر ساعات، قام جيف بيزوس وثلاثة آخرون (أخوه مارك ورائدة الفضاء الأمريكية ماري فانك وأوليفر دايمان ابن صاحب شركة خاصة) بالرحلة التي استغرقت ما يقارب العشر دقائق، وانتهت بالهبوط في غرب تكساس.

الجدير بالذكر أن أعلى نقطة وصلت لها المركبة تجاوزت خط كارمان الذي يبلغ علوه 100 كيلومتر، ويستعين به العلماء لتحديد النقطة التي ينتهي بها الغلاف الجوي للأرض ويبدأ الفضاء الخارجي.

قد يبدو الأمر بسيطًا للغاية: أغنى رجل في العالم «جيف بيزوس» ذهب إلى الفضاء، لذا أصبح رائد فضاء رسميًا، إلا أن الخبراء يؤكدون أن الأمر يتطلب أكثر من مجرد رحلة للحصول على هذا اللقب، فبيزوس لم يتلق سوى 14 ساعة من التدريب للرحلة.

تحدث سكوت مانلي، المعلق على الأحداث الفضائية عن الأمر قائلًا: «التدريب هو الأهم، فعلى سبيل المثال تمتلك ماري فانك حاليًا خبرة واسعة أكثر من أي رائد فضاء».

الجدير بالذكر أن ماري تمتلك ما يقارب 19600 ساعة طيران، إضافةً إلى مساهمتها في تعليم وتخريج ما يزيد عن 3000 طالب للطيران.

ماري، الوحيدة التي تمتلك خبرة طيران في طاقم Blue origins، كان يفترض أن تشارك في بعثة عطارد 13 عام 1961، إلا أن ناسا رفضتها بسبب جنسها.

للدخول في برنامج ناسا التدريبي، يحتاج المتقدم إلى درجة ماستر في إحدى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM field بالإضافة إلى خبرة بحثية لمدة لا تقل عن سنتين في المجال الأخير أو ما يزيد عن 1000 ساعة من الطيران المنفرد في طائرة نفاثة.

في حال توافق المتقدم مع الشروط الأولية، يخضع إلى اختبارٍ جسدي قبل دخوله في البرنامج الذي يمتد لسنتين، يتعلم فيها كل التفاصيل المختصة بتحليق المركبة الفضائية والتواصل مع مركز التحكم بالمهمة.

بعد إكمالهم التدريب الأولي، تُقيّم قدرة تأقلم رواد الفضاء مع الأجواء الخارجية قبل إرسالهم في مهمة، الأمر الذي قد يتطلب سنين.

عادةً، يتدرب الطاقم المنطلق نحو المحطة الفضائية الدولية مدة سنتين تحضيرًا لمهمة تمتد ستة أشهر هناك.

وفي عام 2017، تقدم ما يزيد عن 18000 شخص للبرنامج التدريبي في ناسا، وقُبل 12 شخصًا فقط.

من جهة أخرى، خضع جيف بيزوس وفريقه لأربع عشر ساعةٍ من التدريب قبيل خروجهم في المهمة. ويؤكد ستيف لانيوس، مدير الرحلات الرئيسي، أن هذا التدريب جهز الفريق لبعض العمليات الأساسية داخل المركبة، بالإضافة إلى بعض الحالات الطارئة المُحتمل حدوثها.

بعيدًا عن خبرة ماري فانك، فإن هذا التدريب كان الخبرة الوحيدة التي امتلكها أعضاء الفريق الآخرون.

علق شارليز بولدين، رائد الفضاء ومدير سابق في ناسا، قائلًا: «على رائد الفضاء أن يكون قادرًا على التحليق بالمركبة والعمل في كل الحالات الطارئة المحتمل حدوثها، وهذا غير ممكن في الرحلة التي قام بها بيزوس، إذ تُعتبر مركبته ذاتية التحليق».

ويكمل حديثه قائلًا: «إن الرحلات السياحية إلى الفضاء، يجب ألا تضمن أي تدخل من السياح في القيادة وغيرها من العمليات داخل المركبة».

إن تهميش مصطلح رائد الفضاء ليصبح تعريفًا عن أي شخصٍ قام برحلة تحليقٍ قصيرة سيؤدي بالتأكيد إلى العديد من النقاشات مستقبلًا، مع ازدياد نسبة السياحة نحو الفضاء.

ولكن تعريف ناسا لرائد الفضاء يزيد من الأمر، إذ يُعرَّف على أنه شخص ينتمي إلى طاقم في مركبة فضائية، ويقوم بالتحليق في الفضاء.

بالإضافة إلى ذلك، يقع الخلاف على النقطة التي يبدأ فيها الفضاء الخارجي، إذ يعتقد البعض أن الأخير يبدأ عند خط كارمان، النقطة التي يصبح فيها الغلاف الجوي للأرض ضعيفًا للغاية، مما لا يسمح بتحليق طائرة عادية. بينما يعتقد البعض الآخر أن نقطة بداية الفضاء تصل إلى علو يقارب 150 كيلومتر. من خلال النقطة الأول، يكون بيزوس رائد فضاء، بعكس الثانية، التي لا تعطيه هذا اللقب.

يؤكد إدوين ترنر، الفيزيائي في جامعة برنستون أن لا وجود لنقطة محددة يبدأ عندها الفضاء.

ويكمل حديثه قائلًا: «إن تعريف نقطة بداية الفضاء يجب أن تكون أدنى ارتفاع يسمح للطائرة بالتحليق وإكمال دورة كاملة حول الأرض دون الحاجة لدفعٍ ذاتي».
ويضيف ترنر قائلًا: «إن حجم وشكل الطائرة، والتغيرات في الغلاف الجوي، يؤثر في هذه النقطة ما يؤدي إلى تغيّرها».

إن دراسة وتعريف نقطة بداية الفضاء لن يساعد في معرفة هل رحلة جيف بيزوس كافية ليصبح رائد فضاء أم لا؟ وأفضل طريقة هي الاطلاع على مؤهلاته، وتحديد هل كان جاهزًا ليصبح رائد فضاء أم لا؟

اقرأ أيضًا:

هذه هي كبسولة شيبارد التي اعلن عنها بيزوس و شركة بلو اوريجين Blue origin

أين ينتهي الغلاف الجوي الأرضي ؟ وأين يبدأ الفضاء الخارجي ؟

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: روان أحمد أبوزيد

المصدر