في 8 مايو عام 2021، سقطت قطعة مخلفات فضائية من صاروخ صيني خرج عن السيطرة على الأرض، وهبطت في المحيط الهندي قرب جزر المالديف. قبل ذلك بنحو عام، في مايو 2020، سقطت قطعة من صاروخ صيني آخر خرج عن السيطرة أيضًا، في المياه قبالة ساحل غرب إفريقيا. لم يعرف أحد متى أو أين ستسقط قطع المخلفات الفضائية هذه، لذلك كان عدم سقوطها على الأرض أو عدم أذيتها لشخص ما أمرًا يبعث على الارتياح.

المخلفات الفضائية هي أي جسم من صنع البشر معطل في الفضاء. يتساءل الناس دومًا عند سماع خبر سقوط مخلفات فضائية، هل كان من الممكن منع ذلك؟ ماذا سيحدث حال تسببت بضرر؟ وكيف ستُنظم الشركات التجارية الجديدة مع زيادة الأنشطة الفضائية؟

حتى يكون قانون الفضاء فعالًا، يجب تحقيق ثلاثة أمور رئيسية:

  •  تنظيم الأنشطة الفضائية لمنع الحوادث الخطرة قدر الإمكان.
  •  إيجاد طرق لمراقبة الأنشطة الفضائية وإجبار جميع الشركات على إطاعة القانون.
  • وضع أُطر لتحمل المسؤولية حال حدوث خلل.

تُبلي المعاهدات والقوانين الحالية بلاءً حسنًا، لكن يمكن الاستفادة من قانون حماية البيئة على الأرض في تطوير قانون استخدام الفضاء والمخلفات الفضائية الناتجة.

هل يحميك القانون حال سقوط مخلفات فضائية على منزلك؟ - يتساءل الناس دومًا عند سماع خبر سقوط مخلفات فضائية، هل كان من الممكن منع سقوطها؟

ماذا لو سقط صاروخ على منزلك؟

تخيل أن الصاروخ الصيني الأخير سقط على سطح منزلك بينما أنت في العمل، ماذا يمكنك أن تفعل في إطار القانون الحالي؟

وفقًا لمعاهدة الفضاء الخارجي المُبرمة عام 1967 واتفاقية تحمل المسؤولية الفضائية المُبرمة عام 1972 -وكلاهما معتمد رسميًا من الأمم المتحدة- ستكون قضية وقوع مخلفات فضائية في أرضٍ ما قضية حكومة إلى حكومة، تنص المعاهدات على أن الدول المشاركة مسؤولة عن أي ضرر تتسبب فيه مركبة فضائية وإن كان بفعل شركة خاصة تعمل في تلك الدولة.

وفقًا لهذه المعاهدات، بلادك ليست بحاجة إلى إثبات أن شخصًا ما قد ارتكب شيئًا خاطئًا إذا تسبب جسم فضائي أو الأجزاء المكونة له في ضرر على سطح الأرض أو للطائرات العادية في أثناء تحليقها.

حال سقطت قطعة من المخلفات الفضائية الصينية على منزلك، تتقدم حكومة بلادك بطلب تعويض عبر القنوات الدبلوماسية، ثم يدفعون لك المال.

مع أن فرصة سقوط قمر صناعي معطل على منزلك هي فرصة ضئيلة للغاية، سنة 1978 سقط القمر الصناعي السوفييتي كوزموس 954 على منطقة قاحلة في غرب كندا. عندما تحطم، نشر حطامًا مُشعًا من المفاعل النووي الذي كان على سطحه على مساحة واسعة من الأرض. بدأت حملة تنظيف كندية أمريكية مشتركة، بلغت كلفة العملية نحو 14 مليون دولار كندي (11.5 مليون دولار أمريكي). دفع منها الاتحاد السوفييتي 3 ملايين دولار كندي بعد تسوية نهائية.

كانت تلك الحادثة المرة الوحيدة التي استخدمت فيها اتفاقية تحمل المسؤولية الفضائية وذلك عند تحطم مركبة فضائية من بلد ما في بلد آخر.

تلوث الفضاء هو المشكلة الكبرى

نجح قانون استخدام الفضاء الحالي بسبب قلة المشكلات التي حدثت والفارق الزمني الكبير بينها وتم التعامل معها دبلوماسيًا، لكن مع ازدياد عدد المركبات الفضائية والأنشطة المرتبطة بها حتمًا ستزداد المخاطر والتهديدات.

لا تتوقف تلك المخاطر على تهديد حياة البشر وممتلكاتهم، بل تمتد إلى البيئة الفضائية نفسها، إذ تؤثر تلك المخلفات الفضائية في العمليات والأنشطة الجديدة وتجعل من الفضاء سماءً مزدحمة. يُجادل بعض المدافعين عن الاستدامة الفضائية بأن بيئة الفضاء نفسها لها قيمة كبيرة وأن الخطر المحدق بها أكبر بكثير من الخطر المحدق بالأفراد على سطح الأرض جراء سقوط المخلفات الفضائية.

في حالة القمر الصناعي كوزموس 954، ادعت الحكومة الكندية أن القمر الذي سقط في أرضها تسبب في انتشار إشعاعات نووية وهو ما سبب ضررًا للممتلكات. لكن تنص المادة الثانية من معاهدة الفضاء الخارجي على عدم امتلاك أي دولة للفضاء الخارجي أو الأجرام الفلكية، ومن غير الواضح إذا كانت تُفسر ما يحدث حال تسببت دولة ما في إحداث ضررٍ في الفضاء.

إزالة المخلفات الفضائية الكبيرة من المدار لمنع حدوث تصادم بينها يبدو أمرًا جيدًا لتبدأ به الحكومات، لكن اتفاق الحكومات على قوانين لمراقبة البيئة الفضائية وتحديد العقوبات المتعلقة بنشر المخلفات الفضائية قد يساعد أيضًا في الحد مستقبلًا من تلوث بيئة الفضاء الخارجي.

احتمال سقوط قمر صناعي من الفضاء على الأرض وقتله لشخص ما ضئيل جدًا ويكاد يكون معدومًا. حتى لو حدث ذلك فإن قانون حماية الفضاء جيد في التعامل مع حالة كهذه، فهو يضمن حقوق الأفراد لكنه يهمل التأثير البيئي.

يُساعد سن قانون حماية الفضاء في حماية البيئة الفضائية ومعاقبة الجهات المسؤولة عن تلويثها، وذلك حتى نتجنب سماء تعج بالقمامة.

اقرأ أيضًا:

أسس ومبادئ الطيران في الفضاء: كيف يضع الصاروخ المركبة الفضائية في مدارها؟

ما هو مقدار المخلفات التي تركها البشر على القمر؟ الرقم ضخم جدًا

ترجمة: بيان علي عيزوقي

تدقيق: سماح عبد اللطيف

المصدر