أيُيمكن أن نتخيل عددًا كبيرًا جدًا من النتائج المحتملة للظروف التي وُلد فيها الكون الخاص بنا. حقيقة أن جميع الجزيئات (10 أس 90) الموجودة في كوننا والتفاعلات التي جرت عليها والنتائج التي وصلت إليها خلال 13.8 مليار سنة الماضية أدت إلى جميع تعقيدات تجاربنا بما فيها وجودنا ذاته. من الممكن حدوث ذلك عدة مرات إن وُجدت الفرص الكافية، ما يؤدي إلى سيناريو “الأكوان المتوازية اللانهائية” التي تحتوي جميع النتائج المحتملة بما فيها الطرق التي لم يخترها عالمنا.

من المحتمل أنك تخيلت ذلك من قبل: عالم آخر تمامًا مثل هذا الكون، حيث تكون جميع الأحداث والفرص العشوائية التي أدت إلى واقعنا تمامًا كما هي. إلا في الوقت الحالي عندما اتخذت قرارًا مصيريًا في هذا الكون فنتج عنه طريق بديل في الكون الآخر. وهكذا يتباعد فجأة الكونان اللذان كانا يوازيين بعضهما البعض لفترة طويلة.

قد لا يكون كوننا بأحداثه التي نعرفها هو الكون الوحيد الموجود. ربما توجد أكوان أخرى بنسخ مختلفة من أنفسنا، وتاريخ مختلف، ونتائج مغايرة لما اختبرناه. ليس هذا مجرد خيال، بل هي إحدى أكثر النظريات التي طرحتها الفيزياء النظرية إثارةً. وإليك ما يقوله العلم حول حقيقة وجود الأكوان المتوازية.

على نطاق لوغاريتمي، يوجد قربنا في الكون كل من النظام الشمسي ومجرتنا درب التبانة. ويوجد أبعد من ذلك كل المجرات الأخرى في الكون، والشبكة الكونية واسعة النطاق، وفي النهاية اللحظات التي عقبت الانفجار الكبير مباشرةً.

على الرغم من أننا لا نستطيع رؤية ما هو أبعد من هذا الأفق الكوني الذي يبعد حاليًا مسافة 46.1 مليار سنة ضوئية، سيُكشف لنا المزيد من الكون في المستقبل. يحتوي الكون المنظور على تريليونَين مجرة، ولكن مع مرور الوقت سيتجلى لنا المزيد من الكون، وربما نكشف بعض الحقائق الكونية المحجوبة عنا اليوم.

على الرغم من اتساع كوننا، فإن الجزء الذي يمكننا رؤيته، أو الوصول إليه، أو التأثير عليه، أو التأثر به هو جزء محدود وقابل للقياس. يحتوي هذا الجزء على حوالي 10 أس 90 جسيمًا، بما فيها الفوتونات والنيوترينوات، متكتلةً ومتجمعةً معًا لتشكل حوالي تريليونَين مجرة، مع احتمالية اكتشاف تريليونَين إلى ثلاثة تريليونات مجرة مع استمرار الكون في التوسع.

تضم كل مجرة في المتوسط حوالي تريليون نجم بداخلها، وتتجمع هذه المجرات معًا في شبكة هائلة تمتد عبر الكون على مسافة 46 مليار سنة ضوئية في جميع الاتجاهات من حولنا. ولكن هذا لا يعني أننا في مركز كون متناهي. بل في الواقع ما تشير إليه مجموعة الأدلة الكاملة هو العكس تمامًا.

قد يمتد الكون الملاحظ 46 مليار سنة ضوئية من وجهة نظرنا، لكن لا بد من وجود المزيد في الكون ولا يمكننا ملاحظته، بل قد حتى توجد كمية لا متناهية. بمرور الوقت سنكون قادرين على رؤية المزيد، ونكشف نحو 2.3 أضعاف عدد المجرات التي يمكننا مشاهدتها حاليًا. هناك المزيد من الأشياء التي نريد معرفتها عنها في الأجزاء التي لا نراها أبدًا، ويبدو ذلك حتمًا مسعًى علميًا مثمرًا.

ما يجعل الكون يبدو محدودًا في الحجم بالنسبة لنا -السبب في أننا لا نستطيع رؤية أي شيء أبعد من مسافة معينة- ليس كونه في الواقع محدود الحجم، بل السبب هو وجود الكون في حالته الحالية لفترة محدودة من الوقت.

ما نعرفه نتيجة الانفجار الكبير هو أن الكون لم يمتلك مساحةً وزمنًا ثابتًا، بل تطور من حالة أكثر اتساقًا وسخونة وكثافة إلى حالة متكتلة أكثر برودة وانتشارًا. أي كلما عدنا بالزمن، يبدو الكون أكثر سلاسةً، ويحتوي عددًا أقل من المجرات الأقل تطورًا. وكلما اقتربنا من الوقت الحالي تتكون مجرات أكبر وأكثر ضخامة تتألف من نجوم أقدم، مع مسافات أكبر تفصل المجرات والمجموعات والعناقيد عن بعضها البعض.

هل وجود الأكوان المتوازية ممكن فيزيائيًا هل نظرية الأكوان المتعدةة صحيحة هل يوجد أكثر من كون التضخم الكوني الجسيمان في الكون

كلما نظرت أبعد وأبعد في الكون، نظرت أيضًا أبعد وأبعد في الماضي. وكلما عدنا بالزمن، كان الكون أكثر سخونةً وكثافةً وكذلك أقل تطورًا. على الأرجح يمكن أن تخبرنا الإشارات المبكرة بما حدث قبل لحظات من الانفجار الكبير.

منحنا هذا كونًا غنيًا، يحتوي العديد من آثار تاريخنا الكوني المشترك، بما في ذلك:

  •  أجيال عديدة من النجوم.
  •  خلفية شديدة البرودة من بقايا الإشعاع.
  •  المجرات التي يبدو أنها تنحسر بعيدًا عنا بسرعة أكبر كلما كانت أبعد.
  •  وجود حد لمدى إمكانيتنا على العودة بالزمن.

يُعين الحد الأقصى لمنظورنا الكوني من خلال المسافة التي استطاع الضوء قطعها منذ لحظة الانفجار الكبير.

ولا يعني هذا عدم تجاوز الكون الجزء المنظور. توجد حجج مادية ونظرية تشير إلى وجود وراء ما نراه، وربما يكون مطلقًا أكثر.

إن تاريخنا الكوني بأكمله مفهوم جيدًا من الناحية النظرية، ولكن هذا الفهم يبقى نوعيًا. فلا يمكن فهم الحقيقة الكاملة لكوننا إلا بتأكيد ورصد المراحل المختلفة لماضي الكون، كتشكل النجوم والمجرات الأولى، وتوسع الكون بمرور الوقت. تعطينا التوقيعات الأثرية التي طُبعت على عالمنا من حالة تضخمية قبل الانفجار الكبير طريقةً فريدةً لاختبار تاريخنا الكوني.

يعرض الكون المحدود عددًا من الإشارات الدالة على أننا لا نعيش في بحر لا متناهي من الزمكان. فبقياس انحنائنا المكاني، يمكن إيجاد أن الكون كروي الشكل بطريقة ما إذ إنك تعود لنقطة البداية إذا سافرت في خط مستقيم لفترة طويلة بما فيه الكفاية.

يمكنك البحث عن أنماط متكررة في السماء، إذ يظهر الجسم نفسه في مواقع مختلفة في آن واحد. كما يمكن قياس انسيابية درجة الحرارة والكثافة في الكون ومعرفة كيفية تشكل تلك الاختلافات بمرور الوقت.

إذا كان الكون محدودًا، سنتمكن من ملاحظة مجموعة من الخصائص الملازمة للأنماط التي تظهرها بقايا تقلبات درجة الحرارة الناتجة عن الانفجار العظيم.

لكن ما نلاحظه هو مجموعة مختلفة من الأنماط الدالة على العكس تمامًا، لا يمكن تحديد ما إذا كان الكون مسطحًا تمامًا أو كبيرًا بلا حدود.

يشير ظهور تقلبات في إشعاع الخلفية الكوني الميكروي واختلاف الأحجام الزاوية إلى سيناريوهات انحناء مكاني مختلفة. في الوقت الحالي، يبدو لنا الكون مستويًا، لكننا قسنا ما لم يتعدى مستوى 0.4٪. ربما نكتشف انحناءً جوهريًا على مستوى أكثر دقة. لكن ما لاحظناه حتى الآن يكفي للجزم بأنه في حالة كان الكون منحنيًا فإن مقياس انحنائه يبلغ نحو (250 أس 3) أضعاف -أي 15 مليون مرة- انحناء كوننا الملاحظ.

لا يمكننا تأكيد ذلك بالطبع، فإذا كان فناؤك الخلفي هو كل ما تمكنت من الوصول إليه، فلن تتمكن من قياس انحناء الأرض، لأن ملاحظتك لهذا الجزء ستؤدي بك للإعتقاد بأنها مسطحة. استنادًا إلى الجزء المنظور من الكون يمكننا القول إنه إذا كان الكون محدودًا ومنحنيًا على نفسه، فيجب أن يكون حجمه أكبر من حجم الجزء المنظور بملايين الأضعاف.

من الناحية النظرية، تشكل آثار ملاحظاتنا فكرةً مثيرةً جدًا. إذ يمكن تتبع الانفجار العظيم للوراء حتى نصل إلى حالة شديدة السخونة والكثافة والقابلية للتوسع، وسنجد أنه لا يمكن الوصول إلى درجة لا متناهية من السخونة والكثافة. بالأحرى؛ عند وجود كمية أكبر قليلًا من الطاقة وقبل وقت مبكر للغاية؛ وجدَت مرحلة تسبق الانفجار العظيم، أعدته وأدت إلى نشوء كوننا الحالي.

هل وجود الأكوان المتوازية ممكن فيزيائيًا هل نظرية الأكوان المتعدةة صحيحة هل يوجد أكثر من كون التضخم الكوني الجسيمان في الكون

يمكننا تتبع تاريخنا الكوني من نهاية التضخم حتى بداية الانفجار الكبير. تُعتبَر كل من المادة المظلمة والطاقة المظلمة عنصرين ضروريين في كوننا الحالي، ولكن فترة نشأتهما لم تحدد بعد. توضح هذه الصورة وجهة نظر الإجماع حول كيفية بدء كوننا، لكنها تخضع دائمًا للمراجعة وإضافة المزيد من البيانات. لاحظ أن آثار بداية التضخم أو أي معلومات حول التضخم قبل آخر (10 أس (33-)) ثانية لم تعد موجودة في كوننا الملاحظ.

تصف تلك الفترة من التضخم الكوني مرحلةً من مراحل الكون، إذ امتلأ الكون بالطاقة الكامنة للفضاء نفسه، بدلًا من المادة والإشعاع، وهي حالة تسببت في توسع الكون بمعدل أُسّي.

في كون مليء بالمادة أو الإشعاع، ينخفض معدل التمدد بمرور الوقت، إذ إن الكون يصبح أقل كثافةً. ولكن إذا كانت الطاقة كامنةً في الفضاء نفسه فلن تنخفض الكثافة، بل ستبقى ثابتةً حتى مع توسع الكون.

وفي كون تهيمن عليه الطاقة أو الإشعاع، يتباطأ معدل التوسع مع مرور الوقت، وتنحسر النقاط البعيدة عن بعضها البعض بسرعة أبطأ. ولكن مع التوسع الأُسّي، فإن المعدل لا ينخفض على الإطلاق، وتتباعد النقاط البعيدة عن بعضها في الأساس بمعدل ضعف المسافة، ثم أربعة أضعاف، فثمانية، ستة عشر، اثنان وثلاثون ضعفًا…

يوضح هذا الرسم البياني تطور/ توسع الزمكان بازدياد متساوٍ في الوقت. يمثل الرسم ثلاث حالات: إذا كان الكون خاضعًا للمادة، الإشعاع، أوالطاقة الكامنة للفضاء نفسه. لاحظ أنه في الحالة الأخيرة، ينتج عن كل فترة زمنية تضاعف حجم الكون في جميع الأبعاد.

وبما أن التوسع الأُسّي سريع للغاية، تبدأ “المضاعفة” بنطاق زمني هو (10 أس (35-)) ثانية تقريبًا. أي:

  •  بعد مرور (10 أس (34-)) ثانية، يصبح حجم الكون حوالي 1000 ضعف حجمه الأولي.
  •  بعد مرور (10 أس (33-)) ثانية، يصبح حجم الكون حوالي (10 أس 30) أي (1000 أس 10) ضعف حجمه الأولي.
  •  بعد مرور (10 أس (32-)) ثانية، يصبح حجم الكون حوالي (10 أس 300) ضعف حجمه الأولي.

وهلم جرًا. إذن فإن التضاعف الأُسّي ليس قويًا بسبب سرعته، بل إنه قوي بسبب استمراريته.

أبسط نموذج للتضخم يكون عند بدأنا من قمة تل مستوٍ، واستمرار التضخم حتى تحول إلى وادٍ حيث انتهى التضخم وأدى إلى الانفجار الكبير. إذا لم يساوي هذا الوادي قيمة صفرية وكان بقيمة موجبة، فقد يتحول لنفق كمي يؤدي إلى حالة طاقة منخفضة، الأمر الذي سيؤدي لعواقب وخيمة للكون الذي نعرفه اليوم.

من الواضح أن الكون لم يستمر في التضخم بهذه الطريقة إلى الأبد، لأننا هنا. حدث التضخم في الماضي ولكن بعد ذلك انتهى، ونتج عنه الانفجار الكبير.

إحدى الطرق المفيدة لوصف التضخم هي تخيل كرة تتدحرج ببطء شديد من أعلى تل مسطح للغاية. طالما بقيت الكرة بالقرب من أعلى الهضبة، فإنها تتحرك ببطء ويستمر التضخم، ما يتسبب في توسع الكون بشكل كبير. بمجرد وصول الكرة إلى الحافة وتدحرجها إلى الوادي؛ ينتهي التضخم. يتسبب تدحرج الكرة ذهابًا وإيابًا في الوادي في تبدد الطاقة الناتجة عن التضخم وتحويلها إلى مادة وإشعاع، ما ينهي حالة التضخم ويبدأ الانفجار الكبير.

هل وجود الأكوان المتوازية ممكن فيزيائيًا هل نظرية الأكوان المتعدةة صحيحة هل يوجد أكثر من كون التضخم الكوني الجسيمان في الكون

الطبيعة الكمومية للتضخم تعني أنه ينتهي في بعض “جيوب” الكون ويستمر في جيوب أخرى. يحتاج التضخم للتدحرج عبر التل المجازي وإلى الوادي، لكن إذا كان حقلًا كميًا، فإن الانتشار يعني أنه سينتهي في بعض المناطق ويستمر في مناطق أخرى.

لكن التضخم لا يحدث في كل مكان دفعةً واحدة ولا ينتهي في كل مكان دفعة واحدة. يخضع كل شيء في عالمنا لقوانين الكم الغريبة، حتى التضخم نفسه. وعند التفكير بهذه الطريقة، تنبثق عدة احتمالات لا مفر منها:

التضخم لا يشبه الكرة -وهي حقل كلاسيكي- ولكنه يشبه الموجة التي تنتشر بمرور الوقت، مثل حقل كمي.

مع مرور الوقت وتكوّن مساحة أكبر وأكبر بسبب التضخم، من المحتمل أن تشهد مناطق معينة نهاية التضخم، بينما تشهد مناطق أخرى استمرار التضخم.

سيؤدي انتهاء التضخم في بعض المناطق إلى انفجار كبير وكون مثل كوننا، في حين يستمر التضخم في المناطق الأخرى لفترة أطول.

مع مرور الوقت وبسبب ديناميات التوسع، لن تتفاعل أو تصطدم منطقتان انتهى فيهما التضخم. وستتوسع المناطق التي لم ينتهي فيها التضخم فيما بينها، ما سيبعد هذه “الأكوان الفقاعية” عن بعضها البعض.

أينما يحدث التضخم (المكعبات الزرقاء) فإنه يؤدي إلى زيادة المساحة بشكل أُسّي مع كل ازدياد في الوقت. وحتى مع انتهاء التضخم في العديد من المكعبات (العلامات الحمراء) هناك المزيد من المناطق التي سيستمر فيها التضخم في المستقبل. يجعل هذا التضخم “خالدًا” بمجرد أن يبدأ، ومن هنا تأتي فكرتنا الحديثة عن الأكوان المتعددة.

بالطبع هناك العديد من الأشياء التي نجهلها حول حالة التضخم:

لا نعرف كم من الوقت استمر التضخم قبل انتهائه وتسببه في الانفجار الكبير، وما إذا كانت هذه المدة قصيرةً، أو طويلةً أو لا نهائية. لا نعرف ما إذا كانت المناطق التي انتهى فيها التضخم تتشابه مع بعضها، بنفس قوانين الطبيعة والثوابت الأساسية والخصائص والتقلبات الكمومية التي تميز كوننا.

لا نعرف ما إذا كانت الأكوان المختلفة مرتبطةً ببعضها بطريقة مادية، أم أنها تتصرف وفقًا لقواعدها الفردية ولا تؤثر على بعضها البعض. حلم الأكوان المتوازية هو أن تجد هذه العوالم البديلة مكانًا في تفسير ميكانيكا الكم للعوالم المتعددة -حيث اتٌّخذت قرارات مختلفة ونتج عنها نتائج مختلفة- لتصبح نظريةً قائمةً حقًا.

تُمثل الصورة الأكوان المتوازية المحتمل وجودها في جيوب أخرى من الكون المتعدد. تنشأ المزيد من الاحتمالات مع مرور الوقت، أي أن عدد الأكوان يجب أن يزداد أيضًا بنفس السرعة ليحتوي هذه العوالم.

هل يُحتمَل وجود عالم حدث كل شيء فيه تمامًا كما حدث في هذا الكون، باستثناء أنك فعلت شيئًا واحدًا مختلفًا، وبالتالي أصبحت حياتك مختلفةً تمامًا كنتيجة لذلك؟

حيث اخترت وظيفةً في خارج بلدك بدلًا من الوظيفة التي أبقتك فيها؟

حيث واجهت المتنمر بدلًا من السماح له باستغلالك؟

حيث قبّلت الشخص الذي غادر في نهاية الليلة بدلًا من تركه يرحل؟

وحيث كان للحادث المميت الذي واجهته أنت أو أحد أحبائك في وقت ما من الماضي نتائج مختلفة؟

هل وجود الأكوان المتوازية ممكن فيزيائيًا هل نظرية الأكوان المتعدةة صحيحة هل يوجد أكثر من كون التضخم الكوني الجسيمان في الكون

تبدو فكرة الأكوان المتوازية كما في مثال قطة شرودنجر فكرةً ممتعةً وجذابة، ودون وجود مساحة كبيرة لا متناهية لاحتواء هذه الاحتمالات، حتى التضخم؛ لن يخلق ما يكفي من الأكوان لاحتواء كل الاحتمالات التي انتجتها 13.8 مليار سنة من التطور الكوني.

نتمنى بالتأكيد أن تكون نظرية الأكوان المتوازية موجودة ، ولكن حتى تكون حقيقة فعلية علينا إيجاد إجابات محددة للعديد من الأشياء المجهولة عن كوننا والتي قد لا تبدو إجابات ممكنة.

أولاً، يجب أن تستمر حالة التضخم التي سبقت الانفجار الكبير لفترة طويلة جدًا، فترةً لا نهائية من الوقت. لنفترض أن الكون قد تضخم لمدة 13.8 مليار سنة؛ سيخلق ذلك مساحةً كافيةً من الفضاء لـِ (10 أس (1050)) كونًا مطابقًا لعالمنا، أو 1010000000000000000000000000000000000000000000000000000 كونًا. هذا رقم ضخم! لكنه ليس كافيًا لاحتواء الاحتمالات التي تتطلبها فكرة الأكوان المتوازية ، إن لم يكن أكبر من عدد النتائج المحتملة.

تنص فكرة الأكوان المتعددة على أن هناك أعدادًا كبيرة جدًا من الأكوان ككوننا، وأكوانًا أخرى ذات خصائص شديدة الاختلاف. ولكن كي يكون تفسير ميكانيكا الكم للعوالم المتعددة حقيقيًا فعلًا، يجب أن يكون هناك مكان لاحتواء هذه النتائج المتوازية، وما لم يحدث التضخم لفترة غير محدودة من الوقت، فإن الحسابات لا تنطبق بشكل صحيح لاحتوائها.

يوجد (10 أس 90) جسيم في عالمنا، ولنفرض أن كلًا منها يمتلك نفس تاريخ التفاعلات منذ الانفجار الكبير لتكرار نفس النسخة من هذا الكون. يمكن تحديد هذه الاحتمالات بأخذ (10 أس 90) جسيمًا ومنحهم 13.8 مليار سنة للتفاعل. يتعين علينا بعد ذلك تحديد عدد النتائج المحتملة في وجود قوانين فيزياء الكم ومعدل تفاعلات الجسيمات.

عندها يصبح عدد أُسّي مثل (10 أس (1050)) عددًا أصغر بكثير من تقديراتنا لعدد النتائج الكمية المحتملة لـِ (10 أس 90) جسيمًا، وهو (10 أس 90)! تعني هذه الإشارة – ! – عددًا مضروبًا، حيث 5! هي 5 × 4 × 3 × 2 × 1 = 120، و 1000! هو 1000 × 999 × 998 × … × 3 × 2 × 1 وهو ناتج مكون من 2477 خانة. إذا حاولت حساب (10 أس 90)!، ستجد أن الناتج أكبر من الرقم الصغير نسبيًا (10 أس (1050)) بعديد من الجوجولات.

تكشف مسارات حجرة الفقاعة في فيرميلاب (Fermilab) كلًا من الشحنة والكتلة والطاقة والزخم للجزيئات التي تُنشأ. وبالرغم من وجود بضع عشرات فقط من الجسيمات التي تظهر مساراتها هنا، فإن هناك عددًا فلكيًا من النتائج المحتملة الناجمة عن تفاعلات الجسيمات الموضحة هنا والمسجلة في جزء من الثانية فقط. يرتفع عدد النتائج الكمية المحتملة في أي نظام بشكل أسرع مما اعتدنا عليه.

كلا الرقمين يميل إلى اللا نهائية. يتجه عدد الأكوان المتوازية إلى اللا نهائية بمعدل أُسّي، بينما يتجه عدد النتائج الكمية المحتملة لكون مشابه لكوننا بمعدل سرعة أكبر. وكما يعلم علماء الرياضيات وعشاق جون جرين، فبعض اللا نهايات أكبر من غيرها.

يعني ذلك أنه لطالما لم يحدث التضخم لفترة لا متناهية من الوقت، فلن تكون هناك أكوان متوازية مماثلة لهذا الكون. يزيد عدد النتائج المحتملة من الجزيئات التي تتفاعل مع بعضها البعض بشكل أسرع من عدد الأكوان الناشئة عن طريق التضخم. حتى نموذج الكون المتضخم ليس كبيرًا بما يكفي لاحتواء الأكوان المتوازية التي تحتاج إليها لوضع كل المسارات الزمنية المحتملة في تفسير فيزياء الكم للعوالم المتعددة.

هل وجود الأكوان المتوازية ممكن فيزيائيًا هل نظرية الأكوان المتعدةة صحيحة هل يوجد أكثر من كون التضخم الكوني الجسيمان في الكون

من المتوقع نشوء العديد من الأكوان المستقلة في الزمكان المتضخم، ولن ينتهي التضخم في كل مكان في نفس الوقت، لكنه سينتهي في مناطق مستقلة تفصلها مساحات متضخمة. من هنا يأتي الدافع العلمي لفرضية الأكوان المتعددة ولما لا يصطدم كونين ببعضهما. ببساطة، لا يوجد ما يكفي من الأكوان المنشأة بواسطة التضخم لاحتواء كل نتيجة كمية محتملة لتفاعلات الجسيمات داخل الكون الفردي.

بالرغم من عدم قدرتنا على إثبات ما إذا كان التضخم قد استمر لفترة لا متناهية أم لا، هناك نظريات توضح أنه لا يمكن الرجوع بالزمن لفترة أولية من تاريخ الزمكان المتضخم لذا لا يبدو أنه يمتلك بداية، ويطلق عليها نظريات الماضي غير المكتمل. قد يمنحنا التضخم عددًا هائلًا من الأكوان المتوازية التي توجد داخل كون متعدد أكبر، ولكن ببساطة لا يوجد ما يكفي منها لإنشاء بديل موازٍ لك. يزداد عدد النتائج المحتملة بمعدل لا يُمكّن الكون المتضخم من احتوائها جميعًا.

لا توجد نسخة مطابقة لك في كل الأكوان المتعددة. يجب أن تجعل هذا الكون مميزًا، فلا يوجد بديل لك، حصّل وظيفة أحلامك، قف لنفسك، تخطى الصعوبات دون أي ندم، وعش كل يوم في حياتك. لا يوجد بديل لكم في عالم آخر، ولا مستقبل ينتظركم غير المستقبل الذي تصنعونه في هذا العالم! فاجعلوه مميزًا!

اقرأ أيضًا:

الأكوان المتعددة – حقيقية عملية أم مجرد فرضية ؟

كيف تبدو الاكوان الموازية ؟

ترجمة: رتاج ابراهيم

تدقيق: رزوق النجار

مراجعة: آية فحماوي

المصدر