ما هي الطاقة المظلمة ؟

الطاقة المظلمة هي شكل افتراضي من أشكال الطاقة التي تبذل ضغطًا سلبيًا تنافريًا وتتصرف مثل الجاذبية المعاكسة. اُفترضت الطاقة المظلمة لتفسير الخواص الرصدية للمستعرات العظمى البعيدة من نوع (Ia) والتي تبين أن الكون يمر بفترة توسع متسارعة. الطاقة المظلمة مثل المادة المظلمة لا تُرى مباشرةً بل نستنتجها من رصد تفاعلات الجاذبية بين الأجسام الفلكية.

تشكل الطاقة المظلمة 72% من إجمالي الطاقة والكتلة الكلية للكون. المكون الآخر المهيمن هو المادة المظلمة، وكمية صغيرة من الذرات أو (المادة الباريونية -Baryonic Matter). في عام 1998 أعلن فريقان من الفلكيين أن المستعرات العظمى من النوع (Ia) عالية الانزياح (z~1) كانت باهتةً جدًا مقارنةً مع التنبؤات النموذجية للكون المتوسع.

الطاقة المظلمة المادة المظلمة الجاذبية

الطاقة المظلمة

لكي تكون المستعرات العظمى أكثر خفوتًا يجب أن تكون أبعد وهذا يتطلب كون التوسع الكوني أبطأ في الماضي. اتفق الفريقان أن الكون يمر بطور التوسع المتسارع، والطاقة المظلمة هي المعتمدة لقيادة هذا التسارع. في بدايات القرن العشرين احتج ألبرت أينشتاين بالثابت الكوني –عادةً ما يرمز له بالحرف اليوناني لامدا Λ– لكونه طاقة التفريغ للفضاء الخالي الذي يحفظ الكون ساكنًا بدلًا من التوسع أو الانكماش –مثلما تنبأت به معادلاته للنظرية النسبية العامة– وقدم طريقةً لموازنة انكماش الجاذبية الذي تسببه المادة.

حالما لوحظ أن الكون يتوسع أزال أينشتاين الثابت الكوني مباشرةً، ومع ذلك إذا وصفت الطاقة المظلمة بشيء مشابه لثابت أينشتاين الكوني، فهذا لا يعني فقط موازنة الجاذبية للحفاظ على الكون الثابت، بل أن لديها ضغطًا سلبيًا للتسبب في تسارع التوسع الكوني. اُقترحت أنواع أخرى من الطاقة المظلمة، بما في ذلك مجال كوني مرتبط بالتضخم وحقل مختلف منخفض الطاقة يطلق عليه (الجوهر – Quintessence)، ويعتقد أن الكون في وقت مبكر جدًا قد مر أيضًا بفترة من التوسع المفاجئ الذي يدعى (التضخم – Inflation).

التضخم الذي حدث بعد حوالي (10 أس -36) ثانية بعد الانفجار الكبير أدى إلى تسوية الكون وجعله مسطحًا هندسيًا. إذا كانت كثافة الكون تساوي بالضبط الكثافة الحرجة، فإن الشكل الهندسي للكون سيكون مسطحًا مثل الورقة. بالنسبة إلى كونٍ تسيطر فيه المادة فإن الكثافة الحرجة –ما يعادل حوالي 6 بروتونات لكل متر مكعب– تقع بالضبط بين الكثافة المطلوبة للكون الثقيل الذي سينهار في نهاية المطاف والكثافة المطلوبة للكون الخفيف الذي سيتوسع إلى الأبد.

الطاقة المظلمة المادة المظلمة الجاذبية

الطاقة المظلمة

عندما يقيس علماء الفلك كمية المادة والطاقة في الكون اليوم، فإنهم لا يصلون إلا إلى حوالي 30% من المطلوب لجعل الكون مسطحًا، وإن إضافة الطاقة المظلمة إلى مجموع الطاقة والكتلة سيجعل الكون مسطحًا. أبسط نسخة من التضخم تتنبأ بأن كثافة الكون قريبة جدًا من الكثافة الحرجة.

مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية (WMAP) قام بقياس الشكل الهندسي للكون. فإذا كان الكون مسطحًا، فإن تقلبات الخلفية الكونية الميكروية الأكثر سطوعًا (أو البقع) ستكون أعلى بدرجة واحدة تقريبًا. وقد أكد مسبار ويلكينسون حجم البقعة بدقة عالية جدًا. نحن نعرف الآن أن الكون مسطح بنسبة خطأ 2% فقط.

الجوهر مستوحى من الإغريق القدماء الذين استخدموا المصطلح لوصف (العنصر الخامس) الغامض بالإضافة إلى الهواء والأرض والنار والماء. بينما يعد الثابت الكوني شكلًا محددًا من الطاقة وهي طاقة التفريغ، يعد الجوهر ديناميكيًا يتطور بمرور الوقت وهو شكل من أشكال الطاقة يعتمد على المكان. إنه أيضًا حقل كمي ذو طاقة حركية وكامنة.

الطاقة المظلمة المادة المظلمة الجاذبية

الطاقة المظلمة

اعتمادًا على نسبة الطاقتين والضغط الذي يسلطه، فإن الجوهر إما أن يكون جاذبًا أو نافرًا، ولديه معادلة الحالة (المرتبط بضغطه p وكثافته ρ) p = wρ، -w تساوي معادلة حالة مكون الطاقة المسيطر على الكون- إذا خضع w للانتقال إلى أقل من -1/3، فسيبدأ ذلك في التوسع المتسارع. على عكس ذلك، يكون الثابت الكوني ثابتًا بكثافة الطاقة الثابتة و w = -1.

هناك عدد من البرامج المستمرة التي تهدف إلى اكتشاف المزيد عن الطاقة المظلمة، وتتضمن إحدى هذه الدراسات قياس التذبذبات الصوتية الباريونية (BAO). اُقترحت عدة بدائل للطاقة المظلمة، إذ اقترح بعض العلماء أن مجرتنا تقع داخل منطقة ذات كثافة منخفضة بسبب مرور موجة الكثافة، وقد أحدث الانفجار العظيم هذه الموجة الواسعة النطاق في نسيج الزمكان.

عندما تحركت هذه الموجة البدائية خلال الكون، تركت وراءها تموجًا منخفض الكثافة يمتد لعدة عشرات من ملايين السنين الضوئية، حيث توجد مجرتنا الآن.
بينما يعد هذا ممكنًا، فإن الاختلاف في خصائص الزمان والمكان قد ينتهك مبدأ كوبرنيكوس الذي ينص على أن الكون متجانس على نطاق واسع.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: سرمد يحيى
تدقيق: رند عصام

المصدر