ارتفعت شعبية الأغذية النباتية كثيرًا في السنوات الأخيرة، وكذلك عدد الدراسات التي تدرس تأثيرها في كوكبنا. لكن لسوء الحظ، ما زالت توجد فجوات هائلة في معرفتنا المتعلقة بالآثار الصحية لهذه المنتجات، لا سيما ما يتعلق بالقيمة الغذائية للبدائل النباتية للحوم.

تحاول دراسة أجراها باحثو جامعة تشالمرز للتكنولوجيا في السويد، معالجة تلك الفجوة المعرفية، بتحليل المحتويات الغذائية لبدائل اللحوم المختلفة المتاحة. وجدت الدراسة أن العديد من المنتجات، التي تزعم احتواءها على نسب عالية من العناصر الغذائية مثل الحديد والزنك، تحتوي في الواقع على القليل جدًا من تلك العناصر، في شكل يمكن أن يمتصه الجسم بسهولة.

قالت سيسيليا ماير، المؤلفة الرئيسة للدراسة: «من بين المنتجات، وجدنا تباينًا كبيرًا في المحتوى الغذائي، ومدى استدامتها في الجسم من منظور صحي. عمومًا، كانت تقديرات امتصاص الجسم للحديد والزنك من هذه المنتجات منخفضة للغاية، إذ تحتوي بدائل اللحوم على مستويات عالية من المستخلص النباتي «الفيتات»، الذي يُعَد من مضادات التغذية التي تمنع امتصاص المعادن في الجسم».

توجد الفيتات، أو حمض الفيتيك، في الكثير من الأطعمة النباتية، متضمنةً البذور والمكسرات والحبوب والبقوليات. ترتبط الفيتات بمعادن معينة في الجهاز الهضمي، فتمنع امتصاصها في الأمعاء، ما يؤدي إلى نقص تركيز المعادن المهمة للجسم بمرور الوقت. يمثل الأمر مشكلة للأشخاص الذين يفتقر نظامهم الغذائي إلى التغذية الصحية، لكنه نادرًا ما يُعد مصدر قلق لمن يتبعون نظامًا غذائيًا صحيًا ومتوازنًا.

توضح ماير وجود تناقض بين الملصقات التعريفية للمنتجات الغذائية، والقيمة الغذائية الفعلية لتلك المنتجات، إذ تتراكم الفيتات في أثناء عملية استخلاص البروتين عند صنع بدائل اللحوم، ويتراكم الحديد والزنك أيضًا، لذلك تجد أن مستويات عالية من تلك المعادن مدرجة بين مكونات المنتج، لكن تلك المعادن توجد مرتبطةً بالفيتات، فلا يستطيع الجسم امتصاصها أو الاستفادة من قيمتها الغذائية.

درس الفريق 44 نوعًا من منتجات بدائل اللحوم، المتوفرة في السويد، لدراسة محتواها من الألياف والدهون والحديد والزنك والفيتات والملح والبروتين، إضافةً إلى الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية. أظهرت النتائج أن هذه المنتجات مصنوعة غالبًا من بروتين الصويا والبازلاء، وتتضمن أيضًا التيمبيه -منتج صويا تقليدي مصدره إندونيسيا- والبروتينات الفطرية المشتقة من فول الصويا المخمر، والفطر.

أوضح المؤلفون أن أيًا من منتجات بدائل اللحوم لا يُعد مصدرًا جيدًا للحديد، بسبب محتواها العالي من الفيتات، أو محتواها المنخفض من الحديد. من بين المنتجات التي اختبرها الباحثون، كان التيمبيه هو الأفضل فيما يتعلق بمحتواه من الحديد، إذ يقارب محتواه الفعلي المحتوى المذكور على ملصق المنتج، ويحتوي على كمية فيتات أقل مقارنةً بسائر المنتجات، وجد الباحثون أن البروتين الفطري غني بالزنك، ويحتوي أيضًا كمية أقل من الفيتات.

قد توحي النتائج بصورة سلبية غير محببة عمومًا لبدائل اللحوم. لا يوصي الباحثون بتجنب تلك المنتجات أو الامتناع عنها تمامًا، بل يقترحون أن على الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا تعويض احتياجاتهم من الحديد بواسطة مصادر أخرى، واختيار المنتجات الغذائية عالية الجودة.

قال الباحثون إن الأغذية النباتية مهمة للانتقال إلى إنتاج غذائي مستدام، وأشاروا إلى وجود إمكانيات تنموية هائلة لمنتجات بدائل اللحوم النباتية، إذ يحتاج المجال الصناعي الغذائي إلى التفكير في القيمة الغذائية لهذه المنتجات، والاستفادة من تقنيات المعالجة الغذائية المعروفة، مثل التخمير، وتحسين تلك التقنيات. لكن أيضًا يجب تطوير طرق جديدة لزيادة امتصاص الجسم للعديد من العناصر الغذائية المهمة.

اقرأ أيضًا:

كل ما تريد معرفته عن بدائل اللحوم النباتية

اللحوم النباتية أكثر صحة واستدامة من اللحوم الحيوانية

ترجمة: أليسار الحائك علي

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر