الكون يتوسع، وهذا التوسع يتسارع بمرور الزمن. أُثبِتت هاتين الحقيقتين جيدًا عبر عمليات الرصد. لكننا لا نعلم سبب هذا التوسع، يبدو شيئا غامضًا ويُعتقد بأنه طاقة غير معروفة تعمل عكس قوة الجاذبية. نُطلق على هذه الطاقة الافتراضية اسم (الطاقة المظلمة)، وقد حُسِبت لتكون 72 % من مكونات الكون بأكمله. لا نعلم حقيقتها فعلًا؛ لكن تجربة جديدة سمحت لنا باستبعاد حقيقة أخرى: كونها ليست قوة جديدة.

يقول إد كوبلاند Ed Copeland الفيزيائي في جامعة نوتنغهام : «سمحت لنا هذه التجربة التي ربطت الفيزياء الذرية بالكونيات استبعاد عدد كبير من النماذج التي كانت مقترحة لتفسير طبيعة الطاقة المظلمة، وستسمح لنا بإنشاء العديد من نماذج الطاقة المظلمة».

الكون مكان هائل ومعقد، ولكن حتى الآن تمكنا من التأكد من وجود 4 قوى أساسية تحكمه وهي: القوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية وقوة الجاذبية.

لكن هناك بعض حالات الرصد الشاذة التي لا تنسجم مع النظريات والنماذج التي تفسر طبيعة الكون الموجودة. القوة الخامسة المفترضة هي السلة المفيدة التي استخدمها العلماء لوضع هذه الحالات الشاذة.

كما هو الحال في الطاقة المظلمة، لا نعرف فعلًا حقيقة هذه القوة، لكن حالات الرصد الشاذة هذه سمحت بوضع بعض الضوابط على هذه القوة الخامسة.
في المقابل سمح هذا الموضوع بتشكيل نظريات بديلة للنسبية العامة في جهد يهدف لتفسير التسارع في تمدد للكون، من بين هذه النظريات على سبيل

المثال نظرية الحرباء chameleon theory ونظرية التناظر symmetron theory.

تجربة جديدة تضع ضوابطًا رئيسية لتفسير قوة الطاقة المظلمة القوة الخامسة في الطبيعة مصدر القوة الغامضة للطاقة المظلمة تسارع توسع الكون

اقترح بعض الفيزيائيين كذلك بأن الطاقة المظلمة قد تمثل القوة الخامسة، هذه هي الفرضية التي سعى الباحثون لاختبارها هنا.

إذا كانت هناك قوة في الكون كثافة طاقتها تمثل تقريبًا ثلاثة أرباع كثافة طاقة الكون ستظن أنه من السهل جدًا لنا اكتشافها ومراقبتها، لكن إذا كانت طبيعة تلك القوة قوة تنافر تقف بالضد من قوة الجاذبية ذات الطبيعة الجذبية سيكون من المنطقي أن تبلغ تلك القوة أضعف مستوياتها عندما تكون قوة الجاذبية أعظم ما يمكن، أين سيكون ذلك؟ بالتأكيد حول الأجرام ذات الكتل الكبيرة على سبيل المثال حول الكواكب، لذلك ستكون هذه القوة ضعيفة جدًا لتُرصد من الأرض. كذلك يُلاحَظ هذا الأمر عند إجراء تجارب على جسمين بوزن كبير جدًا. لكن بالتأكيد يمكن ملاحظتها بشكل أكبر في الفراغ.

لذلك صمم الفريق تجربة لمعرفة إذا كانوا قادرين على ملاحظة هذه القوة المعاكسة لتأثير الجاذبية في غرفة مفرغة من الهواء، إذ وضعوا كرة من الألمنيوم بوزن كبير وبحجم قطعة من الرخام وكرة أخرى أصغر بكثير مكونة من ذرات مفردة من معدن الروبيديوم – 87 واستخدموا التداخل الذري لحساب تسارع الذرة باتجاه الكتلة الأكبر.

فإذا كانت هناك قوة خامسة تنشط بين الكرة والذرة ستنحرف الذرة قليلًا عن مسارها عند مرورها بالكرة، لكن لم يُرصد انحراف كهذا ما يؤكد عدم وجود قوة غير معروفة داخل الغرفة.

لا يعني هذا عدم وجود قوة خامسة على الإطلاق، لكنه يعني بأن هذه الضوابط يمكن أن توضح ماهية القوة الخامسة أو ماهية الطاقة المظلمة. وهذا بدوره يعني أنه يمكن لهذه الضوابط أن تنطبق على نظريات الحرباء والتناظر أيضًا.

يشبه الأمر ممارستك للنسخة الكونية من لعبة الفوازير ((Guess Who? مكتشفًا أولًا السؤال المناسب لطرحه ثم معرفة كيفية طرحه، لحصر وتضييق دائرة الخيارات المطروحة.

يقول إد هيندز Ed Hinds الفيزيائي في الكلية الملكية في لندن: «سيكون من المثير جدًا أن نكون قادرين على اكتشاف شيء حول تطور الكون عبر تجربة مختبرية في قبو لندني».

اقرأ أيضًا:

دراسة مثيرة تكشف أن المادة المظلمة ربما تكون أقدم من الانفجار العظيم

المادة المظلمة – الأحجية الكونية التي حيرت العلماء

ترجمة: رياض شهاب

تدقيق: عبد الرحمن بن خليفة

مراجعة: نغم رابي

المصدر