بغض النظر عما إذا كنا في غرفة المعيشة أو نحلق في مدارات تعلو الأرض بآلاف الكيلومترات، عندما تنادينا الطبيعة علينا التلبية، لكن عند انعدام الجاذبية، أمر بسيط وهين مثل الذهاب إلى الحمام سيمثل تحديًا كبيرًا، مجرد الإمعان في التفكير أن رائد الفضاء يستخدم مرحاضًا عاديًا ويصرفه أمر مثير للاشمئزاز، لذا كيف يقضي رواد الفضاء حاجتهم في الفضاء؟

تأتي كل مركبة فضائية مجهزة بمرحاض للجنسين، مع أن المرحاض على المركبة يبدو إصدارًا عالي التقنية من نظيره على الأرض إلا أنه مصمم تصميمًا يشوبه اختلاف طفيف عن نظيره الأرضي، وثمة قمع مصمم ليتلاءم والأعضاء التناسلية للرجال وآخر للنساء ليسنح لهما بالتبول واقفين.

لمنع رواد الفضاء من الطفو بعيدًا في بيئة منعدمة الوزن، يأتي المرحاض مزودًا بمساند للقدم (للجلوس) ومسند لإصبع القدم لمنع انزلاق القدمين (للوقوف). يحتوي المرحاض أيضًا على مسند فخذ مماثل لتلك التي تُوضع فوق الذراعين في الأفعوانية وتوجد مثبتات قماش تدور حول الفخذين.

للتأكد من أن النفايات لا تطفو أيضًا، يستخدم المرحاض تدفق الهواء بدلًا من الماء لشطف المرحاض. يسحب الهواء الفضلات بعيدًا عن جسم رائد الفضاء ويطردها بعيدًا. بعد تنقية الهواء لإزالة البكتيريا والروائح، يُرجع إلى حجرة المعيشة.

لكن أين تذهب كل النفايات؟ لن يندفع إلى الغلاف الجوي للأرض وعبر أسقف منازلنا. تُجفف النفايات الصلبة لإزالة كل الرطوبة، وضغطها وحفظها في حاوية تخزين على متن الطائرة. يتخلص منها بمجرد هبوط المركبة الفضائية. تُرسل النفايات السائلة إلى الفضاء.

في محطة الفضاء الدولية، يُعاد تدوير النفايات السائلة عن طريق محطة خاصة لمعالجة المياه وإعادتها إلى مياه الشرب. توضع النفايات الصلبة في كيس بلاستيكي. في كل مرة يذهب فيها شخص ما إلى الحمام، تنغلق الحقيبة وتغلق مثل ضاغطة القمامة. تُجمع الأكياس وتوضع في مركبة خاصة تُطلق في الفضاء.

يصبح الذهاب إلى الحمام أكثر صعوبة عندما يتجول رواد الفضاء خارج مركبتهم الفضائية. نظرًا لأنهم لا يستطيعون ببساطة إسقاط بدلة الفضاء الخاصة بهم والذهاب، يستخدم رواد الفضاء عادةً الحفاضات الخاصة بالبالغين فائقة الامتصاص. هذه الحفاضات قادرة على تحمل ما يصل إلى ربع جالون من السائل. يستخدم رواد الفضاء حفاضات للكبار في أثناء الإقلاع والهبوط أيضًا. بعد السير في الفضاء، يزيل رواد الفضاء الحفاضات ويتخلصون منها في منطقة تخزين بالمركبة.

ولكن كيف يؤدي رواد الفضاء وظائف يومية أخرى مثل الأكل والنوم؟ كيف يحافظون على نظافتهم؟

الحياة في الفضاء

إضافة إلى استخدام الحمام بانتظام، يحتاج رواد الفضاء إلى القيام بنفس الأشياء التي يقومون بها على الأرض، بما في ذلك الأكل والنوم. بالطبع في الفضاء، فإن انعدام الجاذبية يجعل الأنشطة اليومية ليست عادية.

مع عدم وجود ثلاجة على متن المركبة الفضائية للحفاظ على الطعام طازجًا (مع أن محطة الفضاء الدولية لديها الآن ثلاجات)، فإن معظم الأطعمة تكون مجففة ومختومة في أكياس لمنع البكتيريا والكائنات الأخرى من النمو. يضيف رواد الفضاء الماء إلى الطعام لتليينه بما يكفي لتناوله. تُتجنب بعض الأطعمة تمامًا لأنها على الرغم من كونها غير ضارة تمامًا على الأرض، إلا أنها قد تكون خطيرة في الفضاء. فعلى سبيل المثال، يمكن للفتات أن يطفو ويستنشقه رواد الفضاء، كما قد يسبب الطعام الساخن حروقًا شديدة إذا طاف على الجلد المكشوف.

يقوم رواد الفضاء بربط أنفسهم على طاولة ذات قيود خاصة في أثناء تناول الطعام، كما يحتاجون أيضًا إلى تقييد أنفسهم في أثناء النوم لاجتناب الطفو. تتكون منطقة النوم عادة من أسرّة مع أكياس نوم متصلة بالحائط.

عند الحاجة للاستحمام يأخذ رواد الفضاء عادةً حمامات إسفنجية، بسبب الرائحة الكريهة التي تخلفها البدلات الفضائية بسبب ضيق المكان. يستخدمون منشفة مبللة والصابون لغسل أنفسهم بقطعة قماش مبللة.

تأتي بعض المركبات الفضائية مجهزة بدش خاص، مصنوع من أسطوانة بلاستيكية يبلغ قياسها نحو ثلاثة أقدام. الدش محاط بالكامل بغطاء يمتد من الأرضية إلى السقف لمنع الماء من الطفو بعيدًا. يرش رواد الفضاء أنفسهم بالماء من الخرطوم واستخدام آخر لامتصاص كل الماء من جلدهم ومن حول الحمام.

اقرأ أيضًا:

أغرب سبع تجارب نفذها البشر في الفضاء

ترجمة: مي مالك

تدقيق: طارق طويل

مراجعة: مازن النفوري

المصدر