يشغل فيروس كورونا الجديد أذهاننا جميعًا، ومن المثير للاهتمام أن نسمع الناس يستخدمون بعض المصطلحات الاختصاصية التي تُستخدم يوميًا من قبل الاختصاصيين في علم الأوبئة في أعمالهم، مثل الحجر الصحي quarantine، وناقل العدوى الفائق super spreader، وعدد التكاثر reproductive number. لكننا أيضًا نسمع مقدمي الأخبار ومختلف الأشخاص يخلطون بين ثلاث كلمات مهمة: الفاشية «تفشي المرض» outbreak، والوباء epidemic، والجائحة pandemic.

فما الفرق بين هذه المصطلحات الثلاثة؟

الفاشية:

تعلّم علماء الأوبئة بواسطة تتبع الأمراض عبر الزمن ومختلف المساحات الجغرافيّة كيفية التنبؤ بعدد حالات الأمراض التي سوف تحدث عادةً خلال فترة محددة الزمان والمكان وعدد السكان. تفشي المرض هو حدوث زيادة ملحوظة وصغيرة أحيانًا في العدد المتوقع من حالات الإصابة بالمرض.

لفهم ذلك، تخيل حدوث ارتفاع غير عادي في عدد الأطفال الذين يعانون من الإسهال في مراكز الرعاية النهارية. قد يُصاب طفل أو طفلين نموذجيًا خلال أسبوع، لكن إذا أُصيب 15 طفلًا في آن واحد بالإسهال في مركز للرعاية النهارية، فهذا يُعد تفشيًا للإسهال.

عندما يظهر مرض جديد، تكون حالات التفشّي أكثر وضوحًا لأن العدد المتوقع من الحالات المرضية الناجمة عن هذا المرض يكون معدومًا. مثال على ذلك، مجموعة حالات ذات الرئة pneumonia التي ظهرت بشكل غير متوقع بين رواد السوق في مدينة ووهان الصينية. عرف المسؤولون عن الصحة العامة أن هذا الارتفاع في حالات ذات الرئة شكّل تفشيًا لنوع جديد من فيروس كورونا «الفيروس التاجي»، يُسمى الآن باسم (سارس-كوف-2/ SARS-CoV-2).

ستبدأ السلطات الصحية المحلية –بعد كشفها لتفشي المرض– بإجراء الاستقصاءات اللازمة لمعرفة الأشخاص الذين أُصيبوا بالضبط وكم بلغ عددهم، بهدف الوصول إلى أفضل الطرق للسيطرة على الفاشية ومنع حدوث المزيد من الإصابات.

الوباء:

الوباء هو تفشٍ للمرض لكن على مساحة جغرافيّة أكبر.

عندما ظهر أن نتائج الفحوصات التي أُجريت على الأشخاص الذين يسكنون خارج مدينة ووهان كانت إيجابية تجاه العدوى بفيروس سارس-كوف-2 (الذي سبب المرض المعروف باسم كوفيد-19)، عرف علماء الأوبئة أن الفاشية بدأت بالانتشار، ما يدل على أن الجهود التي بُذلت للسيطرة على الفاشية لم تكن كافية أو جاءت متأخرة للغاية.

كان هذا الشيء متوقعًا؛ نظرًا لعدم توفر علاج أو لقاح للفيروس بعد. يدل انتشار فيروس كوفيد-19 في جميع أرجاء الصين على أن الفاشية في مدينة ووهان قد تطورت إلى وباء.

الجائحة:

عند امتداد الوباء إلى بلدان أو مناطق عديدة في العالَم، يُعد ذلك جائحة. مع ذلك، لا يصنف بعض علماء الأوبئة الحالّة على أنها جائحة إلا عندما يستمر المرض بالظهور في بعض المناطق المصابة والمتأثرة حديثًا بواسطة الانتقال المحلي.

ما الفرق بين الجائحة والوباء والفاشية - الحجر الصحي - ناقل العدوى الفائق - عدد التكاثر - الحد من فيروس كوفيد-19 - انتشار فيروس الكورونا

مثال على ذلك، عندما يعود المسافر المريض الذي يحمل فيروس كوفيد-19 إلى الولايات المتحدة من الصين، فإنه لا يُسبب جائحةً، لكن بمجرد أن ينقل العدوى إلى بعض أفراد العائلة أو الأصدقاء، فإن هذا سيُسبب جدلًا.

إذا ظهرت فاشيات محلية جديدة، فإن علماء الأوبئة سيتفقون على أن الجهود المبذولة لمنع انتشار هذه الفاشيات عالميًا قد باءت بالفشل، وسيعدّون الحالة الجديدة بمثابة جائحة.

يهتم علماء الأوبئة أساسًا بالوقاية من الأمراض، الأمر الذي يختلف في الواقع عن الاهتمامات الواسعة للحكومات أو المنظمات الصحية الدولية.

أعلنت منظمة الصحة العالمية تصنيف فيروس كورونا الجديد «كوفيد-19» جائحةً، بعد أن صُنف خطر انتشاره العالمي سابقًا على أنه مرتفع جدًا. توجد قرابة 120,000 حالة في نحو 114 دولة (حتى تاريخ كتابة المقال)، ووُثق انتشار الفيروس في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، ما يدعم تصنيفه جائحةً.

يتوجب على الحكومات والوكالات ومنظمات المساعدة في جميع أنحاء العالم العمل على الحد من فيروس كوفيد-19 -أو أي مرض مُعدٍ آخر- بعد إعلان تصنيفه رسميًا على أنه جائحة، وسيتبعه آثارٌ اقتصادية وسياسية واجتماعية على مستوى العالم.

لا داعي للخوف بعد صدور هذا الإعلان الرسمي، ويجب ألا يدفعك ذلك إلى تخزين الأقنعة الجراحية «الكمامات»؛ فهذا لا يعني أن الفيروس أصبح مُعدِيًا أكثر أو أكثر فتكًا، ولا أن خطر إصابتك أصبح أكبر، لكن سيكون ذلك حدثًا تاريخيًا.

اقرأ أيضًا:

كيف تستعد مع عائلتك في المنزل لمواجهة تفشي فيروس في بلادك؟

مقارنة بين فيروس كورونا الجديد وفيروس الإنفلونزا: أيهما أخطر؟

ترجمة: يوسف الجنيدي

تدقيق: نغم رابي

المصدر