هل الأطفال الذين يتربون لدى عائلات مثلية (والدين أو والدتين) أكثر عرضة للمشاكل النفسية؟ هل حياتهم العائلية غير سعيدة مع والديهم؟ هل علاقاتهم غير جيدة مع أصدقائهم؟ هل هم أكثر عرضة لأن يكونوا مثليين؟

الجواب البسيط هو لا، لكن لنكتشف المزيد من التفاصيل والإجابات على هذه الأسئلة في المقال التالي.

هناك العديد من أشكال العائلات التي يرأسها أحد الوالدين مثليي الجنس من الذكور أو الإناث أو الزوجين من نفس الجنس.

وتشير النتائج التي توصلت إليها الأبحاث إلى أن الأطفال ذوي الآباء أو الأمهات المثليين لديهم نتائج مشابهة للأطفال الذين لديهم والدان مغايران جنسيًا من حيث التنمية النفسية الاجتماعية الرئيسية.

وكما يملك الأطفال لوالدين مثليين حياة أسرية مشابهة للأطفال في العائلات المغايرة جنسيًا.

(مثلي تعني من نفس الجنس أي رجل ورجل أو امرأة وامرأة أما غيري تعني من جنسين مختلفين أي رجل وامرأة).

هناك بعض الاعتبارات الخاصة على سياق الأبوة والأمومة مثلية الجنس: التباين في أشكال الأسرة، وعي الأطفال للعلاقات المثلية، ورهاب المثلية.

وسيُقسم البحث إلى أربعة أقسام رئيسية للتحدث عن أربعة مواضيع رئيسية، وهي تأثير الحياة مع والد أو والدين مثليين على:

  1.  العلاقات الأسرية
  2.  التطور والتأقلم النفسي الاجتماعي
  3.  العلاقات مع الأقران والأصدقاء
  4.  الميول الجنسية والتطور الجنسي لهؤلاء الأطفال

كمخلص لما سيلي، لم تجد الأبحاث فرقًا بين الأطفال في عائلة مثلية وعائلة غيرية بالنسبة للمتغيرات الأربعة السابقة لكن سنتحدث عن التفاصيل فيما يتعلق بذلك.

وقبل أن نبدأ بالتحدث عن هذه النتائج يجب التحدث عن أشكال العائلة المثلية.

العائلة المثلية قد تتكون من أم مثلية أنجبت طفلًا أو أطفالًا من خلال علاقة زوجية مع رجل ثم اكتشفت ميولها المثلية وانفصلت عن زوجها واختارت تربية طفلها أو أطفالها أو بقيت على تواصل مع الأطفال الذين تتم تربيتهم من قبل الأب.

(هنا الأم المثلية قد تكون وحيدة أو على علاقة بامرأة مثلية أو متزوجة من امرأة مثلية وذلك بعد انفصالها عن زوجها).

أو تتكون من أب مثلي أنجب طفلًا أو أطفالًا من خلال علاقة زوجية مع امرأة ثم اكتشف ميوله المثلية وانفصل عن زوجته.

ويبقى الأطفال في هذه الحالة غالبًا مع الأم ولكن قد يبقى الأب على اتصال مع أطفاله ليزورهم من حين لآخر أو في حالات استثنائية يربيهم لديه (هنا الأب المثلي قد يكون وحيدًا أو على علاقة برجل مثلي أو متزوج من رجل مثلي وذلك بعد انفصاله عن زوجته) والأبحاث عن هذه الحالة قليلة لأن الأب لا يعيش مع أطفاله عادةً.

أو تتكون من امرأتين مثليتين قررتا بناء عائلة فتبنتا أطفالًا أو أنجبتا أطفالًا عن طريق استخدام نطاف رجل آخر.

(والأبحاث عن هذه الحالة قليلة أيضًا بسبب حداثة هذا النمط من العائلة وعدم سماح القانون له في السابق، فهذا النمط من الدراسات يحتاج لمتابعة طويلة تصل إلى 18-20 سنة لمعرفة النتائج البعيدة على الأطفال).

أو رجلين مثليين قررا بناء عائلة فتبنيا أطفالًا أو أنجبا أطفالًا عن طريق استخدام رحم امرأة أخرى ونطاف أحد الرجلين (وهذه المجموعة هي الأقل في الأبحاث بين المجموعات السابقة لصعوبة الحصول على عينة مناسبة).

وتظهر الحاجة هنا إلى مزيد من الأبحاث لكننا سنلخص نتائج الأبحاث الموجودة حاليًا والتي هي ليست بالقليلة.

فهذا البحث هو مراجعة لكل المقالات المنشورة عن هذا الموضوع بين عامي 1978 و2004 ويتضمن 100 ورقة بحثية.

العلاقات الأسرية:

كيف يكون وضع الأطفال في الأسر التي يقودها مثلي أو مثلية الجنس؟ هل لدى الأطفال علاقات وثيقة مع الأمهات المثليات أو الآباء مثليي الجنس؟

الأم المطلقة مثلية الجنس

أجمعت الدراسات أنه لا توجد اختلافات منهجية في نوعية العلاقات الأسرية بين أطفال الأمهات مثليات الجنس والأطفال الذين يعيشون مع الأمهات المطلقات غيريات الجنس.

وبشكل عام عبَّر أبناء وبنات الأم المثلية عن علاقات أكثر إيجابية مع شريكة أمهم الجديدة مقارنة مع أولاد الأم مغايرة الجنس.

الأب المطلق مثلي الجنس

الأدلة الحالية تفترض أن الأبوة من الآباء المطلقين مثليي الجنس تشبه تلك من الآباء المطلقين المغايرين جنسيًا.

فالآباء مثليو الجنس والآباء المغايرون جنسيًا عبَّروا عن أسباب مماثلة لسبب رغبة الواحد منهم بأن يصبح أبًا.

كل من الآباء مثليي الجنس والآباء المغايرين جنسيًا كانوا من الآباء غير المقيمين مع أطفالهم وذكروا درجات مماثلة من المشاركة في أنشطة أطفالهم.

العائلة المكونة من امرأتين مثليتين جنسيًا

أبلغت الأمهات عن علاقات إيجابية مع أطفالهن وبالمقارنة مع الأمهات المغايرات جنسيًا، ذكرت الأمهات المثليات صفع أطفالهن بمعدل أقل ومشاركة أكثر في اللعب المنزلي.

وقد يقول البعض أن نشوء الأطفال في جو مثلي تمامًا قد يؤثر على الأطفال لكن باترسون وزملاؤه وجدوا أن معظم الأطفال في الأسر التي تقودها أمهات مثليات في عينتهم كانوا على اتصال منتظم مع الأجداد والأقارب الآخرين والأصدقاء الذكور والإناث من أسرهم.

العائلة المكونة من رجلين مثليين جنسيًا

لا يوجد أبحاث منشورة عن هذا الموضوع.

التطور النفسي والاجتماعي

يُستخدم لتقييم ذلك فحوص الذكاء، علامات وأداء الأطفال في المدرسة، تقارير المدرسين، والشعور الشخصي بالرضى عن الذات.

ولم يجد الباحثون اختلافًا بين الأطفال لعائلات مثلية وأطفال العائلات الغيرية في النواحي السابقة.

لكن الأطفال في العائلات التي يغيب فيها الأب الذكر تكون أقل ثقة في مهاراتهم البدنية والمعرفية أو القدرات الأكاديمية مقارنة بالأطفال الذين لديهم أب في العائلة، على الرغم من عدم وجود فروق يمكن ملاحظتها بين الأطفال في الأسر التي تديرها أم مثلية وبين الأم الغيرية المُطلَّقة.

العلاقات مع الأقران والأصدقاء

 الأم المطلقة مثلية الجنس:

دراسات قليلة بحثت في جودة العلاقات بين الأقران عند الأطفال الذين تربوا من قبل أمهات مثليات بعد الطلاق الأبوي.

ولم يعثر غولومبوك وزملاؤه على أي اختلافات في نوعية الصداقات التي يعاني منها الأطفال الذين نشأوا في أسر مثلية أو غيرية بعد الطلاق.

وعندما سُئل الشباب البالغون بشكل عام من عائلات الأم المثلية ما إذا كانوا قد تعرضوا للمضايقة أو التخويف خلال دراستهم الثانوية، لم يكونوا أكثر عرضة من أولئك الذين ينتمون إلى أحد الوالدين المغايرين المطلقين للإبلاغ عن وجود وصمة العار خلال مرحلة المراهقة.

ورغم ذلك، فإن أولاد الأمهات المثليات وخاصة الذكور مالوا إلى تذكُّر مضايقة أصدقائهم حول حياتهم الجنسية الخاصة أكثر من أولئك في مجموعة المقارنة.

وقد كانوا إما قد تعرضوا بالفعل لمضايقات أكثر أو قد تذكَّروا هذه المضايقات أكثر من ذلك المرجح من البالغين في مجموعة المقارنة نظرًا لارتباطه بالخلفية العائلية (أي أنه قد يكون عدد المضايقات ذاته لكن أبناء الأمهات المثليات كانوا أكثر حساسية لتذكُّر هذه الحوادث).

وفي دراستين أخيرتين، كانت المخاوف حول فقدان الأصدقاء و«الحكم» هي مخاوف مشتركة للأطفال المراهقين.

ومع ذلك، لا توجد حوادث محددة أبلِغ عنها من قبل أبناء وبنات الأمهات المثليات أثناء مقابلتهم.

الأب المُطلِّق مثلي الجنس:

معظم الآباء في هذه المجموعة اتخذوا إجراءات احترازية بعدم إخبار أطفالهم أو عدم إظهار أفعال توضِّح ميولهم الجنسي كي يجنب أطفالهم أي مشاكل قد يتعرضون لها.

وقد اختار أطفال هؤلاء أصدقاءهم الذين يثقون بهم لإخبارهم بأن آباءهم مثليو الجنس.

العائلة المكونة من امرأتين مثليتين جنسيًا:

إلى الآن الأدلة المتوافرة على علاقة أطفال امرأتين مثليتين جنسيًا مع أصدقائهم محدودة لكنها تشير إلى أنه لا فرق بين هؤلاء الأطفال والأطفال في عائلات مؤلفة من والدين غيريين.

العائلة المكونة من رجلين مثليين جنسيًا:

لا أدلة متوفرة عن هذا الشكل من العائلات.

الميول الجنسية والتطور الجنسي لهؤلاء الأطفال:

وجود والد مثلي (أم أو أب) لا يبدو أنه يؤثر على تطور الدور الجنسي عند الأطفال، والأغلبية الكبيرة من أبناء وبنات الآباء أو الأمهات مثليات الجنس يعرفون أنفسهم أنهم غيريون (غير مثليين).

فأن يُربى الشخص من قبل والد مثلي قد يرتبط بتوسيع نظرته كشاب في الهويات الجنسية المحتملة.

الأب المُطلَّق مثلي الجنس:

تأتي بيانات حول السلوك الجنسي لأطفال الآباء مثليي الجنس من مسح صغير من الآباء مثليي الجنس.

وأكثر من 90٪ من الأبناء قال عنهم الآباء بأنهم مغايرو الجنس (غير مثليين)، مع 9 ٪ فقط من الأبناء مثليي أو ثنائيي الجنس.

ولا شيء من العوامل البيئية التالية وجِد فيها اختلاف بين من هو غيري ومن هو مثلي أو ثنائي الجنس (بمعنى آخر لا دور للعوامل التالية في تحديد المثلي من الغيري) – وهي: عدد السنوات التي عاشها الأولاد مع الآباء، وتيرة الاتصال مع الآباء، قبول الأبناء الحالي لهوية آبائهم المثلية، أو نوعية علاقة الأب مع الابن البالغ.

وبناءً على ذلك فإن التفسير الأكثر معقولية لنسبة الأبناء مثليي الجنس وثنائيي الجنس التي حُدِّدت (والتي هي أكثر بقليل من المعتاد)، بأن هناك تأثيرًا صغيرًا للوراثة.

(انتقال صفة المثلية من الآباء المثليين إلى جزء صغير من أبنائهم لأن دور الوراثة حتى الآن غير واضح ومعقد).

الأم المُطلَّقة مثلية الجنس:

لا فرق بين هؤلاء الأطفال والأطفال في عائلات مؤلفة من والدين غيرين.

العائلة المكونة من امرأتين مثليتين جنسيًا:

لا دليل على وجود اختلاف بين أبناء امرأتين مثليتين جنسيًا وأبناء والدين غيرين لكن هناك الحاجة إلى مزيد من الدراسات ومتابعة الأطفال الذين خضعوا للدراسة إلى نهاية مراهقتهم.

العائلة المكونة من رجلين مثليين جنسيًا:

لا أدلة متوفرة عن هذا الشكل من العائلات.

في النهاية ختم كاتب الدراسة بما أكدت عليه الجمعية الأمريكية للأطفال: «تُظهِر بيانات واسعة متاحة من أكثر من 30 عامًا من الأبحاث أن الأطفال الذين يتربون لدى آباء وأمهات مثليي الجنس يُبدُون المرونة فيما يتعلق بالصحة الاجتماعية والنفسية والجنسية رغم الفوارق الاقتصادية والقانونية والوصمة الاجتماعية.

وأثبتت دراسات عديدة أن رفاهية الأطفال تتأثر بعلاقاتهم مع والديهم، وبشعور والديهم بالكفاءة والأمن، ووجود دعم اجتماعي واقتصادي للعائلة أكثر مما يتأثر بجنس أو الميول الجنسية لوالديهم.

ويُضاف عدم وجود فرصة للأزواج من نفس الجنس للزواج إلى ضغوط العائلة، الأمر الذي ينعكس على صحة ورفاهية جميع أفراد الأسرة.

لأن الزواج يُقوي العائلات، وهذا يفيد بتطور الأطفال، فيجب ألا يكون الأطفال محرومين من السماح لوالديهم بالزواج.

هناك العديد من العوامل التي تحمل مخاطر على التطور السليم للأطفال، مثل الفقر والاكتئاب الوالدي، تعاطي المخدرات، الطلاق، والعنف المنزلي، ولكن التوجه الجنسي للوالدين ليس واحدًا منهم.

وقد قيَّمت العديد من الدراسات التطور النفسي والاجتماعي للأطفال لوالدين مثليي الجنس وكانت النتائج أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي وقوة العلاقات بين أفراد الأسرة هي متغيرات أكثر أهمية بكثير من الجنس أو التوجه الجنسي في التأثير على تطور الطفل ورفاهه».