يعمل المهندسون النوويون على تسخير الطاقة الصادرة من المفاعلات النووية، إذ يتعامل مجال عملهم مع تطبيقات الطاقة النووية في مختلف الظروف، مثل محطات توليد الطاقة النووية، ونظام الدفع البحري، ومعدات الفحص الطبي مثل آلات التصوير بالرنين المغناطيسي، وإنتاج الطعام، والأسلحة النووية، ومرافق التخلص من النفايات النووية.

في حين يتفرع المجال لعدد كبير من التخصصات الفرعية، يظل تطور تخصص محطات الطاقة النووية هو التطور الأهم. تزود محطات الطاقة النووية حاليًا العالم بـ 13% من إجمالي الطاقة الكهربية، ووفقًا للجمعية الأمريكية للمهندسين، يوجد في الخدمة ما يزيد على 430 محطة طاقة نووية في 31 دولة حول العالم، منها 100 محطة في الولايات المتحدة.

دقت ساعة العصر النووي سنة 1939 عندما شطر عالمان فيزيائيان ألمانيان، وهما أوتو هان وفريتز ستراسمان، ذرة يورانيوم. وبعدها، لاحظت الفيزيائية النمساوية ليز مايتنر أن ذلك الانشطار يبعث الطاقة. ما أوحى أن ألمانيا تحظي بإمكانية تطوير قنبلة نووية، في تلك الأثناء كانت الولايات المتحدة تعمل على مشروع سري للغاية وهو مشروع مانهاتن المعني بصناعة قنبلة ذرية، وفي أعقاب نجاح ذلك المشروع، وقع الحدث الأشهر وهو إلقاء القنبلتين النوويتين على اليابان، ما أنهى الحرب العالمية الثانية.

في أثناء الحرب وبعدها، ساهم العديد من الفيزيائيين مساهمةً هائلة في تطوير النظرية الذرية، ووضع بعضهم النظرية قيد التجربة، ما يجعلهم –مع أن التسمية لم تكن معروفة آنذاك- أوائل المهندسين النوويين.

من أوائل أعلام العصر النووي:

  •  ليو زيلارد، باحث في مشروع مانهاتن، ساهم في بناء أول مفاعل نووي.
  •  إنريكو فيرمي، عمل على أول تفاعل تسلسلي نووي ذاتي الاستدامة.
  •  إرنست لورانس، اخترع المسرع الدوراني، وهو نوع من مسرع الجسيمات المشحونة.
  •  روبرت أوبنهايمر، قاد الفريق المُصنّع لأول قنبلة ذرية.
  •  والتر زين، أشرف على بناء أول مفاعل نووي تجريبي.
  •  إدوارد تيلر، في تطوير القنبلة الهيدروجينية الأمريكية.
  •  أندريه ساخاروف، طور القنبلة الهيدروجينية للاتحاد السوفيتي.

عقب الحرب، اكتشف الفيزيائيون الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، فأسست الولايات المتحدة العديد من المعامل الوطنية، مثل مختبرات لوس ألاموس وأوك ريدج و لورانس ليفرمور وأرجون. ومع أن تلك المراكز أُرسيت بهدف تطوير البرنامج النووي الأمريكي، فقد تطرقوا إلى مواضيع أخرى من البحث مثل تطوير الطاقة النووية والدفاع الاستراتيجي والحواسيب الفائقة ومسرعات الجسيمات واتفاقية البحث والتطوير التعاوني مع الصناعات الخاصة.

كان للجيش الأمريكي والبحرية تأثيرًا هائلًا في تقدم الهندسة النووية، إذ ساهمت القوات المسلحة في توليد الطاقة النووية. دعم الأميرال هايمان ج. ريكفر المعروف بأبي البحرية النووية إنتاج الغواصة يو إس إس نوتيلوس النووية، التي أُنشئت سنة 1951 ودخلت الخدمة سنة 1954. رأس ريكفر برنامج الغواصة النووية، وأشرف على مدار ثلاثة عقود على تصميم عشرات الغواصات وحاملات الطائرات العاملة بالطاقة النووية.

رغم الإنجازات، لحق بالهندسة النووية أيضًا عدد من الإخفاقات الكارثية، من أشهرها حادث محطة الطاقة النووية في جزيرة الأميال الثلاثة بولاية بنسلفانيا، ومحطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في أوكرانيا -الاتحاد السوفيتي سابقًا- وكارثة محطة فوكوشيما داي إتشي للطاقة النووية في اليابان.

من هو المهندس النووي؟

وفقًا لمكتب الولايات المتحدة لإحصائيات العمل (BLS)، يعمل نحو ثلث المهندسين النوويين في الولايات المتحدة في مجال توليد الطاقة الكهربائية، ويشمل المستفيدون من هذا المجال مقاولي البناء ومصنعي معدات التصنيع ومعدات المستشفيات والعيادات ومقاولي وزارة الدفاع وصناعة الأسلحة وعملائهم من الموظفين الحكوميين. يعمل المهندسون النوويون في العديد من المؤسسات الحكومية، مثل مرافق الرعاية الصحية والهيئات التنظيمية والمختبرات الوطنية والجيش.

تتضمن واجبات المهندس النووي:

  •  تطوير المعدات النووية، مثل تطوير قلب المفاعلات والوقاية من الإشعاع.
  •  مراقبة تصميم المحطة النووية وبنائها وعملياتها للتحقق من توافق المحطات مع معايير السلامة.
  •  وضع تعليمات التعامل مع النفايات النووية والتخلص منها.
  •  اختبار طرق استخدام المواد النووية ومعالجة الوقود النووي والتخلص من النفايات النووية.
  •  اتخاذ الإجراءات التصحيحية أو إصدار أوامر إغلاق المصنع في حالات الطوارئ.
  •  فحص الحوادث النووية وجمع البيانات المتاحة للوقاية من الحوادث المستقبلية.

تعد السلامة من المهام الأساسية للمهندسين النوويين، فوفقًا لدورة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حول أمان المفاعلات النووية، فإن المهندسين النوويين مسؤولون عن منع الحوادث، بتصميم محكم للمفاعلات وغيرها من تطبيقات الطاقة النووية والتدريب الملائم، فتكون الحماية بواسطة أنظمة المراقبة والتحكم وأنظمة الإغلاق والتبريد النشطين، وتخفف الآثار المحتملة للحد من العواقب بواسطة أنظمة السلامة المعدة هندسيًا. يقع على عاتق المهندسين النوويين مسؤولية ضمان التعامل الآمن مع المواد المشعة وفقًا لعدد كبير من اللوائح الفيدرالية، وتتضمن هذه المسئولية مراقبة تعرض العاملين في المنشآت النووية أو المرضى وموظفي مرافق الرعاية الصحية للإشعاع النووي.

تتطلب الهندسة النووية العديد من المهارات الأساسية، لا سيما الفهم المتعمق للفيزياء النووية والكيمياء النووية والرياضيات والعناصر الكيميائية وموادها. ويتزايد اعتماد المهندسون النوويون على أنظمة التصميم بمساعدة الحاسوب (CAD) لتصميم الأنظمة والمعدات، ويجب أن يكونوا على دراية بمعدات التحكم المحوسبة للمفاعلات والمسرعات، وعمليات المحاكاة الحاسوبية لنمذجة مجموعة متنوعة ومختلفة من الأنظمة والمعدات.

راتب المهندس النووي:

تتطلب معظم وظائف الهندسة النووية على الأقل درجة البكالوريوس في الهندسة. وقد يطلب بعض أرباب العمل شهادة مهندس محترف وشهادة من لجنة الهندسة المهنية للجمعية النووية الأمريكية. وغالبًا ما تتطلب الترقية إلى الإدارة درجة الماجستير، ويحتاج المهندسون إلى تعليم وتدريب مستمرين لمواكبة التطورات التكنولوجية، واختبار المعدات ومراقبتها، وأجهزة الحاسوب وبرامجه، واللوائح الحكومية.

يحصل مهندس نووي حديث التخرج حاصل على درجة البكالوريوس وسطيًا على راتب يتراوح من 58,138 إلى 80,612 دولار. حال كان المهندس حاصلًا على درجة الماجستير مع خبرة 5- 10 سنوات فيبلغ راتبه 75,157 إلى 117,138 دولار. أما المهندس الحاصل على الماجستير أو الدكتوراه مع خبرة أكثر من 15 عامًا فيبلغ راتبه 97,012 إلى 145,880 دولار، ويترقى العديد من المهندسين ذوي الخبرة الحاصلين على درجات علمية عالية إلى مناصب إدارية، ما يمكنهم من كسب المزيد من المال.

مستقبل مهنة الهندسة النووية

بلغ نمو توظيف المهندسين النوويين نسبة 9% بين عامي 2012 و2022، بمعدل يقارب نمو أكثر الوظائف الشائعة، قد تكون نزعة التوظيف في توليد الطاقة مواتية بسبب ظروف المهنة نفسها، إذ تتطلب تحديث أنظمة الأمان في محطات الطاقة على نحو مستمر. تتوفر العديد من الفرص للمتقدمين المؤهلين تأهيلًا عاليًا، خصوصًا من واكبوا واستمروا بالاطلاع على أحدث التطورات في التكنولوجيا واللوائح، وتمنح التقديرات الدراسية العالية الممنوحة من مؤسسات تعليمية ذات تصنيف عال ميزةً تنافسية للمتقدم للعمل.

اقرأ أيضًا:

هل تكون الطاقة النووية منقذ عالمنا الوحيد؟

ما مستقبل الطاقة النووية وكيف ستتم إدارتها؟

ترجمة: مي مالك

تدقيق: أسعد الأسعد

المصدر