علماء يصنعون أول كيوبت من المادة المضادة!

14 نوفمبر 2025
23 مشاهدة
0 اعجاب

علماء يصنعون أول كيوبت من المادة المضادة!


 

مع أن الكيوبت المصنوع من المادة المضادة لن يُستخدم في الحوسبة الكمومية، فإنه سيُستخدم لاختبار الفروقات بين المادة والمادة المضادة.


نجح فيزيائيون في منظمة سيرن -مقر مصادم الهادرونات الكبير- لأول مرة في تصنيع كيوبت من المادة المضادة، وذلك بالاحتفاظ بجسيم بروتون مضاد في حالة من التراكب الكمومي مدةً تقارب دقيقة كاملة.


تحقق الإنجاز بفضل جهود علماء تعاون (بيس)، اختصار لتجربة تناظر الباريون-أ، الذي يهدف إلى قياس العزم المغناطيسي للبروتونات المضادة، أي مدى قوة تفاعلها مع الحقول المغناطيسية.


مع أن الكيوبتات غالبًا ما ترتبط بالحوسبة الكمومية، سيُستخدم الكيوبت المصنوع من البروتون المضاد في هذه الحالة لاختبار الفروقات المحتملة بين المادة العادية والمادة المضادة. وسيساعد تحديدًا في البحث عن تفسير لكون المادة العادية هي المهيمنة على كوننا، رغم تساوي كميات المادة والمادة المضادة عند حدوث الانفجار العظيم.


لكل من البروتون والبروتون المضاد الكتلة ذاتها لكن بشحنات متعاكسة. في الفيزياء، يُشار إلى خواص التناظر بين المادة والمادة المضادة بمصطلح تناظر الشحنة-التكافؤ-الزمن .ينص هذا المبدأ على أن الجسيم ونقيضه يخضعان لنفس القوانين الفيزيائية بطريقة متماثلة، ما يعني أن كل منهما يختبر الجاذبية أو الكهرومغناطيسية بالقوة نفسها، مثلًا. وقد اختُبر هذا فعليًا، إذ ثبت أن البروتونات المضادة تسقط بنفس معدل سقوط البروتونات العادية.


على هذا –نظريًا- عند نشوء الكون، كان من المفترض أن تكون هناك فرصة متساوية لإنتاج الجسيمات، مادةً أو مادةً مضادة. لكن، بطريقة غير مفهومة، لم يحدث ذلك. وهو أمر غريب.


ومع ذلك، مكّن الجهاز المستخدم في تجربة بيس الفيزيائيين من اتخاذ خطوة أبعد.


مغامرات البروتون المضاد


عندما تتلامس المادة والمادة المضادة، تفني إحداهما الأخرى في ومضة من فوتونات أشعة غاما. لذا، يجب على بيس إبقاؤهما منفصلين. لتحقيق ذلك، يستخدم الباحثون ما يُعرف بمصائد بيننغ ،التي تُبقي الجسيمات المشحونة في موضعها باستخدام توزيع دقيق للحقول الكهربائية والمغناطيسية. يحتوي جهاز بيس على مصيدتين رئيسيتين: الأولى تُسمى مصيدة التحليل، التي تقيس السبق المغزلي للعزم المغناطيسي حول مجال مغناطيسي، والثانية هي مصيدة الدقة، التي تستطيع قلب اللف المغزلي الكمومي للجسيم وقياس تذبذبه ضمن المجال المغناطيسي.


تُخبرنا فيزياء الكم أن الجسيمات تولد في حالة من التراكب الكمومي. مثلًا خاصية اللف المغزلي الكمومي، وهي واحدة من غرائب العالم الكمومي. رغم التسمية، فإن اللف المغزلي لا يشير إلى دوران فعلي للجسيم، بل يصف خاصية تشبه الدوران. كيف نعلم أنه ليس دورانًا فعليًا؟ لأن خصائص اللف الكمومي تعني، إن كان حقيقيًا، أن الجسيمات ستدور بسرعات تتجاوز سرعة الضوء، وهو أمر مستحيل.


لذا، فإن للجسيمات الأساسية مثل الإلكترونات والبروتونات والبروتونات المضادة قيمًا محددة للّف المغزلي، وإن لم تكن تدور فعليًا. يمكن التعبير عن هذه القيم أعدادًا صحيحة أو كسور. تبلغ قيمة اللف المغزلي للبروتون والبروتون المضاد ±½، وهو ما يولد العزم المغناطيسي للجسيم.


بفضل سحر التراكب الكمومي، الذي يصف وجود جميع الحالات الكمومية الممكنة بتزامن في دالة الموجة الكمومية للجسيم، يمكن للبروتون أو البروتون المضاد أن يملك لفًا مغزليًا قيمته +½ و–½ في الوقت ذاته. على الأقل حتى قياسه، ما يؤدي إلى انهيار دالة الموجة إلى قيمة واحدة فقط.


هذا من غرائب العالم الكمومي، فللجسيمات جميع الخواص الممكنة في آن واحد إلى أن تُرصد، تمامًا كما في تجربة قطة شرودنغر التي تكون حية وميتة في الوقت ذاته داخل صندوق، حتى يُفتح الصندوق. في الواقع، أي تفاعل مع العالم الخارجي يؤدي إلى انهيار دالة الموجة، في عملية تُعرف باسم فقدان الترابط الكمومي.


أما سبب حدوث ذلك فما زال محل جدل كبير بين مختلف تفسيرات ميكانيكا الكم.


مع ذلك، بإعطاء بروتون مضاد موضوع بدقة في مصيدة الدقة كمية محددة من الطاقة، تمكن العلماء من الحفاظ عليه في حالة تراكب كمومي دون أن يفقد ترابطه مدةً تصل إلى 50 ثانية، وهو رقم قياسي للمادة المضادة. (تحقق ذلك سابقًا مع جسيمات من المادة العادية مدةً أطول بكثير). وبهذا، كوّنوا كيوبتًا من البروتون المضاد.

 



المصادر:


الكاتب

لور عماد خليل

لور عماد خليل
ترجمة

لور عماد خليل

لور عماد خليل
تدقيق

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة