أدى الاكتشاف الجديد المتعلق بتقنية mRNA الحائزة على جائزة نوبل الأكثر استخدامًا ضمن بعض لقاحات كوفيد-19 إلى حث العلماء على النظر مرة أخرى في عملية تصميم اللقاحات.

بواسطة إجراء تعديل صغير، يأمل فريق الدراسة على تحسين علاجات mRNA المستقبلية – لكن ترك الإعلان بعض القلق بشأن التقارير التي تقول بوجود تأثيرات غير مستهدفة، أي آثار جانبية ناجمة عن استعماله.

لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال mRNA:

من المهم معرفة أن لقاحات mRNA هي نهج جديد نسبيًا، وقد اختبرت جميع لقاحات كوفيد-19 بدقة من أجل السلامة والفاعلية قبل إعطائها إلى البشر. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO) تبيّن أن هذه اللقاحات أنقذت ملايين الأرواح، وتوفر حماية قوية ضد الأمراض الخطيرة والاستشفاء والموت.

ما يزال اللقاح هو أفضل دفاع ضد العدوى الشديدة مع ظهور متغيرات جديدة للفيروس، لكن كان لدى بعض الناس مخاوف في البداية حول هذا المفهوم وهذه التكنولوجيا الجديدة.

يمكن تهدئة بعض هذه المخاوف التي تقول أن لقاحات mRNA قد تغير الحمض النووي، وهو أمر يمكن إثبات عدم صحته بسهولة.

أما الآثار الجانبية الأخرى المبلغ عنها، مثل التأثير في الدورة الشهرية، وارتباط اللقاح بإحداث حالات التهاب عضلة القلب المرتبطة باللقاح -خاصة عند الذكور صغار السن- فيوجد الآن أدلة تدعمها. ومع ذلك، فللقاح كوفيد-19 فوائد تفوق المخاطر بوضوح.

وفقًا لأحدث دراسة مبنية على التطورات السابقة وبواسطة تحديد التعديل الكيميائي الموجود في بعض جزيئات mRNA المدرجة ضمن هذه اللقاحات التي قد تسبب انزلاق سلسلة mRNA في أثناء فك تشفيرها ضمن الخلية، وجد الباحثون -بقيادة فريق وحدة علم السموم MRC في جامعة كامبريدج- أن وجود التعديل -المسمى N1-methylpseudouridine- يتسبب في حدوث استجابة مناعية غير مقصودة عند حوالي الثلث من 21 مريضًا مُلَقّحًا ضمن هذه الدراسة.

أوضح البروفيسور نيل مابوت، خبير المناعة من جامعة إدنبرة الذي لم يشارك مُباشرةً في الدراسة: «عُدّلت بعض الجزيئات داخل عدة أنواع من اللقاحات لجعلها أكثر متانة ولمنع أجهزة المناعة من تدمير اللقاحات قبل أن يكون لديها الوقت لتحفيز الاستجابة المناعية ضد فيروس كورونا. ومع ذلك، أظهر المؤلفون في هذه الدراسة أن هذه التعديلات قد تسبب أحيانًا عدم قدرة الخلية على قراءة mRNA للقاح، من خلال عملية تُعرف باسم تغيير الإطار. وهذا قد يؤدي إلى صنع نسخ غير طبيعية من البروتينات الشوكية لفيروس كورونا».

بواسطة تصحيح السلاسل البروتينية الأكثر عرضة للأخطاء الكيميائية، تمكن الفريق من إعادة تصميم لقاح mRNA بفاعلية، الذي ينتج البروتين المقصود فقط، وبالتالي يُحفز الاستجابة المناعية المطلوبة.

زاد البحث من فهم كيفية عمل هذه اللقاحات، وسيساعد على ضمان عدم التخوف من الاستخدامات المستقبلية لهذه التكنولوجيا ضد أمراض أخرى بسبب هذه المشكلة.

ماذا تعني النتائج؟

أولًا ما يجب توضيحه هو أنه من الممكن نظريًا أن تكون الاستجابة المناعية غير المقصودة أو «غير المستهدفة» غير ضارة. في هذه الحالة، فإنها لا تسبب أي آثار سيئة للمرضى. ولا يوجد شيء موجود في هذه الدراسة يوفر أي سبب للشك في بيانات السلامة الشاملة للقاحات mRNA كوفيد-19، ولا ينبغي أن يكون هناك أي سبب للقلق من قبل الأشخاص الذين تلقوا بالفعل لقاح Pfizer أو Moderna.

علقت البروفيسور شينا كروكشانك، اختصاصية المناعة في جامعة مانشستر، ولم تشارك في الدراسة: «لم تتطرق الورقة البحثية لاستجابات الأجسام المضادة بعد لقاح mRNA. وبالتالي، فمن غير الواضح أن هذه الآلية المحتملة لها أي تأثير في فاعلية التطعيم الحالية أو سلامته. ومع ذلك، فهذه دراسة مهمة تعزز ما نعرفه وكيف نستخدم لقاحات mRNA».

من الصحيح أن اللقاحات، مثل أي علاج طبي، تسبب آثارًا جانبية لدى بعض الأشخاص، لكن الخبراء يقولون إنه في الوقت الحالي لا يوجد سبب للاعتقاد بأن أي آثار جانبية كانت نتيجة لمشكلة تغيير الإطار هذه.

قال البروفيسور ستيفن جريفين، أستاذ مختص بأمراض السرطان في جامعة ليدز، ولم يكن جزءًا من فريق الدراسة: «لا يوجد دليل يشير إلى أن النتائج الواردة في هذا البحث تتعلق بهذه الآثار الجانبية. بطبيعة الحال، يجب التأكد من النتائج بما لا يدع مجالاً للشك في أثناء التقدم».

باختصار، تدور الدراسة حول كيفية تحسين تقنية mRNA لمواصلة تطوير لقاحات جديدة تغير القواعد في المستقبل، بدلاً من تحديد مشكلات خطيرة ناجمة عن اللقاحات الحالية.

أوضح كبير المؤلفين المشاركين الدكتور جيمس ثافينثيران في بيان يظهر عرض للحمض النووي الريبي «المقاوم للانزلاق» وهو مساهمة حيوية تضمن السلامة المستقبلية لهذه المنصة الطبية: «نحن بحاجة إلى التأكد من أن لقاحات mRNA موثوقة مستقبلًا».

وأضافت البروفيسور آن ويليس: «هذه العلاجات الجديدة تبشّر بالكثير وتساهم بعلاج مجموعة واسعة من الأمراض. ومن الضروري أن تكون هذه العلاجات مصممة لتكون خالية من الآثار الجانبية غير المقصودة».

نُشرت الدراسة في مجلة Nature.

اقرأ أيضًا:

كيف طورنا لقاحات كوفيد-19 بهذه السرعة دون المساس بأمانها؟

خبراء التجارب السريرية يشرحون لماذا يجب التفاؤل بلقاحات كوفيد-19

ترجمة: سارة دامر

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر