إلى أي مدى قد ترتفع ديون الولايات المتحدة قبل أن تؤدي إلى أزمة مالية؟

13 أكتوبر 2025
20 مشاهدة
0 اعجاب

إلى أي مدى قد ترتفع ديون الولايات المتحدة قبل أن تؤدي إلى أزمة مالية؟



تثير مسألة ارتفاع الدين العام الأمريكي جلبةً واسعة في الوسط السياسي السياسي الأمريكي، كان أحدث تجلياتها طرح مشروع قانون تخفيض الضرائب الذي يناقشه حاليًا مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي سيضيف 3 تريليونات دولار إلى الديون الأمريكية. أشعل هذا خلافًا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره السياسي السابق إيلون ماسك، إذ وصف ترامب مشروع القانون بالرائع، في حين وصفه ماسك بالمثير للاشمئزاز.


أُصيب المستثمرون الأجانب بالقلق بسبب محاولات ترامب قلب النظام التجاري العالمي رأسًا على عقب. فقد اعتاد المستثمرون عند اندلاع الحرب في الشرق الأوسط اللجوء إلى الملاذ الآمن وهو شراء الدولار الأمريكي، لكن الدولار لم يتحرك تقريبًا، ما يشير إلى أن الأصول الأمريكية لا تُعد الملاذ الآمن كما في السابق.


في هذا السياق، أوضح رئيس صندوق الثروة السيادية الأسترالي غريغ كومبيت بعض المخاطر الناتجة من السياسة الأمريكية التي استحدثها ترامب. في حين يتوخى المستثمرون الحذر من السياسات الاقتصادية الأمريكية، يصبح تراكم الديون الأمريكية أمرًا غير مستدام، ما قد يؤدي إلى حدوث أزمة مالية. لكن متى قد يحدث ذلك؟


احتفاظ القطاع العام بقدر من الديون:


عند الحديث عن استدامة ديون الحكومة الأمريكية، علينا أن نميز بين الدين الإجمالي والدين العام. الدين العام يعود للأفراد والشركات والحكومات الأجنبية والمستثمرين، ويمثل نحو 80% من إجمالي الدين الأمريكي. أما النسبة المتبقية فهي ديون حكومية داخلية تعود إلى الوكالات الحكومية والاحتياطي الفيدرالي. تجدر الإشارة إلى أن الدين العام هو المقياس الأصح لديون الحكومة الأمريكية، وهو أقل بكثير من المبلغ الإجمالي للدين الحكومي الرئيسي، الذي كثيرًا ما يُذكر، ويبلغ 36 تريليون دولار أمريكي أو 121% من الناتج المحلي الإجمالي.


هل من حد أقصى للدين الحكومي؟


إن الحكومات ليست مثل الأسر المعيشية. فبإمكانها تجديد الديون إلى أجل غير مسمى ولا تضطر تقنيًا إلى سدادها كما هو الحال في بطاقات الائتمان الشخصية. تقنيًا، لا يمكن لدول مثل الولايات المتحدة تُصدر ديونًا بعملتها الخاصة أن تتخلف عن السداد إلا إذا اختارت هي ذلك.


جدير بالذكر أن للديون دورًا مهمًا في الاقتصاد الوطني. فهي الطريقة الرئيسية التي تمول بها الحكومة مشاريع البنية التحتية. وهي قناة مهمة للسياسة النقدية، لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يحدد سعر الفائدة القياسي الذي يؤثر في تكاليف الاقتراض في جميع جوانب الاقتصاد. ولأن الحكومة الأمريكية تُصدر السندات المعروفة باسم سندات الخزانة لتمويل الديون، فهي تعبر من أبرز الأصول المالية للمستثمرين.


غالبًا يوجد حد معين لمقدار الدين الذي يمكن للحكومة الأمريكية إصداره. لكننا لا نعرفه تحديدًا، ولن نعرف ذلك حتى نبلغه. إضافةً إلى أن وضع العملة الاحتياطية للولايات المتحدة يمنح الحكومة الأمريكية هامشًا أكبر للمناورة من الحكومات الأخرى. بسبب الدور المهيمن للدولار الأمريكي في التمويل الدولي، كونه العملة الأولى في احتياطي العملات الأجنبية لدى دول العالم.


أسعار الفائدة ترتفع:


يبقى العامل الأهم في كل ما يجري قدرة الحكومة على خدمة ديونها، أي سداد تكلفة الفائدة. هذا يعتمد على عنصرين: النمو في النشاط الاقتصادي، وسعر الفائدة على الدين الحكومي. فإذا كان متوسط النمو الاقتصادي أعلى من معدل الفائدة، فإن تكلفة الفائدة الفعلية للحكومة تكون سالبة ويمكنها تحمل عبء ديونها الحالية باستدامة.


ارتفعت تكلفة الفائدة على الديون الحكومية الأمريكية حديثًا بعد سلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة أقرها بنك الاحتياطي الفيدرالي عامي 2022 و2023 لتهدئة التضخم.


في سابقة تاريخية، تنفق الحكومة الأمريكية الآن على مدفوعات الفائدة أكثر من إنفاقها حتى على الدفاع، 882 مليار دولار أمريكي سنويًا. وسيبدأ ذلك قريبًا بمزاحمة الإنفاق في مجالات أخرى، ما لم تُرفع الضرائب أو يُجرى المزيد من التخفيضات في الإنفاق.


قرارات سياسية غير مساعدة:


من المتوقع أن تؤدي الاضطرابات الناجمة عن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب التي تُسمى تعريفات يوم التحرير، وتزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسة الحكومة المستقبلية، إلى إضعاف النمو الاقتصادي الأمريكي وزيادة التضخم. قد يؤدي ذلك، بالترافق مع التخفيض الائتماني الأخير لديون الحكومة الأمريكية، إلى الضغط على أسعار الفائدة الأمريكية لترتفع، ما يزيد من تكلفة خدمة الدين الحكومي الأمريكي.




المصادر:


الكاتب

محمد ياسر الجزماتي

محمد ياسر الجزماتي
تدقيق

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة