منذ بداية هذا العام، تضاعف سعر الكاكاو المتداول في بورصة العقود الآجلة، فقد ارتفع من 4275 دولارًا أمريكيًا للطن إلى 9481 دولارًا أمريكيًا بعد أن وصل في وقت سابق إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 10274 دولارًا أمريكيًا.

لذا فمن الطبيعي أن نتوقع ارتفاع أسعار الشوكولاتة، وأن نتوقع حصول مزارعي الكاكاو على المزيد.

لكن بقدر ما يبدو الأمر مفاجئًا، تشير التوقعات إلى عدم احتمال حدوث أي من الأمرين، مع أننا نتوقع بكل تأكيد ارتفاع أسعار الشوكولاتة.

ارتفع سعر الكاكاو جنونيًا بسبب الحرارة الشديدة والأمطار التي أضرت بالمحاصيل في غرب أفريقيا. ومن المتوقع أن تنخفض العائدات للسنة الثالثة على التوالي. ومع حدوث ذلك، أدى تغير المناخ والتصحر إلى تقليص مساحة الأراضي المناسبة لزراعة الكاكاو، في الوقت نفسه الذي استمر فيه الطلب على الكاكاو في النمو.

تعني الزيادة البالغة 5000 دولار أمريكي للطن زيادة قدرها نصف دولار لكل 100 جرام.

تحتوي وجبة خفيفة من الشوكولاتة تزن 45 جرامًا على نحو 15% من الكاكاو، لذا فهي تحتوي على سبعة جرامات. وهذا يعني أن زيادة سعر الكاكاو بمقدار 5000 دولار أمريكي للطن لن تؤدي إلا إلى زيادة تكلفة وجبة خفيفة نموذجية من الشوكولاتة بنحو أربعة سنتات أمريكية. ولكن بالفعل هذا العام ارتفع سعر ألواح الشوكولاتة الجاهزة أكثر.

في أوروبا، رفعت شركة مونديليز (التي تصنع كادبوري) الأسعار بنسبة 12-15%. وفي الولايات المتحدة، رفعت شركة مارس الأسعار بنسبة 15%.

تأتي هذه الزيادات على رأس الزيادات الضخمة في عام 2023. في العام الذي كان من المفترض أن تؤدي فيه أسعار الكاكاو إلى رفع تكلفة الكاكاو في وجبة خفيفة نموذجية وزنها 45 جرامًا أقل من سنت أمريكي واحد (أقل من سنتين أستراليتين)، زادت شركة مونديليز بعض الأسعار بنسبة 15% ونستله بنسبة 9.5%.

أيضًا قلصت شركتا مارس ونستله بعض قطع الشوكولاتة الخاصة بها، وهذا لا يعني بالضرورة زيادة الربح.

هناك الكثير مما يدخل في صناعة الشوكولاتة إضافة إلى الكاكاو، فمن بين المدخلات الأخرى السكر والحليب والفواكه المجففة والمكسرات وعمالة المصانع والتغليف والتوزيع.

لكن هذا يعني أن الانفجار الأخير في أسعار الكاكاو لا يفسر الكثير عما حدث لأسعار الشوكولاتة.

ارتفاع سعر الكاكاو ليس لصالح المزارعين:

في بعض البلدان، لا يحصل 90% من مزارعي الكاكاو على دخل معيشي جيد، إذ يعيش العديد من مزارعي الكاكاو البالغ عددهم 800 ألف في غانا على دولارين فقط في اليوم.

يبلغ متوسط مساحة مزرعة الكاكاو في غرب أفريقيا ثلاثة إلى أربعة هكتارات فقط، وتنتج أقل من طن واحد سنويًا. وهذه هي الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم عمالة الأطفال والعمل القسري وإزالة الغابات، وهو ما يساهم في حد ذاته في تغير المناخ.

في ظاهر الأمر، يساعد ارتفاع الأسعار نوعًا ما، إذ يسمح للمزارعين بتعليم أطفالهم بدلاً من تشغيلهم.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فمع أن بعض المزارعين يحصلون على المزيد من المال مقابل طن الكاكاو، ينتج العديد منهم أطنانًا أقل نتيجة لتضرر المحاصيل.

لا يحصل المزارعون على أسعار العقود الآجلة:

السبب في هذا أن حكومات كوت ديفوار وغانا -اللتين تنتجان 60% من إنتاج الكاكاو في العالم- تعملان على تثبيت سعر الكاكاو في أرض المزرعة، ولذلك فإن ما يحدث في سوق العقود الآجلة ليس له أهمية مباشرة تذكر.

قد لا تستمر أسعار العقود الآجلة بالارتفاع. فإذا أصبح التجار أقل قلقًا بشأن ارتفاع الأسعار، يمكن أن تنخفض أسعار العقود الآجلة المرتفعة الحالية قبل أن يجري إدخالها في الأسعار المدفوعة للمزارعين.

إضافةً إلى ذلك، يحصل المزارعون على القليل جدًا من السعر، وفقًا لأحد التقديرات يحصلون فقط على 6-7٪ من السعر. ويحصل منتجو منتجات الكاكاو على 40-45%، والباقي يغطي تكاليف النقل والتكاليف ذات الصلة.

الأهم من ذلك، تشير تقديرات الباحثين إلى أن المزارعين سيحتاجون -للوصول إلى دخل معيشي- إلى الحصول على ثلاثة إلى أربعة أضعاف ما كانوا يحصلون عليه، لا مجرد ضعف ذلك المبلغ.

وعندما يرتفع سعر الكاكاو، تميل التكاليف الأخرى في تلك المجتمعات الفقيرة إلى الارتفاع أيضًا، ليس فقط الضروريات مثل الأرز وإنما أيضًا الأشياء اللازمة لزراعة الكاكاو مثل الأسمدة.

تهدف شركة مارس إلى مضاعفة دخل مزارعي الكاكاو في كوت ديفوار وإندونيسيا بحلول عام 2030.

لكننا ما نزال بعيدين عن دفع أجور المزارعين على نحو صحيح. مع أننا ندفع بالتأكيد المزيد مقابل الشوكولاتة، فإن القليل منها يذهب الآن إلى المنتجين النهائيين لأهم موادها الخام.

اقرأ أيضًا:

دعوات لتطبيق ضريبة الثروة في أوروبا فهل ستنجح؟

الاقتصاد الروسي الآن مرتبط تمامًا بالحرب على أوكرانيا

ترجمة: دياب حوري

تدقيق: تسنيم المنجد

المصدر